اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > إرهابي مراهق من أسرة منحلّة: الدواعش أمام الكاميرات أقوياء ويبكون خوفاً بعد التصوير

إرهابي مراهق من أسرة منحلّة: الدواعش أمام الكاميرات أقوياء ويبكون خوفاً بعد التصوير

نشر في: 19 إبريل, 2016: 09:01 م

محمد علاء جمال، من مواليد 1999، طالب في الرابع الإعدادي، من سكنة منطقة الغزالية، عاش اليُتم، بعد مقتل والده خلال أحداث العنف الطائفي عام 2006، وترتيبه الثالث، بين خمس شقيقات وأشقاء، والدته تعمل  في إحدى دوائر البلدية، محمد انتمى لداعش في تشرين ا

محمد علاء جمال، من مواليد 1999، طالب في الرابع الإعدادي، من سكنة منطقة الغزالية، عاش اليُتم، بعد مقتل والده خلال أحداث العنف الطائفي عام 2006، وترتيبه الثالث، بين خمس شقيقات وأشقاء، والدته تعمل  في إحدى دوائر البلدية، محمد انتمى لداعش في تشرين الثاني 2014، وأعطى البيعة للبغدادي عن طريق شخص اسمه أبو خطاب، بسبب سلوك أخواته ووالدته غير السوي , كما ادّعى في التحقيقات، وبعد ان عمل في أكثر من مكان فمن عامل حدادة إلى عامل في  أسواق للمواد الغذائية، إلى محل لبيع الحاسبات و الهواتف النقالة، إلى عامل في مدينة ألعاب الغزالية, وقع بقبضة الأجهزة الأمنية متلبساً بقيادة شاحنة مفخخة، كنيته أبو طلحة الأنصاري.

ضياع وتفكك أسري
قصة جمال بدأت مع التنظيم الإرهابي بعد تعرفه على أحد العاملين معه في مدينة الألعاب، والذي يدعى سرمد طالب كلية يكبره سناً، سرمد بدأ بالتقرب مِنْهُ لتصبح العلاقة أكثر عمقاً بينهما، حيث أقنعهُ باللجوء إلى الصلاة وترك موضوع عائلته على جانب، لأن الدين والعقيدة أهم من العائلة. إلا ان مشاكل محمد مع عائلته ام تفارقه بسبب ما اسماه "سلوكهم غير الاخلاقي. ألامر الذي دفع والدته الى الابلاغ  عنه بتهمة الانتماء الى مجاميع مشبوهة. وهو ما دفع القوات الأمنية لمداهمة دار خاله الذي كان عنده بعد طرده من قبل امه واخواته بسبب انتقاده لهن على طريق العيش والعمل، أبناء خاله شرحوا لضابط المفرزة الأمنية طبيعة المشاكل بين محمد وعائلته فتفهم الموضوع وطلب من أمه حل مشاكلها بعيدا عن ازعاج القوات الامنية. ذاكرا أن أولاد عمته كانوا على هوى والدته وإخوته حيث اتهموه بالانتماء لجماعة متشددة بسبب علاقته السابقة بالمدعو، سرمد مزاحم، الذي تبيّن فيما بعد أنَّهُ أحد أفراد التنظيم، وشقيق قيادي كبير فيه يُدعى سعد مزاحم أحمد، المكنى (بأبي معاذ)، وهو هارب من سجن التسفيرات في صلاح الدين، علما أن سرمد أقنعه بالهروب من الواقع الذي كان يعيشه ومشاكل عائلته، والاستقلال عنهم، من دون أن أعلم أن الواقع الجديد أكثر مرارة وخطورة.

ارهابي في حضرة العسكريين
بحسب المصدر الاستخباري، ذهب محمد إلى كراج العلاوي، بهدف التوجه إلى سامراء بحثاً عن سرمد مزاحم، كونهُ من أهالي القضاء في شهر تشرين الثاني من عام 2014، في وقت كانت صلاح الدين تشهد قتالاً عنيفاً بين القوات الأمنية والحشد الشعبي ومجاميع تنظيم داعش، موضحا: أن جمال لم يكن يملك مالاً كثيراً ولا حتى هاتفاً نقالاً ليتواصل به مع سرمد، فنزل في سامراء بعد أن إستقل حافلة مملوءة بالجنود الملتحقين إلى ثكناتهم العسكرية، وباتَ يومه الأول بالمدينة، حيث لم تفلح محاولته الأولى للاتصال بسرمد من هاتف أحد المارين، إذ كان رقمه خارج التغطية، فأضطر المبيت في حضرة الإمامين العسكريين، بذريعة انه زائر لا يمكنه الرجوع إلى بغداد بسبب تأخر الوقت.

الدور (وامير الجلام)
ويواصل المصدر الاستخباري حديثه لـ(المدى برس) في اليوم التالي خرج جمال من العتبة العسكرية وراح يسأل بطريقة غير مباشرة، عن كيفية الوصول إلى قضاء الدور الخاضع لسيطرة داعش، إذ اتخذ هذا القرار بعد أن يأس من لقاء مزاحم، كاشفاً: أنه نجح بالفعل في إيجاد وسيلة توصله إلى مبتغاه، وهي عبارة عن عجلة تحمل خضراوات وبقوليات ذاهبة إلى كركوك عبر طريق (نيسمي) حيث ترجل من على مسافة 5 كم من ساحة الرايات، مفرق قضاء الدور.
واسترسل المصدر: بعد أن وصل إلى الساحة، استفسر من أحد عناصر داعش المتواجدين فيها ضمن مفرزة عن كيفية إيجاد سرمد مزاحم، فأوقفه واستجوبه عن كيفية وصوله، وبعد أن شرح لهم ذلك، قامت المفرزة بمناداة ما يدعونه أمنية التنظيم، الذين جاءوا واحتجزوا جمال لمدة يومين في أحد البيوت للتأكد من صحة روايته، لينقل بعدها إلى مكان آخر بواسطة شخص يدعى أبو خلدون، وهو ما يسمى بـ"أمير الجلام" في صلاح الدين. وحسب المعلومات ان ابو خلدون من قادة التنظيم وينتمي لعائلة الخليفة "المزعوم" البغدادي، وشقيق الإرهابي المدعو هيثم السبع، المُشارك بعملية تفجير مرقد الإمامين العسكريين.

دروس الشريعة والاعداد الارهابي
وتطرق المصدر الى أن أبا خلدون قام بتسليم جمال إلى بيت (شرعي الدور) المدعو (أبو حفص)، الذي بدأ بدون تردد بالخطوات الأولى لتجنيده من خلال دروس سريعة بالشريعة والسنّة، وأهمية إعادة الخلافة الإسلامية، وخلال (48) ساعة بدأ جمال باستيعاب فكرة الانتماء للتنظيم، فقام أبو حفص بتسليمه إلى مسؤول المضافات بقضاء الدور، المدعو (أبو فاطمة)، الذي اسكنه في إحدى المضافات لمدة ثلاثة أيام، موضحاً:  أن جمال أصر بعد ذلك على إيصاله لسرمد، فأخذ إلى مساعد إداري ولاية صلاح الدين (ابو رياض)، المدعو (أبو عبد الله) ومقرهم حينها في تكريت.
ويتابع المصدر الاستخباري المشرف على التحقيقات مع الارهابي المكنى(أبو طلحة الأنصاري) بعد الاتصال بسرمد من قبل مساعد إداري صلاح الدين، والذي يعمل إدارياً لمنطقة جزيرة سامراء، تعرف على جمال، وأوصى به إلى حين المجيء لأخذه، فأرجعوه من تكريت وسلموه إلى إداري مجمع الدور السكني الذي يعد اهم مقار تجمع التنظيم، المدعو (أبو أحمد) مستطردا: أنه بعد أربعة أيام جاء سرمد مزاحم، وكنيته بالتنظيم (أبو غيث) ومعهُ شرعي منطقة الجزيرة، المدعو (أبو خطاب) الذي أخذ من جمال البيعة للبغدادي لاحقاً، وأعطاه كنية جديدة، هي أبو طلحة.

قلة المعسكرات والاعلام العسكري
في التحقيق الذي استمر ايام وساعات ذكر جمال (ابو طلحة) إن اللقاء مع سرمد كان حميمياً، حيث زالت مخاوفي خاصةً بعد أن عرفت أن شقيق سرمد، المدعو سعد مزاحم، وكنيته أبو معاذ، هو نفسه أمير منطقة الجزيرة، وبعد وصولي لمنطقة الجزيرة، وتحديداً قاطع السدة، بقيت لمدة أسبوع في إحدى المضافات للراحة بعد التعب والقلق الذي عانيت منه على مدى  أيام عدة، وبعدها دخلت في دروس التدريب البدني والشريعة والتعلم على أنواع السلاح. مردفا: ولعدم وجود معسكرات للتدريب ومضافات كافية تَسَع كل الموجودين قرر التنظيم أن أكون ضمن ما يسمى الإعلام العسكري لقاطع الجزيرة، وهو منصب من الصعب الحصول عليه في مدة قياسية قصيرة حسب قول جمال. مضيفاً أن أمراً صدر من قيادات التنظيم بضرورة إكمال تدريب العناصر الجديدة بشأن الأمور الشرعية والعسكرية فجاء أحد الناقلين ويدعى (أبو ياسر) ، لأخذ العناصر الجديدة البالغة عددها (18) شخصاً إلى أحد المعسكرات في تكريت، وبالفعل تم أخذنا بعجلة نوع كوستر نيسان، وأثناء الطريق مررنا بأهم منطقة في تكريت وهي حي القادسية، حيث التقيت عن طريق الصدفة ، بما يسمى أمير القادسية، المدعو أبو ياسين، واسمه طلال السامرائي، الهارب من سجن التسفيرات مسبقاً، الذي قُتِل فيما بعد أثناء اقتحام تكريت من قبل القوات المشتركة. مشيرا: إلى أن أبا ياسين أصرّ على بقاء العناصر الجديدة في حي القادسية لحاجة القاطع لعناصر تعزيزية على الرغم من عدم رضا العناصر، فتم توزيعهم على نقاط مرابطة أمام جامعة تكريت لمدة 35 يوماً مستمرة، وفي تلك الأثناء لم تحدث أي اشتباكات أو قصف.

شآيات قرانية وأحاديث نبوية
واستطرد ابو طلحة بالقول: ان التنظيم كان يوزع المأكل والمشرب وكفالة تُقدر بـ(150) دولارا شهرياً فضلاً عن الكفالة الطبية، في حال احتاج أي عنصر لذلك، خاصةً أن الكثير من الأطباء والممرضين كانوا مع التنظيم سواء من أهالي تكريت أم من خارجها، حيث كانوا يباشرون العمل في مستشفى تكريت العام. مؤكدا: أنه لم يكن مقتنعاً في البداية تماماً بما يجري، لكن بمرور الوقت تولدت لديه القناعة الكاملة بأن انتماءه لداعش هو الخيار الصحيح لخوض الحرب مع الدولة الإسلامية ضد الروافض، خاصةً أن الشرعيين يستعملون آياتٍ قرآنية وأحاديث نبوية وأساليب اقناع لتثبيت العقيدة العدائية لأي شخص لا ينتمي لهم. موضحا: أن "الشرعي الذي كان الأكثر تأثيراً فيه هو المدعو (أبو صهيب) عراقي الجنسية، والذي كان عدائياً جداً مع كل الأطراف وله أسلوب مقنع حسب وصفه. كاشفاً:  أن أبا صهيب كان آخر من يتكلم مع الذين يذهبون لتفجير أنفسهم بسيارات مفخخة، حيث كانت الكلمات الحاضرة دائماً عنده هي، إعلاء كلمة الله.
وبين جمال: كنت دائماً بالخطوط الأمامية إما بالمرابطات وإما بتصوير المعارك، مضيفا: أن بقاءه بالمرابطة طال في حي القادسية، حتى جاء ما يعرف بـ(عسكري) حي القادسية المدعو أبو النور، عراقي الجنسية. ذاكرا: أن (95%) من قيادات سامراء والدور والجزيرة وتكريت كانوا من العراقيين باستثناء الانتحاريين.

4000 آلاف ضحية و150 مجرما
ويقول أبو طلحة، "تحدثت مع (عسكري) حي القادسية، لإرجاعي إلى وضعي السابق كإعلامي لقاطع الجزيرة، فوعدني أن يأخذ لي موعداً مع أمير الإعلام في صلاح الدين، المدعو (أبو ماريا) عراقي الجنسية، تولد 1987، ومقره قضاء الدور. مبينا: أن (أبا ماريا) واثنين آخرين أحدهم يدعى (أبو الحارث)، عراقي الجنسية، قُتِل فيما بعد والثالث كنيته خباب، عراقي أيضاً، تحول فيما بعد إلى شرعي بتكريت، كانوا هم من صوروا جريمة سبايكر، التي كان أبرز شخص فيها من العرب يدعى (أبو عمر السوري) مسؤول عن الدفاع الجوي بالعملية بسلاح أحادية نوع 23 ملم، في حين كان المسؤول عن العملية كلها المدعو (أبو نبيل) والي صلاح الدين السابق، وهو نفسه الذي قاد غزوة سامراء الأولى. كاشفا: أن المشتركين الآخرين هم كل من المدعو أبو عبد العظيم، أمني تكريت الذي كان يعدم فوق النهر، والمدعو ناصر أمونة، وأبو عبد الهادي، بما يسمى قاضي تكريت، والمدعو أبو جعفر، الذي كان ينفذ بملابس رياضية، وإرهابي آخر يدعى أبو الجيس، وهو أحد عناصر أمنية تكريت"، ويؤكد أن "العدد الكلي لضحايا سبايكر قد يصل إلى قرابة الأربعة آلاف، في حين يبلغ عدد الذين نفذوا الجريمة قرابة الـ150 إرهابياً اجتمعوا في القصور الرئاسية بتكريت قبل تنفيذ الجريمة.

عطل السيارة يؤجل لقاء حور العين
واستطرد أبو طلحة، أنه بعد فشل نقله الى الاعلام توعده (عسكري) حي القادسية بقتل الردة اذ كرر الامر. مبينا: أنه قرر أن أكون انتحارياً في احدى الغزوات عن قناعة تامة وليس بتأثير الضغط العائلي السابق، بعد أن أرسل لتصوير إحدى الغزوات والتقى بالانتحاريين الذين يسميهم التنظيم بالاستشهاديين وعايشهم لأكثر من أسبوع بعد تأخر الغزوة لأسباب فنية. لافتا: الى أن الانتحاريين كل من أبو الوليد، لبناني، وأبو عمر، سعودي. وأبو مصعب، وأبو بكر وأبو القعقاع، وأبو المنذر، سوريين. وأبو عمر، وأبو بكر، عراقيين. كاشفا: انهم من مواليد التسعينيات، أقنعوه خلال تلك المدة، بأن الدنيا زائلة أولاً وأخيراً وأن لنا الجنان والحور العين.
وبسبب تأخر مجيء مسؤول التصوير الجوي من الموصل المدعو، أبو دجانة، عراقي، لأن الأوامر كانت تقضي بتصوير العملية (جوا) إقتنع  جمال بفكرة الشهادة (الانتحاري) وركب مع احد الانتحاريين في احدى العجلات المفخخة نوع BMB ، والتي انطلقت من جزيرة سامراء باتجاه قطعات عسكرية. مؤكدا: أن الخوف قد تملكه لحظة انطلاق العجلة المفخخة، إلى حد الشعور بالموت اختناقاً من هول الموقف، حتى جاءت المفاجأة حين تعطلت العجلة، وتراجع قائد العجلة المدعو أبو الوليد عن التنفيذ، ليتم سحبهم من قبل التنظيم إلى الجزيرة، فيما نفذ بقية الانتحاريين عملياتهم.

توبيخ وتصوير أولى الغزوات
فشل العملية أعاد جمال الى الإعلام وحظي بسمعة أكبر لدى التنظيم حتى طلبه أمير الإعلام، ابو ماريا بعد يومين من الحادثة، حيث وبخه وحذره من تكرار ذلك. واصفا اياه بالعنصر الجيد جداً لما يملكه من ذكاء وذاكرة ووجه غير مألوف حسب ابو ماريا. الذي شدد على وجود الانتحاريين دائماً. جمال اعتبر ذلك الحديث نصيحة، وقام بتصوير إحدى غزوات سُوَر شناز التاريخي الذي كان يُعد خط صد بين القوات الأمنية وداعش.
ويذكر أبو طلحة في التحقيق: أن العملية كانت تَضم انتحاريين أثنين احدهما تركي والآخر عراقي في يومها انفجر العراقي فقط في حين انسحب التركي، ويدعى أبو القعقاع، في آخر لحظة بسبب الكثافة النارية للقوات الأمنية على المحور الذي أراد الدخول مِنْهُ. مبينا: أن أمراً آخر جاء لتنفيذ غزوة جديدة بمنطقة سُوَر شناز أيضاً لأهمية المنطقة كونها تبعد (15) كم فقط عن مركز مدينة سامراء، وفي هذه الغزوة انفجر ثلاثة انتحاريين يستقلون عجلات مفخخة، وهم عراقيون كما أن إطلاقة قناص من القوات الأمنية قتلت الإعلامي الآخر الذي كان معي ويدعى، أبو صكر عراقي حيث انسحبنا بعدها إلى قضاء الدور.

الملا إبراهيم السبعاوي ومكيشيفة
اشترك أبو طلحة في غزوة منطقة مكيشيفة، مع قوات خاصة تم تشكيلها في تكريت بإمرة أمير حي القادسية المدعو طلال أبو ياسين، توحّدت مع قوة أخرى تم تحضيرها في مكيشيفة من قبل (المُلا) إبراهيم السبعاوي، ابن اخو صدام حسين، الذي ويشغل منصب أمير مكيشيفة. أخذ قاطع مكيشيفة بعد أن فجر أربعة انتحاريين بعجلات مختلفة الأنواع أنفسهم في القاطع، بعدها توالت الاشتباكات مع القوات الأمنية وكان واجبه التصوير.
عن ذلك يقول: تقدم القوات الأمنية نحو تكريت جعلنا محاصرين مع خمسين عنصراً من داعش في منطقة مكيشيفة، تمكنّا من الانسحاب بأعجوبة إلى منطقة الحجاج عبر زوارق من جهة ناحية العلم التي تحررت مسبقاً، وكانت خطوة خطيرة جداً. لافتا: إلى أنه بقي في منطقة الحجاج (38) يوماً دون ظهور أو تحرك كون ذلك يعني القتل المباشر من قبل الطلعات الجوية، واعتمد خلال تلك المدة على المحاصيل الزراعية للمنطقة، بعد محاصرتها وعدم إمكانية الاعتماد على أي شخص أو عائلة. كاشفا: أن التنظيم نجح في سحب العناصر المحاصرة في منطقة الحجاج إلى بيجي عبر طريق طوله (10( كم، هو أخطر الطرق، بعد أن قام أمير تكريت المدعو أبو مهند، بإرسال انتحاريين أثنين يرتديان حزامين ناسفين ويستقلان عجلتين مفخختين مصفحتين لتفجير الجسر الرابط بين تكريت والعلم لإلهاء القوات الأمنية، وتم في اثر ذلك انسحابنا مع حدود 200 عنصر باتجاه بيجي.

بريطاني يسيطر على مصفى بيجي
وبشأن مصفى بيجي وكيفية السيطرة عليه من قبل التنظيم يقول أبو طلحة، إن طريق الإمداد للتنظيم كان مقطوعاً بين المصفى ومحطة الطاقة الكهربائية لوجود قطعات عسكرية في القاطع الجنوبي من المصفى، فقام التنظيم بإعداد ما أسموها غزوة المصفى بإمرة شخص يدعى أبو حسن، من أهالي الأنبار، برفقة (20) انتحارياً تقريباً. مضيفا: أنه على الرغم من القصف العنيف للتحالف عبر الطائرات المسيّرة إلا أن الغزوة نجحت بالوصول إلى البوابة الجنوبية بعد أن فجر احدهم نفسه داخل الثكنة وهو سوري الجنسية، في حين تمكن الباقون من السيطرة عليها وهم من جنسيات مختلفة بينهم بريطاني وطاجيكستاني وأتراك وعرب، حيث قتل قائد الغزوة أبو حسن. موضحا: أن داعش أراد بعد ذلك توسيع طريق الإمداد فقام بالتحرك من قرية البو جواري الملاصقة للمصفى عن طريق تجهيز آلية نوع ثقيلة (شفل) مصفحة مفخخة منصوب عليها أحادية، بفتح الثغرة الأخيرة بالمصفى، وبالفعل تم ذلك بعد أن انفجر الانتحاري وأصبح المصفى كله تقريباً تحت سيطرة التنظيم، في حين كانت تصور جميع تلك العمليات، من قبله وبمساعدة أبي صكر وأبي الزبير وأبي ادريس وأبي عكرمة وأبي شعيب، وكلهم عراقيون ضمن إعلام صلاح الدين.
نينوى بيد العرب والاجانب
واسترسل جمال بحديثه اثناء التحقيق: أن بقاءه في مصفى بيجي استمر لأكثر من شهر، وسط  ظروف صعبة وخطرة كثيرا بسبب القصف المكثف، حيث كان الرباط والمنام دائماً تحت أنابيب المصفى، إلى أن قُصف المصفى في أحد الأيام بنحو عنيف جداً أدى إلى موت أو إصابة الكثير من العناصر وكنت من ضمنهم، فتم سحبي معهم إلى الموصل للتداوي في إحدى المضافات المخصصة لتطبيب الجرحى، حيث استقبلت من قبل ما تسمى كتيبة عمر أبن الخطاب، وهم من العرب والأجانب، الطاجكستانيين والقوقاز وأذربيجانيين والأوزبكستانيين. مضيفا: انهم يُعتبرون من أشرس المقاتلين بالتنظيم، وكانت تربطني معهم علاقات جيدة، بقيت في الموصل لأكثر من ثلاثة أسابيع وكانت محطة راحة جيدة جداً تختلف عن مدن صلاح الدين فالحياة كانت طبيعية والأخطار تَكاد لا تُذكر.
الشيشاني والدافع المعنوي
ويتابع أبو طلحة، بعد أن تحسنت حالتي الصحية رجعت إلى المُضافة الأصلية في منطقة الدبس التي انسحب لها أغلب العناصر الذين كانوا في الدور والجزيرة وتكريت، وبمجرد وصولي قدمت طلباً لنقلي من ولاية صلاح الدين إلى ولاية نينوى متعذراً بالحالة الصحية من جانب، والخلافات مع بعض عناصر التنظيم من جانب آخر، بسبب تقرب القيادات لي. مستدركا: إلا أن أمير إعلام ولاية صلاح الدين، أبو ماريا، رفض الطلب لكنه أبقاني في مضافة الإعلام بقاطع الدبس لتولي مهام النسخ والطبع الخاص بإصدارات التنظيم. واردف جمال: في أحد الأيام جاء والي صلاح الدين الجديد ويدعى أبو زيد العفري، برفقته الشيخ أبو عمر الشيشاني، حيث سلم على كل الموجودين بالمضافة لكنه اهتم بي بنحو خاص وسألني عن أحوالي وكان يتكلم بالعربي الفصيح، بعدها التقطنا صورة فوتوغرافية وذهب، حيث انتابني شعور غريب حينها فالشيشاني يُعد من أهم قيادات الصف الأول بالتنظيم وأحسست أن مجيئهم للمضافة كان بهدف إعطائي دافعاً معنوياً للاستمرار بالعمل مع التنظيم.
النقل الى كتيبة الانتحاريين
إلا أن الخوف من كثرة الطلعات الجوية، التي كانت تصيب جمال بالإغماء كلما سمعع صوت طائرة جعلته يطالب مجدداً بالنقل لولاية نينوى من خلال تقديم الطلب مباشرة إلى الوالي المدعو أبو زيد العفري، الذي غضب غضباً شديداً، وخاطبه: أنا نادم لكوني أرسلتك للعلاج بالموصل حسب قول جمال الذي أعيد إلى بيجي التي كانت تشهد اشتباكات وقصفاً عنيفاً جداً.
عن ذلك يقول ابو طلحة: اتخذت قراراً بتقديم طلب للانتقال مع كتيبة الانتحاريين، وبالفعل تم قبول الطلب ونقلي إلى مضافة الانتحاريين بمنطقة الصينية، حيث بقيت شهراً كاملاً انتظر دوري في ركوب المفخخة، مبينا: كان بالمضافة الكثير من الانتحاريين العراقيين والعرب والأجانب. منوها: ان التنظيم كثّف خلال ذلك الشهر المحاضرات الشرعية وكان ممنوعاً علينا الاختلاط والخروج إلا بمحيط المُضافة، إلى أن جاء دوري بعملية خطط لها للتنفيذ في قاطع مكيشيفة، فتم سحبي مع انتحاري آخر عراقي الجنسية يدعى ابو بهاء، إلى الموصل للقاء المشرف عليها، وهو المدعو أبو همام البدري، الذي يشغل منصب أمير مدينة سامراء، وتم اللقاء به لشرح العملية التي كان من أولوياتها أن ينفذها عراقيون، لأن العجلة عبارة عن شاحنة (تريلة) مفخخة بشكل سري، وكان من المفترض أن تدخل إلى آخر نقطة ممكن العبور لها عِبرَ الطريق العادي مروراً بنقاط التفتيش بحجة نقل حاصودة إلى قاطع مكيشيفة.
الاستخبارات تفجّر الشاحنة
أبو طلحة وأبو بهاء لم يكونا على علم بأن لدى منظومة استخبارات الشرطة الاتحادية معلومات مسبقة عن نية التنظيم إدخال عجلة مفخخة، فحدد فريق العمل الذي بقي مرابطاً في مكيشيفة لأكثر من أسبوعين الانتحاريين، وقاما باختلاق مشاجرة بين سائقي سيارتين فتوقف السير لمدة ربع ساعة تقريباً، وبمجرد أن نزل الانتحاريان من عجلتهما لمعرفة سبب توقف السير، القي القبض عليهما وتم سحبهما، وإفراغ المنطقة من الناس وتفجير (التريلة) تحت السيطرة، كما يؤكد المصدر الاستخباري. وذكر أبوطلحة  أن تفجير (التريلة) تحت سيطرة الاستخبارات أوهم التنظيم بنجاح التنفيذ، حيث نشر التنظيم بياناً وصوراً سابقة لي ولأبي بهاء، عن مكان وزمان التنفيذ دون أن يعرفوا إننا تعاونا مع الاستخبارات بكشف كل ما نعرفه عنهم بالأسماء والأماكن. مضيفا: أن التنظيم يعتمد بنحو كبير جداً على الإعلام لدوره البالغ في الإقناع والترغيب والترهيب، فعناصر التنظيم يكونون أمام الكاميرا متماسكين وبمجرد أن ينتهي التصوير يهرب الكثير منهم بل وبعضهم يبكي خوفاً من شدة الاشتباكات، لأنهم أولاً وأخيراً بشر يَشْعُرون بالخوف في أية لحظة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. المهندس سمير احمد

    حري بصحيفة محترمة مثل المدى ان تكون اكثر احترافية وموضوعية. ان التعريض لسمعة الناس لتبرير ظواهر اجتماعية الدولة والثقافة الطائفية المشوهة هما سبباها المباشرتان لن يؤدي الا الى مزيد من تشويه الوعي وحرف الحقائق. ان حال هذا الشاب هي حال الالف والالف من العا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram