لنفترض أنّ النواب المعتصمين أو المنتفضين قد نجحوا في إطاحة رئيس مجلس النواب ونائبيه مرة وإلى الأبد، ولنفترض أن إجراءً كهذا سيحظى بالقبول ليس فقط من الأغلبية البسيطة داخل المجلس وإنما من الأغلبية الساحقة ومن مختلف قوى الطبقة السياسية ومن أغلبية الشعب، فما تكون الخطوة التالية؟
على مدى الأيام الماضية التي شهدنا فيها "همروجة" الاعتصام أو الانتفاضة، لم نسمع جملة مفيدة واحدة تفيد بما يُمكن أن تؤول إليه الأوضاع لاحقاً، وبخاصة لجهة تحقيق المطالب المطروحة من الحركة الاحتجاجية الشعبية التي لها الفضل في كل ما يجري الآن. كل ما سمعناه من النواب المعتصمين هو مطالبات بإقالة الرئاسات الثلاث، أو إقالة رئاسة مجلس النواب وحدها أو هي ورئاسة الوزراء. كما سمعنا أصواتاً عالية تدعو إلى إلغاء نظام المحاصصة.
إذا ما أفلح النواب المعتصمون أو المنتفضون في عقد جلسة تامة كاملة وغير مطعون بها للمجلس، وأعادوا الاستقرار إلى قبة البرلمان، فهل ستكون خطوتهم التالية إلغاء نظام المحاصصة انطلاقاً من قبّتهم نفسها، باختيار هيئة رئاسة لا يكون بالضرورة رئيسها سنيّاً ونائبه الأول شيعيّاً ونائبه الثاني كرديّاً؟.. هل سيتجاوزون الهويات الطائفية والإثنية لأعضاء هيئة الرئاسة الثلاثة ويكون الاختيار على وفق مبادئ المواطنة وقواعد المهنية؟
وإذا ما تجاوزنا هذا، وهو مما يصعب تجاوزه، فهل تكون الخطوة اللاحقة لبرلماننا برئاسته الجديدة تشكيل حكومة لا محاصصة فيها أم أننا سنشهد، كالمعتاد، تكالباً من بعض النواب المعتصمين للحصول على مناصب وزاريّة لأنفسهم أو لأقارب ومحازبين لهم، مستندين إلى "الاستحقاق الاعتصامي أو الانتفاضي" مثلاً ؟!
وبعد الحكومة غير المحاصصاتية المُفترضة، هل ستكون مهمة الرئاسة الجديدة واللجان البرلمانية التفتيش في أدراج طاولات الرئاسة السابقة عن القوانين الأساسية اللازمة لبناء الدولة ولإلغاء نظام المحاصصة، والمؤجلة منذ دهر، كقانون النفط والغاز وقانون مجلس الاتحاد وقانون المحكمة الاتحادية وقانون صلاحيات المحافظات وقانون الاجتماع والتظاهر السلمي وقانون حقّ الحصول على المعلومات وقانون النقابات والاتحادات وقانون الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميّات، فضلاً عن قانون العفو العام ؟.. وهل سيُفعّل المجلس برئاسته الجديدة القوانين المُشرّعة وغير المعمول بها حتى الآن لتعارضها مع نظام المحاصصة كقانون مجلس الخدمة العامة؟ .. وفي غضون ذلك، هل ستطلب الرئاسة الجديدة واللجان البرلمانية إعادة النظر في قوانين مستحقّة التعديل، وبخاصة قانون الانتخابات وقانون الأحزاب وسواهما مما يُعدّ تعديلها من الضرورات لإلغاء نظام المحاصصة؟ .. وفي الأثناء هل سيَشرعُ برلماننا برئاسته الجديدة في إعادة هيكلة الهيئات "المستقلة" وتنظيفها من مسؤوليها المحاصصاتيين؟ وهل سيستبدِلُ وكلاء الوزراء ورؤساء المؤسسات والمدراء العامين والسفراء وسواهم من أصحاب الدرجات الخاصة المعيّنين على وفق نظام المحاصصة وبالوكالة، بمن فيهم جنرالات الجيش والشرطة والأمن الوطني، ويُعيِّن في محلهم بدلاء أصليين يختارهم المجلس على وفق معايير الكفاءة والمهنية والنزاهة والوطنية ومن دون تكالب من بعض النواب لمنح المناصب الشاغرة إلى أقاربهم ومحازبيهم أو لبيعها بالملايين؟
أجزم أنَّ شيئاً من هذا لن يحصل ولو بنسبة عشرة في المئة، فلا يمكن الوثوق بحركة تتصدّرها ثلّة من عتاة الفاسدين والطائفيين والمتخلّفين، ولا يُعقل أنّ حركة كهذه يُمكن لها أن تُحقِّق حتى هذه النسبة الضئيلة!
إذا نجح الاعتصام النيابيّ
[post-views]
نشر في: 19 إبريل, 2016: 06:31 م
جميع التعليقات 4
محمد سعيد
ما طرحته يااخي الكاتب تبدو احلام, حيث ان الطغمه الحاكمه في العراق منغمسه في توظيب قشور القضايا , وبعيده كليا عن طرح ومعالجه المشكلات والقضايا الحاسمه والاساسيه , كما طرحتها في هذه المقاله الموجزه , لان هذه الطبقه اما غير مؤهله بتاتا في الو
بغداد
يا استاذ عدنان حسين لو كان ابطال مسرحية البرلمان ( الهرطمان) المعتصمين المنتفضين جادين في إصلاح الوضع المنهار في العراق لكان اول شيئ فعلوه وبكل سهولة هو الإعلان عن إلغاء المحصصة ثم ترشيح رئيسا للجمهورية من الطائفة المندائية المسالمة التي تعشق العراق عشقا
ياسين عبد الحافظ
اؤيد ماتقوله ، وهو تكرار لما قلته انا سابقا ، ان العراقيين لا يستطيعون الاصلاح لوحدهم ، وبما ان للعراق اتفاقية استراتيجية مع الولايات المتحدة ، عليهم الاستعانه بها لتنفيذ هذا المطلب الاستراتيجي (القضاء على الفساد والمحاصصة) ، وفي حال عدم الذهاب الى هذا ال
ييلماز جاويد
لو كان عبد الكريم قاسم قد أعلن ما ستكون خطوته بعد تأسيس منظمة الضباط الأحرار لما كانت هناك ثورة 14 تموز .