TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > على حافة الحرب .. !

على حافة الحرب .. !

نشر في: 15 إبريل, 2016: 04:16 م

مهما يكن مآل الوضع داخل مجلس النواب هذا اليوم - إنْ لصالح تشكيل هيئة رئاسة جديدة أو بالإبقاء على الهيئة الحالية نتيجة مساومات وصفقات اللحظة الأخيرة – فإن ما يتعيّن على الطبقة السياسية الحاكمة إدراكه هو أن الخطوة الأكبر والقرار الأعظم قد أصبحا مُستحقينِ ولا مجال البتّة لتأجيلهما.
ما حصل في مبنى مجلس النواب في الأيام القليلة الماضية، من فشل رئيس الحكومة للمرة الثانية على التوالي في تمرير كابينته الجديدة إلى إعلان نواب الاعتصام في مبنى المجلس، كلٌّ لهدف معيّن، حتى إقالة أو استقالة الرئاسات الثلاث أو اثنتين فقط ( رئاسة مجلس النواب ورئاسة الوزراء) أو واحدة ( رئاسة مجلس النواب).. كلّ هذا الذي حصل هو تعبير صارخ عن أنّ الأزمة السياسية في البلد قد بلغت مستوى الذروة ولا مجال للمماطلة والتسويف والتأجيل في حلّها.
الحلّ غدا مستحقاً ولا مفرّ من التوصل إليه اليوم قبل الغد، إذا ما أردنا تجنيب البلاد ليس الوقوع في لجّة الفوضى حسب، وإنما أيضاً الانحدار إلى هاوية الحرب الأهلية، غير الطائفية هذه المرة، فهي حرب ستجري داخل كل طائفة، بين من يدّعون تمثيلها أو يتنازعون على هذا التمثيل.
هذا الحلّ لا يكون بغير إلغاء نظام المحاصصة الذي جرى اعتماده بديلاً عن الدستور، وكان من المفروض ألّا يعيش أكثر من دورة برلمانية واحدة فقط (2006 – 2010) لتطمين مَنْ لم يكن مطمئناً في ذلك الوقت ( الأطراف الشيعية خصوصاً)، بيدَ أنّ هذا النظام المؤقّت تحوّل إلى نظام دائم، فالبعض (من الكتل الشيعية خصوصاً) راح يتحدث عنه (نظام المحاصصة) بوصفه قد غدا "أمراً واقعاً" لا إمكانية لمغادرته والعودة الى أحكام الدستور التي لم ينصّ أيّ منها على التوليفة الطائفية والحزبية التي صيغت لإدارة الدولة.
نظام المحاصصة كان الأساس في احتكار السلطة من جانب أحزاب بعينها( إسلامية، شيعية وسنيّة على وجه التحديد)، وفي تفشّي ظاهرة الفساد الإداري والمالي على نحو خطير. وإلغاء هذا النظام لن يكون بإعلان مكتوب أو شفهي من رئاسة البرلمان أو رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية، أو الثلاثة معاً، فمثل هكذا إعلان تكرّر عشرات المرات على مدى السنين العشر الماضية. إنه يكون بإجراءات عملية عاجلة، تبدأ بتعديل الدستور على أيدي خبراء القانون الدستوري والاجتماع والاقتصاد، وبتشريع القوانين المستحقة الخاصة ببناء الدولة، ولا تنتهي بإعادة النظر بعدد من القوانين المكرّسة لنظام المحاصصة كقانون الأحزاب وقانون الانتخابات، وبإعادة تشكيل الهيئات المستقلة قاطبة لتُصبح مستقلة حقاً وفعلاً، إلى جانب تشكيل حكومة غير محاصصاتية وتكليفها ببرنامج يتضمن الإجراءات المشار إليها، ومكافحة الفساد الإداري والمالي مكافحة حازمة وحاسمة، وإعادة الحياة إلى نظام الخدمات العامة المتهالك.
بخلاف هذا،  أيْ بأيّ حلول ترقيعية، سيُعاد إنتاج أزمة مجلس النواب والحكومة الحالية وكلّ الأزمات التي شهدناها حتى الآن، وسنمضي نحو الفوضى، ثم الحرب الأهلية متعددة الجبهات، حتى داخل كلّ طائفة. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    ياسيدي ليست المشكلة بالدستور وانما في تطبيق الدستور الم يحترم الدستور حرية التعبير عن الراي مثلا ولكن اين هي حرية التعبير وهل سمح الدستور بالسرقة والفساد وقتل على الهوية واختزال القضاء لمسؤول او حزب او كتلة او تزوير انتخابات او التنازل عن ارض وسلاح الى ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram