TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أسئلة الأسد

أسئلة الأسد

نشر في: 23 إبريل, 2016: 02:57 م

يومَ وصلتُ إلى دمشق للسكن فيها ( امتدّ لعشر سنين)، في أيلول 1982، نازحاً من بيروت مع المئات من العراقيين والآلاف من الفلسطينيين والعرب من جنسيات مختلفة إثر اجتياح القوات الاسرائيلية للعاصمة اللبنانية قبل ذلك بثلاثة أشهر، كان عدد سكان سوريا لا يتجاوز عشرة ملايين نسمة.
من المفترض أن العدد يكون قد تضاعف قبل خمس سنوات من الآن، أي قبل اندلاع الانتفاضة السورية التي تحوّلت الى حرب إبادة شاملة وخراب عميم. لكنْ لابدّ أن العدد قد تناقص كثيراً الآن، فالأرقام الواردة في الأنباء عن ضحايا الغارات الجوية وسائر العمليات العسكرية تُعدّ بالعشرات يومياً، برغم الهدنة المعلنة بين قوات النظام السوري والمعارضة الموصوفة بالمعتدلة.
أمس مثلاً، أفيد بمقتل وإصابة 35 شخصاً، معظمهم من الأطفال والنساء، في غارات جوية على بلدة دوما التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، قرب دمشق، وأول من أمس كانت حصيلة الهجمات في حلب وحدها، شمالي البلاد، أكثر من 75 قتيلا ومصاباً.
المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي ينشر على نحو يومي تقريباً إحصائيات عن أعداد ضحايا الحرب السورية، يقول أنه في خمس سنوات قُتل 271 ألف سوري بينهم 80 ألف مدني، فيما قُتل 97 ألفًا و842 عنصرًا من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين له من غير السوريين. وبعض الجهات تقدّر عدد الجرحى والمصابين نتيجة الحرب بأكثر من 265 ألف شخص، لكن جهات اخرى ترفع العدد إلى أكثر من مليون حتى نهاية العام الماضي، وهذا هو الأرجح، فلا يُعقل أن يكون عدد الجرحى والمصابين في أي حرب أقل من عدد القتلى.
للمحنة السورية جانب آخر لا يقلّ مأساوية، فثمة إحصائيات تفيد بأن أكثر من 7 ملايين سوري فرّوا من منازلهم وهجروا مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل سوريا، وأن ما يقارب الخمسة ملايين منهم أصبحوا لاجئين في دول الجوار أو عبروا البحار الى أوروبا في رحلات  انتهى الكثير منها إلى الموت غرقاً.
خاتمة الحرب في سوريا لا يلوح أفقها الآن، والنفق السوري المظلم لم يظهر بعد ضوء في نهايته، أي ان كل الأرقام الواردة أعلاه مرشّحة للتصاعد يوماً بعد آخر، بما يعني أن سوريا كلها لم يعد فيها بيت لم تنله قذائف هذه الحرب اللعينة.
السؤال الكبير: حتى لو نجح بشار الأسد، بفضل الدعم الروسي والإيراني له، في فرض بقائه في الحكم، فأيَّ شعب سيحكم؟ وكيف له أن يهنأ بالسلطة وسط محيط مترامي الأطراف وسحيق الأعماق من الكراهية له ولمن معه على رأس السلطة؟ ألم يرَ بشار الى مصير صدام والقذافي؟
هل من أحد مبلّغٌ بشار الأسد هذه الأسئلة ومبلّغ إيّانا الأجوبة؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. د عادل على

    دعنا نحلل ما يجرى فى سوريا والعراق------ والارهاب المستورد الى سوريا والعراق عبر الجارة المسلمه تركيا الناتوئيه-------وكانما هناك منبع كبير فى تركيا يصدر الارهابيين المحسوبين على الحركه الجاهليه ما قبل ابى سفيان -----قبل ظهور الدواعش حصلت تغييرات

  2. د عادل على

    دعنا نحلل ما يجرى فى سوريا والعراق------ والارهاب المستورد الى سوريا والعراق عبر الجارة المسلمه تركيا الناتوئيه-------وكانما هناك منبع كبير فى تركيا يصدر الارهابيين المحسوبين على الحركه الجاهليه ما قبل ابى سفيان -----قبل ظهور الدواعش حصلت تغييرات

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram