عاد التوتر ليضرب ساحة الكرة العراقية – السعودية من جديد بعد إعلان اتحاد الكرة إختيار إيران أرضاً بديلة للعراق في تصفيات الدور المونديالي الحاسم المؤمل انطلاقه في 1 أيلول المقبل، ومن دون شك هناك من يتحيّن هكذا توتر للتنفيس عن مكنوناته النفسية العدائية من دون حتى انتظار ما تسفر عنه التفاهمات بين رئيسي الاتحادين عبدالخالق مسعود وأحمد عيد في الاجتماع الاستثنائي الذي تضيّفه العاصمة القطرية الدوحة على هامش مناقشة مصير كأس الخليج 23.
لا نتأسف مطلقاً على إعلامٍ هزيلٍ - من الطرفين - يرتضي أن يكون حطب الأزمات، ويُسارع الى اشهار الأقلام كالبنادق، ويَرصّ كلماته ويصرخ بحناجر مريضة وكأنه ماضٍ الى حرب شرسة وليس تحليل موقف بلده من قبول أو رفض اللعب في مباراة لكرة القدم لطالما رفع الاتحاد الدولي للعبة شعاره الحكيم " اللعب النظيف لو سمحت" وإذا بثلة من دعاة الانتماء الى شرف الإعلام وهم ليسوا كذلك يمارسون "اللعب الوسخ" ولا يخجلون من ابتداع أية فكرة تُصعّد الموقف وتزيد من درجة الاحتقان الذي سيدفع ثمنه المنتخبان في لقاءيهما عبر الأداء المتشنّج والسلوك المتهور كنتيجة طبيعية لهذه الأزمة إذا لم يُمسك مسؤولو الاتحادين أطراف القضية بتروٍ وتعقّل ليقطعوا الطريق أمام حَمَلة عِيدان الثقاب ممن يرقصون على حرائق أهلهم!
مهلاً، بيننا وبين أسرة الكرة السعودية مِدادٌ من القلب الى القلب وَثقّ عهود السلام والأخوة والتعاون في اكثر من محفل خليجي وإقليمي وقاري وعالمي ، ولن تصلح بطاقة الترشح الى المونديال أن تكون ورقة للرهان على اشعال فتنة سبق أن جرّب البعض استغلال مناسبات كروية للإضرار بالعلاقة بين الاثنين، لكن الإعلام الواعي والمتحضّر والمهني لعب دوراً فاعلاً لحصر الأزمة بحدود اختلاف الآراء ولم يسمح بافساد تلك العلاقة.
إن قرار اتحاد الكرة باختيار أحد ملاعب إيران هو شأن خاص به باعتباره المسؤول الأول عن نتائج اللعب في التصفيات مع أن رئيس اتحاد الكرة صدّع رؤوسنا من خلال مقابلة تلفازية شكا خلالها من عدم صلاح ملعب باص وعدم تعاون الاتحاد الإيراني لتذليل مشكلة الفيزا والمبالغ المدفوعة لتأجير الملعب والقاعات وبقية المصروفات وغيرها من السلبيات التي دعته للقول أنه سيُعيد النظر في اختيار ملاعب إيران في الاستحقاقات المقبلة، كل ذلك مسؤول عنه الاتحاد ، لكن أن يربط عدد من اعضائه مسألة اختيار ملاعب إيران ثانية بانها تجرّد السعوديين من جمهورهم وبذلك يصبح خطف نقاط المباراتين شبه مضمون فهؤلاء واهمون لأن من يريد التأهل الى كأس العالم لابد ان يضمن 90 دقيقة من الأداء القتالي ويحصر تركيزه على أرض المباراة ، ودليلنا ان الراحل عمو بابا أوقف الجمهور السعودي على اصابع اقدامهم قلقاً بعد هدفي أحمد راضي وباسل كوركيس (58 و72) في المباراة قبل الأخيرة من دورة كأس الخليج 1988 بالرياض ثم راح الجمهور السعودي يُكمل بقية الدقائق مصفقاً ومهللاً (حيو العراقي.. حيوه).
علينا ان نستذكر واقعتين ونستخلص منهما الدرس، فقضية الحظر الدولي على ملاعبنا نحن من نتحمل تبعاتها لا أن نرميها على الآخرين، والذاكرة تعيدنا الى ذات الأجواء أي تصفيات كأس العالم 1986 ويومها كانت العلاقات بين العراق وسوريا مقطوعة في كل الميادين إلا أن منتخبنا الوطني توجه الى دمشق ولعب جولة الذهاب وخرج بتعادل سلبي ثم حضر المنتخب السوري الى ملعب الطائف (الأرض البديلة) وهُزم بثلاثة اهداف لهدف ، وتأهلنا الى مكسيكو. وتكرر المشهد مع المنتخب الفلسطيني في تصفيات المونديال الحالية حيث خاض مباراة الذهاب على ارض السعودية وحدد (فيفا) مباراة الإياب في عمّان، لهذا لابد أن يتم الاحتكام الى الاتحاد القاري أو الدولي في حال عدم التوصل الى تفاهم ودي ينزع فتيل مشكلة لا نتمنى أن تكبر في ظل رغبتنا المُلحة باحتضان جميع الاشقاء في ملاعب بغداد والبصرة وأربيل وكربلاء لكن ليس من المنطق أن نستخدم ذلك ذريعة للتغطية على عجزنا في استعادة حق الأرض وتأهيل الأسود للعبور الى ضفة الإنجاز!
الإعلام حطبُ الأزمات
[post-views]
نشر في: 16 إبريل, 2016: 04:25 م