يحفز الشاعر "سرجون كرم " مفاهيمه الشعرية الخاصة بخلق تساؤلات تتميز بالاختلاف والتباين بين الرمزية الصوفية، وبين الفلسفة الكونية التي تضمرها المعاني في قصائد تحقق ارتباطا شعريا مع النص الصوفي، وبتفاوت تصويري تكمن فيه قوة المبنى الذي يعتمد
يحفز الشاعر "سرجون كرم " مفاهيمه الشعرية الخاصة بخلق تساؤلات تتميز بالاختلاف والتباين بين الرمزية الصوفية، وبين الفلسفة الكونية التي تضمرها المعاني في قصائد تحقق ارتباطا شعريا مع النص الصوفي، وبتفاوت تصويري تكمن فيه قوة المبنى الذي يعتمد عليه، ليتصف بالبلاغة الشعرية الموصولة بثقافة شعرية غنية من حيث المنطق والقواسم المشتركة مع الفن الخطابي البعيد عن الجفاف والمباشرة، والمعالجات الحيوية لاجزاء القصيدة او النص الشعري ومكوناته التراكيبية حيث تتضاءل لغة التكثيف الرمزي امام التخيلي الذي يندرج مع سمات الخارطة الشعرية التي يعتمد عليها بحنكة ودهاء شعري وبمقاربات شرقية غربية .اذ يفرض على القارىء تحليل رؤيته الفكرية والعقلانية بوجدانية لا انفعالات سطحية فيها. بل تصميم وادراك على بناء القصيدة ووهج تساؤلاتها، ليهيمن على حكمة القصيدة. بعيدا عن الكلاسيكية ومع الشاعر "سرجون كرم " اجرينا هذا الحوار..
* من هو الشاعر سرجون كرم ومتى بدأت الشعر ولماذا هذا الاسلوب الشعري؟
- ولدت في بيروت سنه 1970 وابي صحفي، وجدي من اوائل الصحفيين في لبنان، ومن ثم تهجرنا وعدنا الى قرية ابي الذي اخذ معه مكتبته الصغيرة، وفي هذه المكتبة الصغيرة وجدت كل اعداد مجلة الشعر الخاصة " بيوسف الخال" ومن ثم اخذت هذه الاعداد معي الى المانيا عندما درست الدكتوراه، لكن الشعر لم افكر به بداية، ولا بدراسة الادب العربي، ولم اعرف اني امتلك الموهبة الشعرية الا بعد تشجيع دكتور "خريستو نجم " والدكتور " محمد عاصم " الذي تبناني لغويا وعلى يده تعلمت الأوزان الصحيحة، وبين تشجيع دكتور "خريستو نجم" وانتقاد دكتور" محمد عاصم "وتوجيهاته الصارمة كتبت شعر التفعيلة، ومن ثم اخذني الى مكتبة "رشيد درباس" والمنتدى الادبي، كان يتواجد دائما الشاعر "عبدالكريم شنينة " ودكتور اللغة "احمد الحمصي" ، وكأني في دائرة اللغة العربية المهمة التي ساعدتني لابدأ بثقة بين هذه المجموعة من الشعراء، والتجربة معهم كانت جدا مهمة .
* كيف ترى الحركة الاعلامية في الشمال في ظل ازمة الشعر عامة؟
- المكنة الاعلامية في الشمال تحتاج الى قوة لتظهر طاقاتنا الابداعية، لاننا في أزمة شعرية عربية ملموسة، وما ينقصنا هو الاتقان والابداع ومصداقية في النقد، والحركة الاعلامية الجيدة تجبر الشاعر على الخروج من ركوده وتركيز الافكار والمثابرة للعطاء بشكل افضل. لأن تواجد الشاعرضمن مجموعة ثقافية ناشطة على الأرض مع التغطية الاعلامية الجيدة يساعده في التجديد والتحفيز والعطاء المستمر.
* ماذا تعلمت من وجودك في المانيا؟
- المانيا علمتني الهدوء والتركيز والاطمئنان والمكتبات في المانيا مفتوحة، ومن السهل جدا الحصول على اي كتاب، كما اني خرجت من اجواء الحرب التي كانت انذاك في لبنان ومن الثقافة العربية الكلاسيكية، ومن ثم حصلت على دبلوم في الادب الالماني. والادب مدرسة كبرى ويحتوي كل الاديان وكل الافكار .
* لماذا هذه الرمزية والصوفية في قصائدك؟
- انا رمزي صوفي وتجربتي مع الصوفيين عميقة جدا، فأول كتاب قرأته هو تفسير القرآن لمحي الدين ابن عربي، ومتأثر به منذ صغري، لأن والدي قال لي إن اردت أن تكون رجلا بالنسبة لي يجب ان تقرأ ثلاثة كتب ..القرآن والانجيل وكتاب خاص بوالدي . ختمت القرآن، وهذا لعب دورا في الميل الروحاني من شخصيتي، والانسان يجب ان يطرح سؤالا على نفسه ماذا يريد من الحياة؟ حتى في الشعر وماهية الهدف منه، لان الحرف عندما يصبح على الورقة يصبح ملكا للانسانية كلها، وانا مع التجديد والحداثة .
* الا تعتبر ان السريالية في الشعر تمنح الذهن تحفيزا وصوراً تخيلية غنية بالغرابة؟
- انا ضد السريالية في الشعر بمعنى لا احفزها في العالم العربي، لكن البعض يعتبرها لعبة صورة شعرية جمالية ويحب ذلك، والمهم بالنسبة لي الفكرة ومن خلفها الصورة . في المانيا بالقرن الثامن عشر والتاسع عشرة كانت توجد فرقة مسيحية بروتستانتية تعتبر الشعر بمستوى النبوة، لان الشاعر يمتلك الرؤية والافاق المفتوحة والهدف التعليمي، ولكن نبوءة ارضية لانه بطبيعية ادبية انسانية وليست الهية . واذا امتلكت الفكرة ربما الجأ الى السريالية لكن ما هي الفكرة وما معناها؟
* لماذا هذا التأثير الاسلامي في كتابك "تقاسيم شاذة على مزاهر عبدالقادر الجيلاني"؟
- في كتابي "تقاسيم شاذة على مزاهر عبدالقادر الجيلاني" ظهر التأثير الجوهري الناتج عن قراءات مختزنة من تأثيرات الثقافة القرآنية، وهذا لا يعني الانتماء للاسلام اوللمسيحية او غيره. انما هو الصدق والصور المحسوسة فيه هي من تكويني واكتب باللغتين الماني عربي، وهذا مفيد لي من ناحيتين اولا من اجل شعري، وثانيا من اجل طلابي ومعرفة الترجمة الادبية واهميتها والنقطة الاساسية التي اعتمد عليها في الترجمة ليس النص، وانما لقارىء اللغة الاخرى كترجمتي لكتاب الشاعر نعيم تلحوق، ومن الممكن اثناء الترجمة خلق النص الاجمل من المترجم .
* كيف ولدت دواوينك؟
- الديوان الاول كان في فترة دخولي المراهقة والديوان الثاني بعنوان "في انتظار موردخاي" هو كتيب صغير والمرحلة هدوئية بالنسبه لي. دائما اهتم بالانسان وكيفية تفكيره ، وهذا يحفزني لاكتشف، لاني دائما اتساءل بيني وبين نفسي ما هي طبيعة الانسان، وبماذا يفكر وهل الله الخالق الكون من اللابداية الى اللانهاية اوجد فيه الانسان فقط؟ ..
* هل تشعر اننا في سباق مع الزمن؟
نحن خارج الزمن، لاننا نعتبر ان الزمن يبدأ حيث ينتهي، وينتهي حيث يبدأ. بالتحليل الاجتماعي الشعر الموجود بالغرب مختلف تماما عن طبيعة ما نكتب لاننا نبوح بالعواطف والانفعالات والمآسي الخ، وهذا مفهومي الخاص لاني اكتب نفسي . الشعر هو صورة اجتماعية واعتبر اني جزء من منظومة كبرى واعاني حاليا من ازمة وجدانية، وما يحدث في العالم العربي جعلني اتساءل هل هو وحش ينتفض لنحاسب بعضنا البعض؟ وبصراحة نحن نفتقد لمقومات الحياة بينما العلم يتخذ منحى كبيراً. لاننا لا نتفكر ولا نستخدم العقل بما يكفي ومجتمعنا يختلف تماما، لاننا وصلنا الى مرحلة خارج الزمن لا نحن في تقدم ولا في تطور جامعاتنا تقليدية والعلم عاطفي الخ...
* من هي المرأة عند سرجون كرم؟.
- قصيدتي هي امرأة غير محدودة لا نهاية لها ولا اكتب لامرأة مباشرة بل اجمعها في خيالي من مجموعة صفات مثالية او روحانية وحتى الجسدية احيانا اربطها بالارض. في ديواني الذي سيصدر السنه القادمة اخاطب المرأة مباشرة واقول لها ليت السماء معي مثلك، كلما فتحت فمها خرج منه الكلام. اخاطبها بطبيعتها ودون اهانة . قصيدتي مبنية على نص مفتوح، والشعر كيان كالانسان وبمرحلة ما هو -موجه او قائد او معلم الخ..
* سرجون لمن يقرأ ؟. ولمن يقول انت شاعر؟
- اطروحتي للدكتوراه عن" الرمز المسيحي في الشعر العربي الحديث " وفترة طويلة مضت لم اقرأ فيها الشعر الحديث الحالي. وشخصيا اعتبر من يستحق جائزة نوبل من كل الشعراء في الوطن العربي حقيقة هو "محمود درويش " النص الذي كتبه محمود درويش اصبح قضية فلسطينية مؤرخة وهو الاحق بجائزة نوبل .
* ما رأيك بالقصيدة الايروتيكية؟
- انا رجل اؤمن اني عندما اكتب قصيدتي اكتبها كراهب اي بالمستوى الروحاني والتأملي والعمق الفكري الذي احبذه، لاني ولدت في اجواء عائلة محافظة، وربما تأثرت بهذا العمق الروحي ولا احبذ القصيدة الايروتيكية، لانها لن تضيف لي اي جديد، وان قرأتها لا اشعر انها قصيدة.وظيفة الشعر رفع القارىء الى مستوى عال من الرقي الروحي والنفسي، لان الانسان هو المجتمع باكمله.
