كان الشاعر الزهاوي على جانب كبير من الظرف والفكاهة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم (يومية) قبل ان يذهب الى المقهى، ويحرص على أن تكون (اليومية) (خردة) تضعها له الزوجة في كيس صغير ليسهل عليه توزيع (آناتها) ثمناً لما يشربه الذين يلتفّون حوله في المقهى مصفّقين له بحرارة كلما ألقى بيتاً من الشعر، وينقل لنا المؤرخ الراحل خيري العمري أن أحد الساسة العراقيين كان شديد الإعجاب بنفسه محباً للشهرة التي تدفعه أحيانا الى استئجار أناس يكيلون المديح له في المكان الذي يتواجد فيه نكايةً بغريمه الرصافي الذي كان يجلس على " تخت " قبالته " يهزّ يديه ساخراً من رجل عجوز يعتقد ان التصفيق يصنع شعراءَ كباراً .
عن التصفيق والمصفقين أعدتُ قبل أشهر قراءة كتاب ممتع عنوانه " لماذا يصفق المصريون " والكتاب في الحقيقة يتجاوز مسألة التصفيق عند أشقائنا أبناء النيل ليتناول تاريخ ظاهرة التصفيق عند جميع الشعوب وكيف تحوّل المصفّقون إلى أصحاب مهنة تدرّ عليهم أموالاً.
يُخبرنا الكتاب أنّ الإمبراطور نيرون أسّس مدرسة خاصة لتعليم فنون التصفيق ،وفي زمنه أصبحت مهنة المصفّقين المأجورين رائجة، وأنه كان يأمر ما يقرب من خمسة آلاف فارس وجندي من أفراد الجيش بحضور الحفلات الموسيقية التي كان يغني فيها وهو يعزف على القيثارة؛ ليصفّقوا له بعد أن ينتهي من الغناء والعزف.
ويقول لنا المؤلف إنّ هناك أنواعاً عدة من التصفيق "يمكن التمييز بين نوعين منها :التصفيق الأول تصفيق حر، يقوم به الشخص من دون ضغوط خارجية، وبمحض إرادته الكاملة، والثاني تصفيق إجباري، يقوم به الشخص مضطراً بسبب وجود ضغوط أو قيود تجبره على التصفيق. فالتصفيق مرآة تنعكس عليها علاقات السلطة بالناس.
تذكرتُ كتاب التصفيق ، وأنا أجد نفسي أُصفق بلا إرادة مني ، حين وقعت عيني على خبر يقول ، ان من أوائل البرقيات التي وصلت الى ملكة بريطانيا تهنئها بعيد ميلادها التسعين ، كانت للزعيم السابق للجيش الجمهوري الأيرلندي مارتن ماغينيس ، الذي قال للصحفيين إننا ندرك ان الناس تريد ان تعيش حياة دون صراعات.
العالم يعيش قدراً هائلا من التسامح ، فيما نحن نصرّ على ان نقضي أيامنا بالأحقاد والمعارك الفاشلة والساسة الانتهازيين ، فقدنا مئات الآلاف من الضحايا وتشرد الملايين ، لكننا نصرّ على أن نسلّم العدالة والقانون وحياة الناس الى سياسيين يتباهون أنهم لم ولن يتصافحوا تحت قبة البرلمان .
المشاهد الكوميدية في البرلمان أصبحت شيئا مملًّا ، بعد 13 عاما من التغيير ، العراق عاجز عن تشكيل حكومة تُرضي المواطنين ، وتقنع الضمائر، ونوّابنا ينحون باللائمة على المؤامرة الدولية !
لماذا لايتصافحون ؟
[post-views]
نشر في: 23 إبريل, 2016: 06:50 م
جميع التعليقات 4
وسام
وهذا مختصر الكلام كله. متى يتسامحون؟ متى يعطون الحق للاخر ان يعيش مثلما يريدون هم ان يعيشوا ؟ والسؤال هو هل يريدون الحياة ام لا؟ هل لديهم أفكار او نصوص او نية تعلمهم ان يتسامحوا؟ استاذي الفاضل هناك كراهية تسود ومستندة على نصوص ومفاهيم وتقاليد وأكثرها
أبو أثير
سيدي الكريم ... على ضوء ذكرك للتصفيق اللا أرادي من قبل العامة والناس للشخوص ... فعلى مدى سبعون عاما من عمري المتواضع لم أشاهد شخصية عامة نالت من عدد وحجم التصفيق اللا أرادي وتعبيرا عن غريزة الحب والتقدير والتفاني وألأخلاص بقدر ما ناله الزعيم الوطني العرا
وسام
وهذا مختصر الكلام كله. متى يتسامحون؟ متى يعطون الحق للاخر ان يعيش مثلما يريدون هم ان يعيشوا ؟ والسؤال هو هل يريدون الحياة ام لا؟ هل لديهم أفكار او نصوص او نية تعلمهم ان يتسامحوا؟ استاذي الفاضل هناك كراهية تسود ومستندة على نصوص ومفاهيم وتقاليد وأكثرها
أبو أثير
سيدي الكريم ... على ضوء ذكرك للتصفيق اللا أرادي من قبل العامة والناس للشخوص ... فعلى مدى سبعون عاما من عمري المتواضع لم أشاهد شخصية عامة نالت من عدد وحجم التصفيق اللا أرادي وتعبيرا عن غريزة الحب والتقدير والتفاني وألأخلاص بقدر ما ناله الزعيم الوطني العرا