إياد الصالحيما أقسى أن يعيش الانسان في برج مكابرته ، يوهِم الناس بانه يملك قلبا نقياً وحساساً بما يدور حوله ويتظاهر بالحرص والزهد والإيثار ويخادع نفسه بأنه الاشطر في البقاء على قمة غروره ، لن ينافسه أحد على درجة استبداده بالآراء والمشاعر والمزاج ..
واذا بنا نكتشف ان الانسان الموصوف بهكذا معايير آيل للسقوط في قبر ضميره الميت! لن يختلف الامر في الرياضة عمّا عليه في ميادين الحياة الاخرى ، هنا خبَرنا أصنافاً من الطغاة الذين ما ان تولوا تصريف شؤون مسؤولياتهم حتى تناسوا أنهم جزء من الحراك الإنساني المتفاعل بين الناس ولا ميزة لهم إلاّ بعناوين مناصبهم ، بيد ان كثيرا منهم نسي نفسه وراح يتدبر إدارة أعماله بما يصون مصلحته أولاً حتى لو دفع الثمن من ثقة الرياضيين لا ، بل أصواتهم التي حمّلته امانة ثقيلة استخفّ بها وراء ظهره ولم يعد يرى سوى ظله اللاهث امامه غير آبه بشكوى ومعاناة الآخرين ! إنّ بروز سياسة ( التطنيش) لدى مسؤولين معروفين عن مؤسسات رياضية كبيرة وصغيرة تماشياً مع إصرارهم ( لن نسمع .. لن نرى .. ولكن نتكلم مثلما نشاء) هذه العنجهية في التربية الجديدة المراد تطبيعها في العلاقة بين المسؤول الرياضي وأبنائه الرياضيين لم تبنِ لنا أملا بتطوير الرياضة في صحراء ألعاب قتلها جفاف الدعم والإهمال وصلت الى الرياضي البطل الذي لم يكن أمامه سوى الرضوخ تحت رحمة هكذا سياسة قاصرة لم تجد الرادع لها بعد ان خرّبت كلّ شيء ولم تعمّر شبراً من التفاؤل في رأس الرياضي المسكين. بصراحة ، وكي نسمّي الاشياء بشخوصها ودلائلها ، فإن واقع المسؤول الرياضي اياً كان موقعه يتناسى اغلب الاحيان إنه يعمل بالمثل المقيت: ( واحد يحترق بالنار .. والاخر يتدفأ خذوا مثلا رعاف منتخباتنا الوطنية تحت شمس العقوبة الدولية بينما يلوذ أعضاء الهيئة المؤقتة في فيافي الدوري المرتبك وكأن الامر لا يعنيهم بالرغم من تيقنهم أن أقدار الازمة هي التي سلّمتهم مقاعد ( الاتحاد المنحل) وان بعضهم لن يحظى إلاّ بصوته إذا ما غامر بتقدم الترشيح الى الدورة المقبلة . ولم يسلم الإعلام من سياسة الصمت التي دأب عليها بعض المسؤولين عن القرارات المهمة ذات العلاقة بسمعة هذا المنتخب أو ذاك المدرب أو الرياضي حيث أنها أوجدت مناطق شاسعة من الاستياء في طريق الإعلام والمسؤول الرياضي ، ما يدفعنا للتذكير بأنّ الإعلام الرياضي – للأسف- أصبح مطية الشهرة لبعض (أشباه) المسؤولين في مفاصل رياضية كثيرة ، يتقدون كالجمرة عندما تفتح لهم الصحافة الرياضية قلبها ليدافعوا عن اتهامات طالت نزاهتهم وإدارة أعمالهم ، وينطفئوا كالرماد إذا ما ناشدتهم برفع الحيف عن الرياضي او المبادرة بترجمة مقترح يخلّص الرياضة من أزمة متفاقمة فذاك المدرب عدنان حمد يواصل العطاء خارج الوطن ولم يتقوقع في عقوبة حرمانه من التدريب مدى الحياة ، ويوم طالبنا برفعها لعدم وجود مسوّغ أو توصية من لجنة التحقيق مع الوفد المشارك في تصفيات مونديال 2010 التي أغلقت حال تشكيلها ولم يأتِ أحد على ذكرها ، سدّ المسؤول الرياضي أذنيه وربما فسّر مناشدتنا ( اعفوا عن حمد) بأنه استجداء أو إذلال لمقام مدرب وطني غيور .. كلا ، حمد لم يكلفنا بالكتابة بالإنابة ولن يتوسل شخصاً ما ونعرف انه من طينة المدربين الكبار الذين يتركون مآثرهم تردّ على من بهم صمم ، وآخر إنجازاته نيله المركز الـ 120 في تصنيف الاتحاد الدولي للتاريخ والاحصاء لافضل مدربي العالم خلال 14 عاماً الماضية مضافا الى انجازاته الذهبية في ميزان المفاضلة العالمية والقارية (بطل شباب آسيا في إيران عام 2000 ، المركز الرابع في نهائيات أثينا الاولمبية عام 2004 ، وأفضل مدرب في آسيا عام 2005 ). ليس هذا فحسب ، بل كثير من النجوم وأصحاب الاعمال المتميزة والاوفياء المضحين كالجنود المجهولين أغمض الموت عيونهم ودموع الحاجة لم تجفّ فيها ، استغاثوا .. استرحموا أمام يأس الحياة وخوف أولادهم من المجهول ، فرحلوا غرباء عن البيت الرياضي مثلما رحل آخرهم الإداري فخري أبو الليل راضياً عمّا قدمه لنادي الشرطة لكنه لم يقبض موقفا انسانياً يوم كان حياً يتلوّع على فراش مرضه ، ومُيعت عشرات النداءات العاجلة من مقربيه الى رئيس النادي لإنقاذه قبل أن يلفظ أنفاسه معتزاًُ بكرامته ، فاضطر النادي لأن يحفظ ماء الوجه ببيان بليد: ( سيبقى أبو الليل في ضمير نادي الشرطة)! ومضة : نأمل ان يكون رياض نوري في الضمير الحي قبل أن يموت !
مصارحة حرة :اجتثاث الضمير الميّت
نشر في: 23 يناير, 2010: 06:06 م