هذه أهمّ وأصدق كلمة يقولها سياسي من أقطاب السلطة القائمة في البلاد الآن على مدى الأشهر الأخيرة. قالها أمس رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم الذي قال إن الأزمة التي تعيشها الطبقة السياسية المتنفذة " ليست أزمة حكومة وإنما أزمة هوية".
المشكلة على الدوام لم تكن في أنّ الوزراء بعضهم أعور أو أعمى أو أصمّ أو أعرج. والمشكلة لم تكن في أنّ الوزراء شيعة أو سنّة، أو عرب أو كرد أو تركمان، أو مسلمون أو مسيحيون أو صابئة مندائية أو إيزيدية أو علمانيون أو لا دينيون. المشكلة مع النظام السياسي الذي أقامه الأميركيون والبريطانيون والطبقة السياسية المنبثقة في ما بعد 9/4/2003، والمشكلة مع هذه الطبقة السياسية ومع ممثليها في البرلمان والسلطة التنفيذية والقضاء والهيئات "المستقلة"، هي التي أقرّ بها السيد الحكيم أمس... مشكلة الهوية، وبالذات الهوية الوطنية.
النظام السياسي الذي ترسّخ على قاعدة المحاصصة، لم يفرز حتى الآن رئيساً للدولة أو رئيساً للبرلمان أو رئيساً للحكومة أو رئيساً للقضاء أو نواباً لهم أو وزراء أو وكلاء لهم أو رؤساء هيئات "مستقلة" لا يعملون تحت ضغط وتأثير الهوية القومية أو الدينية أو الطائفية أو الحزبية أو حتى القبلية. كلهم – باستثناءات محدودة للغاية - وضعوا الهوية الوطنية جانباً، بل رماها بعضهم في مكبّ النفايات.
ليست أزمة حكومة هذه التي تنطحن البلاد تحت حجري رحاها، بل أزمة هوية.. هوية وطنية بالتحديد. الناخبون الذاهبون إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية أو المحلية لا يعطون أصواتهم للمرشحين الوطنيين، النزيهين والأكفاء بالضرورة .. يمنحونها للطائفي والقومي والحزبي والقبلي. والكتل البرلمانية عندما تختار وزراءها لا تنتخبهم على أساس الوطنية والنزاهة والكفاءة. إنها تنتقي الفاسدين تحديداً، أو الأقل كفاءة وخبرة لتضمن إفسادهم في الحال. ويسري هذا على مناصب الوظائف العليا في جهاز الدولة. ثمّة استثناءات بالتأكيد، لكنها محدودة للغاية، حتى لنكاد ألّا نراها بالعين المجرّدة.
نعم هذا هو الحاصل الآن، والحاصل منذ عشر سنوات في الأقل، فما تريده الأحزاب والكتل وتطلبه قبل غيره وأكثر من غيره هو المال. وفي هذا يكمن السر في هذا الدفاع الضاري المستميت عن "الاستحقاق المكوّناتي"، فليس ثمة استحقاق يتعلق بالنزاهة والكفاءة والوطنية، لأنه ليس ثمة هوية وطنية تطغى أو تتقدم على الهوية الطائفية أو القومية أو الحزبية أو القبلية عند "مكوّنات" الطبقة السياسية المتنفذة حالياً.
السؤال الآن: مادام السيد الحكيم قد أدرك أخيراً أنّ الأزمة هي أزمة هوية وليست أزمة حكومة، ما تراه فاعلاً ليتخلّى هو وحزبه، ثم هو وائتلافه "الوطني" عن هويّته الطائفية المختفية دائماً وأبداً خلف "الاستحقاق المكوناتي"، ليقدّم الأمثولة المطلوبة باستعادة الهوية الوطنية من مكبّ النفايات ووضعها في صدارة الطاولة؟
عن أزمة الهويّة
[post-views]
نشر في: 9 إبريل, 2016: 04:46 م
جميع التعليقات 4
ابو سجاد
لاوالله ياسيدي لن يتخلى هو ولاحزبه ولاائتلافه عن الهوية الطائفية وما تصريحه هذا الا استهلاك سياسي لايجدي نفعا وانه كبير المنافقين الذي علمهم النفاق وما ينبغي فدعه اولا ان يتنازل عن الاملاك التي اغتصبها وتبعيته الى الولي الفقيه ومن ثم يتنازل عن هويته الطا
د عادل على
الشعب العراقى الدى هو عبارة عن مخلوط دينى ومدهبى وقومى وعلمانى لم ينتخب فى الحقيقه الرجال الدين يقودونا------الدى انتخب اعضاء المؤسسه السياسيه والاداريه هو القصر الابيض وهدا جرى قبل 3 نيسان عندما دعى الرئيس الامريكى جورج بوش المعارضه العراقيه الى الحض
بغداد
دائماً انت يا استاذ عدنان حسين تضع النقاط على الحروف احسنت ووفيت في مقالك هذا وما اشرت له كنصيحة لعمار الحكيم ان يتخلى هو وحزبه الوطني وهو وائتلافه عن هويته الطائفية ! بما معناه ليبدأ من نفسه ولا يجادل لان عموري يتعامل مع الشعب العراقي كأنهم قطيع من ال
علاء البياتي
هذا ما نقوله بعد2003 من جاء الى الحكم ليس من اجل الشعب بل من اجل مصالح الدول التي ترعاه مثل ايران والسعودية وبريطانيا وامريكا وإسرائيل ..هذا أولا ولتحقيق هذا الهدف وضعوا الطائفية أولا وهذا حال الإسلام السياسي والقومية الشو فينيه وهذا حال الأحزاب الكردية و