مهما يكن مآل الوضع داخل مجلس النواب هذا اليوم - إنْ لصالح تشكيل هيئة رئاسة جديدة أو بالإبقاء على الهيئة الحالية نتيجة مساومات وصفقات اللحظة الأخيرة – فإن ما يتعيّن على الطبقة السياسية الحاكمة إدراكه هو أن الخطوة الأكبر والقرار الأعظم قد أصبحا مُستحقينِ ولا مجال البتّة لتأجيلهما.
ما حصل في مبنى مجلس النواب في الأيام القليلة الماضية، من فشل رئيس الحكومة للمرة الثانية على التوالي في تمرير كابينته الجديدة إلى إعلان نواب الاعتصام في مبنى المجلس، كلٌّ لهدف معيّن، حتى إقالة أو استقالة الرئاسات الثلاث أو اثنتين فقط ( رئاسة مجلس النواب ورئاسة الوزراء) أو واحدة ( رئاسة مجلس النواب).. كلّ هذا الذي حصل هو تعبير صارخ عن أنّ الأزمة السياسية في البلد قد بلغت مستوى الذروة ولا مجال للمماطلة والتسويف والتأجيل في حلّها.
الحلّ غدا مستحقاً ولا مفرّ من التوصل إليه اليوم قبل الغد، إذا ما أردنا تجنيب البلاد ليس الوقوع في لجّة الفوضى حسب، وإنما أيضاً الانحدار إلى هاوية الحرب الأهلية، غير الطائفية هذه المرة، فهي حرب ستجري داخل كل طائفة، بين من يدّعون تمثيلها أو يتنازعون على هذا التمثيل.
هذا الحلّ لا يكون بغير إلغاء نظام المحاصصة الذي جرى اعتماده بديلاً عن الدستور، وكان من المفروض ألّا يعيش أكثر من دورة برلمانية واحدة فقط (2006 – 2010) لتطمين مَنْ لم يكن مطمئناً في ذلك الوقت ( الأطراف الشيعية خصوصاً)، بيدَ أنّ هذا النظام المؤقّت تحوّل إلى نظام دائم، فالبعض (من الكتل الشيعية خصوصاً) راح يتحدث عنه (نظام المحاصصة) بوصفه قد غدا "أمراً واقعاً" لا إمكانية لمغادرته والعودة الى أحكام الدستور التي لم ينصّ أيّ منها على التوليفة الطائفية والحزبية التي صيغت لإدارة الدولة.
نظام المحاصصة كان الأساس في احتكار السلطة من جانب أحزاب بعينها( إسلامية، شيعية وسنيّة على وجه التحديد)، وفي تفشّي ظاهرة الفساد الإداري والمالي على نحو خطير. وإلغاء هذا النظام لن يكون بإعلان مكتوب أو شفهي من رئاسة البرلمان أو رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية، أو الثلاثة معاً، فمثل هكذا إعلان تكرّر عشرات المرات على مدى السنين العشر الماضية. إنه يكون بإجراءات عملية عاجلة، تبدأ بتعديل الدستور على أيدي خبراء القانون الدستوري والاجتماع والاقتصاد، وبتشريع القوانين المستحقة الخاصة ببناء الدولة، ولا تنتهي بإعادة النظر بعدد من القوانين المكرّسة لنظام المحاصصة كقانون الأحزاب وقانون الانتخابات، وبإعادة تشكيل الهيئات المستقلة قاطبة لتُصبح مستقلة حقاً وفعلاً، إلى جانب تشكيل حكومة غير محاصصاتية وتكليفها ببرنامج يتضمن الإجراءات المشار إليها، ومكافحة الفساد الإداري والمالي مكافحة حازمة وحاسمة، وإعادة الحياة إلى نظام الخدمات العامة المتهالك.
بخلاف هذا، أيْ بأيّ حلول ترقيعية، سيُعاد إنتاج أزمة مجلس النواب والحكومة الحالية وكلّ الأزمات التي شهدناها حتى الآن، وسنمضي نحو الفوضى، ثم الحرب الأهلية متعددة الجبهات، حتى داخل كلّ طائفة.
على حافة الحرب .. !
[post-views]
نشر في: 15 إبريل, 2016: 04:16 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
ياسيدي ليست المشكلة بالدستور وانما في تطبيق الدستور الم يحترم الدستور حرية التعبير عن الراي مثلا ولكن اين هي حرية التعبير وهل سمح الدستور بالسرقة والفساد وقتل على الهوية واختزال القضاء لمسؤول او حزب او كتلة او تزوير انتخابات او التنازل عن ارض وسلاح الى ال