اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > نمورٌ من صفيح يدوس رقابهم حرافيش العشوائيات وضياع الأمل ..

نمورٌ من صفيح يدوس رقابهم حرافيش العشوائيات وضياع الأمل ..

نشر في: 18 إبريل, 2016: 09:41 م

دعوتان متناقضتان تترددان في كواليس قادة "الدولة"، تتنازعان على السلطة السياسية ومغانم المحاصصة الطائفية وأسلابها.دعوة يتفق عليها جميع قادة الطوائف دون استثناء، تجاهر بالإصلاح والتغيير و"إنهاء المحاصصة الطائفية".! وأخرى تخرج من رحم الدعوة الأولى، تدعو

دعوتان متناقضتان تترددان في كواليس قادة "الدولة"، تتنازعان على السلطة السياسية ومغانم المحاصصة الطائفية وأسلابها.
دعوة يتفق عليها جميع قادة الطوائف دون استثناء، تجاهر بالإصلاح والتغيير و"إنهاء المحاصصة الطائفية".! وأخرى تخرج من رحم الدعوة الأولى، تدعو الى التزام السياقات الدستورية والاستحقاق الانتخابي لتحقيق الإصلاح الشامل.

وإذ يتخاصم آباء الدعوتين، تزحف جموعٌ متفرقة من المحافظات الجنوبية والوسطى مُلبية نداء السيد مقتدى الصدر الى بغداد، لتعتصم حول الوزارات وفي ساحة التحرير، تمنع حركة الوزراء وتطلب منهم الاستقالة.
وفي حركةٍ لا بركةَ فيها، يتنقل قادة الكتل بين مكاتب الرئاسات الثلاث ويتبادلون الأدوار في وسائل الإعلام، كلٌّ يُعلِّق راية فشل النظام السياسي المحاصصي وتفسّخ الدولة الفاشلة على شمّاعَة الغير، معلناً انحيازه الى مطالبات الشعب ودعواته لإنهاء المحاصصة وملاحقة الفاسدين وبناء دولة مدنية ديمقراطية بقيادة "حكومة تكنوقراط مستقلة" !
وفي مجرى هذه التطورات، ظهر أننا حين كنا نسمّي دولتنا بالفاشلة أو اللادولة، لم نكن نعلم أنها لم تكن حتى كذلك، بل قد لا ينطبق عليها غير وصف الدولة الكارتونية، أو إن شئت الدقة "بيت الدُمى"، وقادتها، كما ظهر على مسرح لا معقولنا، وصف "نمور" صفيح، لأن رؤوس بعضهم إذ تُداس تحت أقدام حرافيش بغداد، تُصدرُ أزيزاً أو خرخشة مثل خرخشة الصفيح اللّيّن حين يُطرق أو يُقذف في مكبّات الأرصفة. وتجنّبت استعارة "نمور من ورق" التي أطلقها الزعيم الصيني ماوتسي تونغ على الإمبريالية في خمسينيات القرن الماضي، خشية أن يفقد تشبيهنا الصفيحي دلالته، بعد أن تبين أن الامبريالية لها مخالب نووية!
لم يُعد للإصلاح من معنىً مُدركٍ للتداول بين جمهور الإصلاح  و"دراويشه" المتحمسين من المدنيين ممن تلبّستهم الحالة الإصلاحية، فاستظلوا بجدارية جواد سليم على مدى شهورٍ، متابعين ما دشّنوه في شباط ٢٠١١، ومتضامنين مع جمهورٍ متطلعٍ للخلاص في سائر المحافظات. ولم يكن في حسبانهم أن تُنصَب في ساحة الحرية يوماً ما نُصُب من "مشانق"، وإن كانت رمزية  للتلويح بالقصاص من الفاسدين والمتمردين على إرادة من يتصدى للإصلاح، بديلاً لحكم القانون والعدالة. ليس مهماً أن تتخذ حبال المشانق طابعاً رمزياً أو يرفعها "صِبْيَةٌ" متحمسون يفتقرون للخبرة والنضج السياسي، لأن مشاهد نزول المجاميع الآتية من كل صوب، وهي تعتصم وتُغلق مداخل الوزارات وتفتش الداخلين والخارجين بحثاً عن الوزراء لإجبارهم على الاستقالة تحت التهديد المُضمر،  ليس له ما يبرره ولا يمكن أن يكون نسقاً للإصلاح والتغيير، فالشعب يتطلع لإصلاحٍ يُصفّي نظام المحاصصة والفساد والتعدّي وتمييع الدستور "المختلّ"، والعودة الى سلطة القضاء والقانون، حتى وإن كان يشكو عوارٍاً بيّنٍ وفساد وترهل. والإصلاح لا يستقيم بدون بناء مؤسسات الدولة. الدولة التي تستند الى الحريات والحقوق والمساواة. ومن حق الجماهير أن تتظاهر وتعتصم "دون إلحاق أذىً بالمصالح العامة والخاصة"، لكن ليس من حق أحد أو قوة، بغض النظر عن مرجعيتها، دينية كانت أم سياسية، اختزال إرادة الجميع والاستقواء بجمهورها ومريديها لفرض سلطتها الواحدية. كيف يمكن لفقيرٍ موالٍ للاصلاح والتغيير، متعاطفٍ مع حرافيش العشوائيات الفقراء  من كل المدن والأحياء الممتدة من مدينة "الصدر - الثورة" الى ماشاء الله من أحياء وبيوتٍ صفيحية في أنحاء العراق، أن لا يُصاب بالدوار والقلق الممضّ لما يجري في بغداد، وما يتهددنا من أخطار وتحديات، وفي كل زاوية خلايا نائمة للبعث وداعش وطوابير خامسة تتربص بنا وبالوضع الهش المتآكل من عثّ الفساد وغباوة وجشع وسطوة الطبقة الحاكمة للإجهاز على ما تبقى من  فرصةٍ  لخروجنا من هذا المأزق الذي انحدرنا اليه "بالتدحرج" من ولايتي السيد نوري المالكي؟ّ!  كيف لي وأنا أرفض جملة وتفصيلاً كل طائفيٍ وفاسدٍ وطامحٍ مغترٍ بذاته النرجسية أن أتفاعل مع نسقٍ للتغير يُلغي إرادتي ويُجبرني على الرضوخ لبديلٍ لا معالم له، أو ما يبدو من ملامحه، وقد تصدّرت واجهته طائفة من البعثيين واللصوص والشوفينيين والقتلة؟!  كيف لي، ولا أُسقط رأيي على أحدٍ، أن أقبل حتى مجرد فكرة أن مشعان الجبوري ومن ظهر في مشهد اعتصام البرلمان من أنسباء المالكي ،والرتل الفاسد المعروف لكل عراقي شريف، كدعاة للإصلاح والتغيير ومكافحةٍ للفساد؟!
كيف لي أن أقبل إصلاحاً يفرض منطقه ووسائله وبرنامجه دون الاحتكام الى إرادة الناس؟
كيف أتقبل إصلاحاً يروّعني ويلوّح، قبل أن يستتب له الأمر، بالمشانق والوعيد ويستبدل أسلاب الدولة الفاشلة المتهرئة بجماعاتٍ تجوب الشوارع وتنظّم السيطرات وتُجبر من يرضى ولا يرضى بقبول أمرٍ لا يقبل النقاش أو التسوية؟!
وأية كابينة تكنوقراطٍ مستقلة هذه التي يُراد فرضها، وما طرح من كابينات يعجّ بأزلام البعث وأصحاب السوابق؟!
لنُسقط نظام المحاصصة والفساد بقضّهما وقضيضهما، بالاحتكام الى إرادة الناس عبر انتخابات ديمقراطية تنظّمها مفوضية غير تحاصصية بإشراف الأمم المتحدة، وقانون أحزاب يمنع التحزّب على أساس ديني أو طائفي .
 وحتّى أوان الانتخابات المرتقبة ، لنُفكّك منصّات النظام الطائفي ، ونُصفّي مراكز الفساد ونبني قواعد الدولة المدنيّة ، دولة الحريّات والقانون والمساواة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. بغداد

