اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تحيات عطرة.. للشيوعيين!

تحيات عطرة.. للشيوعيين!

نشر في: 4 إبريل, 2016: 09:01 م

من سوء حظ هذا العمود أنه يُنشر بعد أيام من احتفالات الشيوعيين العراقيين بعيد تأسيس حزبهم، ولنا في المثل الفرنسي أسوة حسنة: أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي.
تحت إلحاح ضمير لم يزل يحتفظ بنبض خارج أضلاع المثلث، محاولاً بلوغ ما هو أبعد من محيط الدائرة، وجهتُ تحيتي، عبر الفيسبوك، إلى الشيوعيين العراقيين، لأنها الطريقة الأسرع للقاء القلوب والقلوب، والأيدي بالأيدي. قد لا تكون مثل هذه التهاني بدافع آيديولوجي أو حزبي، لكنها من باب الموقف الأخلاقي من قضية العدالة التي لم تزل تشغل أفكار العالم من أقصاه إلى أقصاه، وبعد أن جرت مياه كثيرة تحت جسور العالم ثمة مياه لم تزل تبحث عن مسرب: مياه الوقوف ضد الظلم وريِّ الشجرة الغريبة في الأرض الغريبة، وهي شجرة لم تزل تجرب الظفر ضد الأنواء، بما يشبه الرسالات الكبرى، ما أخفق منها وما نجح. هل نجحنا؟؟كتبت في الفيسبوك:الشيوعيون ملح الأرض، من دونهم سيكون طعمها بلا طعم. ولأنها تهنئة لا يحتمل البروتوكول أن أقول: رغم أن هذا الملح رفع ضغط دم الكثيرين منا، مئات المرات، فرادى وجماعات!
وكتبت:"أولى المغامرات الكبرى واللذيذة ،
الكتاب الأول، الفكرة المبكرة بشأن معضلة الحرية،
حب القراءة، ثم الكتابة، الموقف من الظلم لا يتجزأ في صفوف الثوريين أم الاستبداديين.،
عبور القومية والدين والطائفة،المحاولة المستمرة للتمسك بالوطن كي أكون ابن العالم. الروح النقدي جوهر كل فكرة ثورية. التغيير الحقيقي يبدأ من الذات. الإنسان أعلى من أية راية. تلكم بعض المبادئ الأساس التي تعلمتها من الشيوعية". على أن الشيوعية، فكرة، يتخذها الناس، كما الله، كلّ يرسمه على وفق ما يفهم ويحس ويحلم. حتى أن الكثيرين قدسوها، كما الله، وهي ليست مقدسة أبداً. "مغامرة كبرى ولذيذة" نعم، لمراهق لم يجد كُوَّة غير الحزب الشيوعي ينفذ منها إلى الضوء ويستقبل الضوء، هل ثمّة أكبر من مغامرة أن يعتنق المرء "فكرة" قد تودي به إلى الموت، وأكثر لذة من اكتشاف تاريخ العالم عبر كارل ماركس؟؟
السلطات العربية، عبر تاريخها، موكّلة بقتل الشيوعيين، وأصدقائهم، والقريبين منهم، من نواكشوط إلى إلى بغداد.
شخصياً، شكلت لي "الفكرة" مثار قلق وجدل مع نفسي، دهراً، ولم تزل. لا أريد لهذا العمود الاحتفالي أن يكون نكداً ولا نقداً، فثمة طرق أخرى. هل الشيوعية فكرة خاسرة؟
نعم، فكرة خاسرة، بقياس الربح، فالظافرون هم الأباطرة والملوك والدكتاتوريون ورجال الأعمال القتلة ومن يعمل تحت إمرتهم.
لكنه ظفر عابر. أين هم الآن؟
ظفر الشيوعية قليل، لكنه كبير، لأنها الفكرة/الحلم، وأعظم مغامرات البشرية بدأت بأحلام، ومنها ما بدا أوهاماً. شيء من الخيال ضروري للعالم. هذا ما حمله لي أول الكتب وأنا مراهق.
"فكرة" خطرة؟ نعم. متى كانت الأفكار الوديعة مثار دهشة؟
أردت، مما كتبت في الفيسبوك، من أن "الإنسان أعلى من أية راية" أن لا تكون "الفكرة" يقيناً مقدساً، فتتحول إلى دين.
أطرف ما تلقيت من رسائل هو رسالة على الخاص في الماسنجر من صديقة عزيزة:عواد! أيها الخائن للبرالية. ماذا دهاك؟
فرددت: أن أكون خائناً للبرالية أشرف من أن أخون تاريخي.
أنا لست شيوعياً فالنظام الداخلي لا يتيح لي هذا، لأنني خارج شروط النظام الداخلي. ثم أنني متقاعد!  
الكتب التي دسّها شيوعيون عراقيون أكبر سناً مني، مراهقاً، هي التي علمتني أن أقول ما قلت.
رغم ضغط الدم الذي يورثه ملح الأرض.. أهنئكم، صديقاً، لا أكثر ولا أقل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. kassim

    أتذكر شعار آيام البعث الصدامي: كل العراقيين بعثيين وإن لم ينتموا. كثير من وجد نفسه -خارج هذا الكهف- لم يتعود شروط الحياة خارجه وبقي مثلما كان ولربما افضل ،داخل الكهف أفكاره منسجمة ومبررة ،لكن في الخارج نوع من السوريالية المضحكة،مثالكَ أولاً ثم الرفيق كا

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram