عمار احمدإذا كان الكتاب رئةً ثالثة في زمن الهدوء، فهو الأوكسجين في زمن الضيق والاختناق. وهو العتبة الأهم للتجول والتحول، عندما يضيق المكان ويتسمر الوقت. وعندما نتحدث عن الكتاب فإننا ضمنا نتحدث عن القراءة الورقية، مع ان الإلكترونية صارت حاضرة بق
عمار احمد
إذا كان الكتاب رئةً ثالثة في زمن الهدوء، فهو الأوكسجين في زمن الضيق والاختناق. وهو العتبة الأهم للتجول والتحول، عندما يضيق المكان ويتسمر الوقت. وعندما نتحدث عن الكتاب فإننا ضمنا نتحدث عن القراءة الورقية، مع ان الإلكترونية صارت حاضرة بقوة الآن، ولكن للكتاب خصوصيته، وفضائله التي لن يرقى إليها الكتاب الإلكتروني – مع أهميته- لأسباب عديدة لا مجال لذكرها في هذا الاستطلاع القصير.
إن القراءة فعل لا يقل أهمية عن التأليف نفسه، لأنه ببساطة البعد المكمل لأي مؤَلَّف، والشخص القارئ سيكون الموازي لأي مؤلِّف- أتحدث هنا عن القارئ الممتاز الفعال طبعا- فالقراءة في هذه الحال فعل يتجاوز إعادة الإنتاج إلى مرحلة استنباط منتج جديد ستمليه خصوصية ثقافة القارئ، فصلا عن زمن قراءته، ومكانها. من هذا الفهم أرى أن أحد أهم أسباب السكون، بل التدهور الذي نعانيه، هو تدهور القراءة، بعد إهمالها. لذا لا بد من قول: إن معرض الكتاب الدولي السنوي في أربيل يعد فعلا حضاريا محركا مضادا للسكون، الحياة مفردة عظيمة مسكونة بمعنى عظيم هو الحركة، والمعارض الكبيرة المستقطبة لدور نشر محلية مهمة وعربية وعالمية، أفعال حاملة للحركة فهي قوة متفاعلة طرديا مع قوة الحياة في محمولها الأعظم الحركة .. أخيرا القراءة فعل توازن وتكميل للحياة المؤسسة على الخلل والنقصان..
الاكاديمي موسى الحوري
مع انطلاق فعاليات معرض اربيل للكتاب يحدوني الشوق لمعانقة القراءة والاستمتاع باوقات هذا الانيس الذي نفتقده يوما بعد الاخر، فالقراءة والكتاب بالنسبة لي هما نشاط عصبي وفيزيائي وتحليل لمضمون الادراك الحسي لرموز الخط، فالقراءة هي نشاط استباق وتنظبم وتأويل، وهي ايضا نشاط عاطفي يكمن في جاذبيتها التي تكمن في الاحاسيس التي تثيرها القراءة في الشعور بالغيرة والشفقة والمودة والبغض، وكلما كبرت موهبة الكاتب كبرت صعوبة مقاومة انفعالاتنا للمقروء، وكذلك تعد القراءة نشاطا حجاجيا يكمن في موقف القارئ بما يقرأ من حجج مطروحة فيقبلها او يرفضها مثلما القراءة ايضا تؤثر وتتأثر بالبيئة والثقافة والوعي الجمعي، معرض اربيل للكتاب ظاهرة ثقافية عراقية محاكية للثقافة الفكرية التي يحملها الكاتب العراقي والعربي وهي ايضا واجهة فكرية وانتفاضة أدبية رسخت فكرة أن نقرأ، بغضّ النظر عن القومية واللغة والدين، فالحس الانساني والقيم الفكرية والادبية هي الاواصر التي يجتمع القرّاء لأجلها وفيها وينطلقون منها، أتمنى من كل مهتم بالشأن الثقافي وفي الكتاب أن ينتفض على ماغطّاه من غبار الظلم والنزوح والفقر والعوز والحرمان ومشاغل اللهو والرتابة وأن يتصالح مع القراءة الحسية واللمسية المثمثلة بالكتاب وان يشارك بأية صورة ويستمتع بلحظة القراءة في كتاب يستيقظ صباحا فيجده ملقى على السرير أو تحته، ونتمنى أن تُستنسخ هذه الفعالية المهمة في محافظات أخرى لتكون لغة الفكر والتنوير والادب والشعر هي اللغة التي نحارب الظلاميين فيها وأن يكون عبق ورائحة الكتاب هو البديل والافضل من لغة البارود والنار.