    يا استاذ فخري كريم هذه المشانق الرمزية التي رفعها النمور من صفيح في ساحة التحرير الفكرة ليست عشوائية ولم تأتي من شباب متحمس عديم الخبرة طائش بل هي أوامر وتعليمات مخطط لها مسبقاً يستلمها شباب النمور من صفيح من عمائم ديناصورية فاشية تابعة لملالي الفاشية الس

  2. خليلو...

    لقد شاهدت صورة مشابهة لصور ما تحت نصب جواد سليم قبل نصف قرن أيضا كان رافعوها صبيان فوضويون ارتجاليون ! ولكن دافعي الثمن كان من لا يد لهم في العرس الفوضوي ذاك فكانوا عين الانموذج ......ما العمل ؟ دعني أحلم أن يكون وراء هذه الافكار الحقة ساعد يمتلك كل مبرر

  3. مهند

    كفاكم ضحكا على العقول ايها اللاسياسيون، لا ادري ان ابى زماننا ان يأتي بأصلح منكم، ام جفت ارحام البطون! محاصصة مقيتة اتت لنا بأشخاص لا نعرف لهم من اصل، يتهافتون لاعتلاء المناصب لا من اجل الشعب بل من اجل خدمة مصالحهم الحزبية الطائفية ولنهب ما تبقى من خي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الستراتيجيّةُ العمياءُ وراءَ فاجعةِ الكرّادة..

في حُمّى "الهَلْوَسةِ السياسيّةِ" استرخى وزراءُ "الغَمْغَمَةِ" واللَّك..!

بينَ اليأسِ والإحباط مساحةٌ مضيئةٌ للصمت ..!

الموت حين يُصبح طقساً عابراً بلا مراسيم تشييع للفقراء .!

"بــيــروت مـــديـنـتــي".. وعـيـــنٌ عـلـــى بــغــداد ...

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram