TOP

جريدة المدى > عام > شدادعبدالقهار:المحسوبية وغياب الضميروجهل المؤسسات الفنيةباتت سبباً في انهيارجيلٍ من الفنانين الجدد

شدادعبدالقهار:المحسوبية وغياب الضميروجهل المؤسسات الفنيةباتت سبباً في انهيارجيلٍ من الفنانين الجدد

نشر في: 17 إبريل, 2016: 09:01 م

تعوّد أن لا يتمرّد ولا يُغامر ، إلا أنه يشفِّر رموزه ويُطهرها ، هو لا يجدد صدماته، بل يُعيد خلقها ودراستها في أعماله ، ويقلب المرئيات ويرجعها إلى محركاتها ، من خلال أعماله نمسكُ بعض المفردات التي تكشف عن فعل الإعادة لرموزه المستترة والواضحة والمستعار

تعوّد أن لا يتمرّد ولا يُغامر ، إلا أنه يشفِّر رموزه ويُطهرها ، هو لا يجدد صدماته، بل يُعيد خلقها ودراستها في أعماله ، ويقلب المرئيات ويرجعها إلى محركاتها ، من خلال أعماله نمسكُ بعض المفردات التي تكشف عن فعل الإعادة لرموزه المستترة والواضحة والمستعارة التي يُجسِّدها في أعماله ، بالرغم من كونها فائضة المعنى وواضحة الدلالة في عملية تثبيت الثيمات الجمالية ذات الأبعاد المثيولوجية.

أعماله السابقة والحاضرة باتت تعكس طابعاً يخلق لغة تنطوي على جدلية الأسلوب المهاري المنفرد ، ما يجعل لوحته تعبـِّر عن تخيلات متداخلة لما هو معرفي ونصي ، مع شعور بالحس الهاجسي المتأثر بالموسيقى ومدى تجانسها مع الأشكال واللمسات الفنية ما ينتج منجزاً فنياً كبيراً ، لهذا إمتاز بمهارة التنوع والبناء ، والتشتت والتضاد والتدرُّج ، وكل أوليات التناول الإبداعي في المجال التشكيلي .. حين نجد لوحة تعكس لنا تجربة عاطفية صادمة بمتناقضاتها نتيقن أن هذه اللمسات للتشكيلي شداد عبد القهار ، فلأنامله بصمة خاصة أو قد يضع شداد مشاعره في العمل فيكون بذلك أكثر مصداقية للوصول إلى وجدان المتلقي ، لهذا فإن أعماله هي التي تعكس هويته من دون أن تترك شكّـاً للبحث عن صاحب هذه اللوحات .
تكشّف الكثير من أسرار عبد القهار خلال حوار أجرتهُ " المدى " معه ، متحدثين خلالهُ عن أبرز تجاربه ، وأهم النقاط التي كان يُراعيها من أجل ملامسة المتلقي ، إلا أن للعاطفة في عمل شداد قواعدَ صادمةً أثارتهُ هو ذاته حين حاولنا سؤاله :
* تجربتك عاطفية وصادمة بمتناقضاتها فكيف ترى الجمال كخطابٍ بصري ؟
- من المؤكد أن العاطفة هي مَن يولد الخطاب الجمالي في الفن التشكيلي والبصري ، فأسهل ما يمكن ترجمته هو في أثر الأعمال الفنية الكبيرة للفنانين الكبار هو الجمال الذي تتخيله العاطفة ، العاطفة هي من تحرك فعل تذوق الجمال ، وهذا الأمر يثير أكثر الفنانين لكن من الممكن القول أني عملت عليه بشكل أكثر استفاضة خصوصاً من خلال ملامستي الموضوعات الإنسانية وموضوعات المرأة ، وجماليات المرأة وليست من الناحية الشكلية فقط برغم أهمية هذه الناحية ولكن أيضاً كنتُ أركز على النواحي الروحية في جمال حواء ، أما مفاهيمي للعاطفة والجمال لا يمكن القول أنها متناقضة ولكنها من المؤكد متغيرة وفق تغيّرات الظروف فتغيّرات الزمن تعكس على العمل المقدم وهذا لا يخص التشكيلي فقط ، بل الشاعر والروائي وغيرهما .
* التجريب في أعمالك سمة ظاهرة، إلى أي مدى يمكن للفنان أن يتبدل ؟ وكيف تحافظ على لمستك في التجريب؟
- أنا فنان مجرّب ولست ثابتاً لا أحب العمل على منطقة واحدة ، الفن الذي أعمل عليه تجريبي وليس فن ستايل ، فمن المؤكد أن تحدث تنقلات وتغيّرات في العمل ، وتبدل الفنان في أعماله يكون بقدر تغيـّر الظروف والحالة النفسية والأفكار ، كثيراً ما أعمل على موضوعات العاطفة والحب والقيم الجمالية بكل اشكالها ولكن ما سيثير استغراب الجمهور أني أعمل حالياً على موضوع الحرب ومعالجات الحرب بكل ما فيها من أحداث ملامسة لي ، فعند عملي أية موضوعة وأي خط من الخطوط بالذبذبات سأترك روح شداد وتعاملي مع اللون بحساسية عالية لهذا برغم التجريب من الممكن أن تجدين روح شداد من خلال خطوطه ونقاوة تعاملي مع اللون .
* في الكثير من الأعمال التشكيلية نرى المشهد الرافديني حاضراً ، كذلك الرموز الأسطورية ، فكيف تقيّم علاقة الفنان العراقي المعاصر بأرثه الحضاري ، وهل شكّل هذا مدرسة حداثية ؟
- الفن الحالي هو لغة إنسانية عابرة للدول والمدن ، فالإنسان الفرنسي أصبح متذوقاً للفن السومري والأشوري وغيرهما، إلا أن تأثيره علينا أصبح " كما أوعزه أنا ولا أعلم مدى صحة تصوراتي "  أوعزه للجينات ، فهذه الأساليب تنتقل إلينا بالجينات ، فلو قيّمنا العراق كبلد فن تشكيلي مقياساً بالشرق الأوسط " وليس العالم لأن العراق بلد يستورد الفن التشكيلي من الخارج " ولكن بالنسبة للشرق الأوسط البلد المتقدم في الفن التشكيلي هو العراق ، وهذا ما تؤكده جميع الدول في الشرق الاوسط ، كما أن الفن مبدأ تأثير وتأثر فلا يوجد ضير في حال إكتسابنا أو تأثرنا بأعمال خارج العراق .
* تبني لوحاتك على أسس بصرية وصولاً إلى نوع من الإنبهار ما يعطي إنطباعاً للمتلقي بأنك أكثـر اعتناءً بالفكر والسؤال وتفكر ببقائك وتحافظ على خصوصيتك بحرفة وصبر، هل هذا صحيح ؟
- نعم ، ولكن هذا الأمر من أين يتولد ؟ يتولد من خلال صدق الفنان مع ما يقدمه ، كلما كان الفنان متفاعلاً مع العمل سيصل إلى المتلقي بسهولة ، وحين أتعامل مع اللون بإنفعال روحي صادق سنجد هذا الانفعال يلامس المتلقي بشكل أكبر ويؤثر فيه ، الصدق يوصل للمتلقي صورة العمل ، كما أن حرفية الفنان وتمكنه تجعله مطاوعاً لكل ما يحاول تقديمه ، التمكن من الأدوات أيضاً نقطة مهمة لإيصال العمل ، الصدق كافٍ جداً لبقائي في ذاكرة جمهوري ولكن يجب إمتلاك الأدوات الصحيحة والموهبة.
* في كل لوحة هنالك نص يحاول التخاطر مع المتلقي، هل تخشى ثقل اللوحة أحياناً أم ترى أن على العين أن تفكر أولا قبل أن تبتهج ؟
- بالتأكيد لكل فنان أسرار بسيطة وأخرى صعبة ، فالأسرار البسيطة تصل إلى المتلقي بسرعة ويبدأ ببناء تصوراته عليها ، والمشكلة أن اللوحة الفنية الحديثة كلما يكتشف المتلقي بها شيئاً سيكتشف بعده تصورات أخرى وهذا لا يكون، قد يكون بوعي من الفنان أو لا وعيه ، وما يشعر به المقابل من عتمة اللون أو غضب أو فرح أو عاطفة يمكن أن تصل إلى المتلقي ويمكن أن يُؤلها المتلقي إلى شيء أعمق من تصورات الفنان ومقاصده أو يمكن له أن يراها بشكل فوقي ، كما يجب أن لا نتغاضى عن وجوب أن يكون متلقي الفن التشكيلي ذا ثقافة ، فلا يمكن لمفاهيم اللوحة أن تتنازل وتهبط ، بل يجب أن تحافظ على ارتقائها ، وإذا أراد المتلقي فهم لوحة ما فعليه أن يثقف نفسه أولاً . بالنسبة لي لا أعمل من أجل المتلقي العادي الذي لا يمتلك ثقافة التشكيل لأن هذا سيؤدي إلى هبوط العمل ، لهذا الفن التشكيلي هو الفن الوحيد الذي يجب أن يرتقي المتلقي له ولا يمكن عكس هذا ، ولست مجبراً إلى النزول لرغبة المتلقي، بل عليه أن يبحث من أجل الإرتقاء بوعيه .
* أنت مُقلّ في عروضك، هل لذلك أسباب تتعلق بنتاجك أم في طريقة العرض ؟
- النتاج موجود بشكل دائم ، أنا خلقت فناناً لا أستطيع التوقف عن الرسم ابداً ، لكن القضية هي الحصول على فرص مناسبة فقاعات العروض اليوم كمثال بسيط غير موجودة ، إضافة إلى دافع التباري مع الفنانين ، أغلب فناني جيلي هاجروا فأتساءل مع مَن أتبارى ، لروح المنافسة الحافز الأول في العرض ، حين نلاحظ عملاً أجمل مما نقدمه سيحفزنا هذا لزيادة تألقنا والإعتناء بنتاجاتنا ، كما أن الإهتمام الصحفي والإعلامي بات غائباً عن مثل هذه الأمور هذا يهبط من إندفاع الفنان كثيراً ، كما أن محاولات البعض قتل روح الثقافة والإبداع في داخل الفن باتت واضحة ولعبت دورا كبيرا في غياب الكثير من المثقفين في الساحة الثقافية ، وأنا أفضّل أن أقدِّم عروضي مع شخصيات تناسب ثقافة شداد الفنية لا أن أتراجع في تقديم عرض تجاري أو لسد فراغ ما ، حين أُدعى لمعرض يستحق أن تعرض به لوحاتي سأوافق عليه مؤكداً لكني حالياً بعيدٌ كل البعد عن هذه المعارض المؤسساتية أو التي تقام لسد فراغ ما .
* هنالك إشكالية عميقة في الفن التشكيلي الواقعي تتمثل في الإنقسام بين التعبير عن الواقع العام المؤلم وبين الإرتقاء بالفن إلى الذات الكونية ، الأولى باتت تهدد الفن وتفتح الباب للطارئين والثانية ليست مرغوبة كديكور ؟
- لدينا الكثير من الطارئين ، على كل فنان أن يحترم ويقدِّر فنه ويعرف جيداً قيمة ما يقدم ، فأنا على سبيل المثال اتخذتُ قراراً منذ خمس سنوات وما أزال متمسكاً به ، مثلا معارض جماعية لا اشترك ، المعارض الهابطة بعيد عنها ، لا أقدِّم سوى معرضي الشخصي أو نتاج مهم لي ، وأحياناً أقدّم معرضاً مع فنان مهم ،  لكن لا يمكن التغاضي عن وجود طاقات شبابية مهمة تظهر اليوم على الساحة التشكيلية ، أنا بالنسبة لي كفنان تشكيلي أحاول دائماً دعم أية فئة شابة تلجأ لي واحتضانها ، ولكن الأوضاع الطارئة باتت كفيلة بدفن الكثير من الطاقات التي ظهرت في المشهد الفني ، اضافة الى ان المشكلة اليوم عامة فمن ألف فنان يظهر إثنان أو ثلاثة موهوبون حقاً فاليوم المؤسسات الفنية سواء وزارة الثقافة او جمعية الفنانين او المعاهد والأكاديميات لا تتعامل بإنصاف مع الفنان الشاب الجيد فأما جهل من قبل هذه المؤسسات أو يكون الأمر خاضعاً للمحسوبيات وذلك سببه غياب اللجان والخضوع إلى المحسوبيات وغياب الضمير، هذا كله سبب إنهيار جيل من الفنانين الجدد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram