لا أظن أن هذه هي الطريقة الصحيحة لتشكيل حكومة جديدة، بوصفها خطوة أولى على طريق التغيير أو الإصلاح السياسي الذي يطالب به الرأي العام العراقي، فنحن لسنا بإزاء تشكيل فريق كشافة أو جمعية تعاونية أو منظمة خيرية، كيما يعرض رئيس الوزراء تشكيلة وزارية بعد أخرى ويطلب من مجلس النواب القبول بها كلاً أو جزءاً، أو رفضها كلاً أو جزءاً، أو تعديلها بحسب ما يرغب به النواب ويشتهونه.
الطريقة التي اعتمدها السيد العبادي مثيرة للفُرقة ومحفّزة على الشقاق، عدا عن أنّها غير لائقة في حقّ المرشحين الذين تقدّم بهم في قائمة داخل مظروف لم يكن مُغلقاً كما أُعلن، فقد تعرّض البعض منهم إلى حملة تشهير شنيعة، مع أنهم لم يسعوا إلى المناصب التي رُشّحوا إليها، إذ كان من أول واجبات رئيس الوزراء حيال الذين يرشحهم للعمل معه أن يحفظ كرامتهم. وهذا كان أيضاً من أول واجبات رئيس مجلس النواب، فلم يكن من المناسب أبداً أن يذيع رئيس المجلس علناً رأي اللجان البرلمانية في كل مرشح على حدة، إلّا إذا كان رئيس الوزراء ومعه رئيس البرلمان قد دبّرا الأمر بليل لـ "شرشحة" المرشحين التكنوقراط، وبالتالي "شرشحة" فكرة حكومة التكنوقراط، والعودة إلى نظام المحاصصة اللئيم والفاسد في اختيار الوزراء وسائر شاغلي المناصب العليا في الدولة.
ما كان يتعيّن على رئيس الوزراء أن يفعله هو أن يتقدم بتشكيلة متكاملة مُصمّمة على وفق المواصفات المحددة المُعلن عنها، وأن يدافع عنها أمام مجلس النواب ساعياً لأن يقبلها ويمرّرها بالكامل أو بمعظم مرشحيها في الأقل. وكان يتعيّن عليه أيضاً أن يرفق بتشكيلته الوزارية المقترحة البرنامج الواضح والمحدّد الذي ستتعهده الحكومة العتيدة، فما هو أهم من التشكيلة الحكومية نفسها برنامجها الذي يتوجّب أن يُلبّي متطلبات المرحلة الحرجة التي نعيشها الآن، من إصلاح النظام السياسي ومكافحة الفساد الإداري والمالي إلى إعادة الحياة في الاقتصاد الوطني وتحسين نظام الخدمات العامة، وسوى ذلك مما وعدت به الحزم الإصلاحية للحكومة والبرلمان.
ومثل رئيس الوزراء، كان على رئيس مجلس النواب أن يتيقّن من أنّ التشكيلة الحكومية المقدّمة إلى المجلس متكاملة ولدى رئيس الوزراء القناعة بها، ولديها برنامج واضح ومحدّد، حتى لا يضيع وقت المجلس وأعضائه بنقاشات ومناكفات ومزايدات واستعراضات فوضوية، كما حصل في جلسة أمس.
ما هكذا تُشكَّلُ الحكومات!
[post-views]
نشر في: 12 إبريل, 2016: 06:00 م