TOP

جريدة المدى > عام > استذكار: فائق... كتاب لغلاف تائه

استذكار: فائق... كتاب لغلاف تائه

نشر في: 16 إبريل, 2016: 12:01 ص

في معرض اربيل الدولي للكتاب اصبحت بعض المعالم اشبه بالبصمة الثابتة لا يمكن ان يغيب مشهدها عن تلك التظاهرة الثقافية.. فقوس الكتب الذي صار بوابة المعرض وكأنه مَعلم اثري يلتقط تحته مئات الزائرين صورا تذكارية، تذكرهم بأيام كان الكتاب والخبز لا تقل الحاجة

في معرض اربيل الدولي للكتاب اصبحت بعض المعالم اشبه بالبصمة الثابتة لا يمكن ان يغيب مشهدها عن تلك التظاهرة الثقافية.. فقوس الكتب الذي صار بوابة المعرض وكأنه مَعلم اثري يلتقط تحته مئات الزائرين صورا تذكارية، تذكرهم بأيام كان الكتاب والخبز لا تقل الحاجة لاحدهما عن الاخر.. حتى الاطفال شعروا بقيمة هذا القوس معنويا، وذلك عندما رأوا ان آباءهم اختاروا هذا المكان دون سواه ليسجلوا ذكراهم تحت انحناءة قوس الكتاب وحروفة..
لا يمكن للضيف ان يتخيل المعرض بدون هذا التشكيل الذي ينحني بحنو على زائريه محتضنا اياهم بود ومحبة. والثابت الاخر الذي غاب عن هذا المعرض قسرا، لان عنصر الحضور والغياب اقوى من كل الثوابت، هذا المغيب هو وجود فائق بطي الذي كان يجلس طوال سنوات المعرض في جناح المدى، يستقبل بابتسامته الطفولية زوار المعرض وكأنه يستقبلهم في بيته.. يراقب وينتظر مرور اصدقاء افتقدهم بين ممرات الغربة او في دهاليز الحضور المؤقت والغياب الدائم.. بجلسته بهذا الجناح ينتظر مرور من نسوه، او من تناسوه.. او من شاخت ذاكرتهم ولم يعد هناك من فاصل بين حاضرهم وماضيهم..
هناك من يبحث عنه سنويا بين ممرات المعرض او داخل عناوين كتبه، حيث يحضر الوجدان بأسمى تجلياته.. عندما دخلت بوابة المعرض يوم الافتتاح لهذا العام تعثرت بوحشة غيابه القاسي.. ووجدت القوس منكفئا على حزنه.. مددت يدي ابحث عن يده بجانبي كما نفعل كل عام ولعشر سنوات مضت.. اردت ملامسة اصابعه لامسكها كي اسنده خشية ان يتعثر خلال سيره وهو مبهور بما حوله من عناوين وكتب..
ظلت يدي تتحرك في الفراغ، كل ما حولي بارد ويصطك كاصطدام حديد ببعضه.. تساقطت حروف الكتب كالدمع الساخن تبحث عن أليف غاب عنها ويدي حائرة تبحث عن مكان لتستقر فيه .. وحينما جزعت.. ارتفعت لتتلقف دموعي التي سقطت في جوف حزن غيابه عني وعن الاماكن التي ألفت وجوده..
لاول مرة يغيب جسدا عن معرضه السنوي، لكنه يبقى حاضرا وبقوة في قلوب الاخرين وفي جمل تعزيتهم لي .. لاني بهذا المعرض كالغلاف التائه يبحث عن كتابه...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram