في السادس والعشرين من نيسان هذا العام تكون قد مرت ثلاثون عاما على حدوث كارثة المفاعل النووي تشرنوبيل في اوكرانيا ،حين حدث انفجار في الوحدة الرابعة من المفاعل ، ما تسبب بأكبر كارثة نووية شهدها العالم.الروائية البيلاروسية سفيتلانا الكسيفيتش الحائ
في السادس والعشرين من نيسان هذا العام تكون قد مرت ثلاثون عاما على حدوث كارثة المفاعل النووي تشرنوبيل في اوكرانيا ،حين حدث انفجار في الوحدة الرابعة من المفاعل ، ما تسبب بأكبر كارثة نووية شهدها العالم.
الروائية البيلاروسية سفيتلانا الكسيفيتش الحائزة على جائزة نوبل للاداب عام 2015 قامت بتأليف كتاب يتناول هذه الكارثة بعنوان (صلاة تشرنوبيل) وتناولت صحيفة الغارديان في مقالة نشرتها بمناسبة هذا الحدث ، شخصية الكاتبة وتاريخ حياتها ومؤلفاتها.
تبتدئ المقالة بوصف للكاتبة سفيتلانا الكسيفيتش وهي جالسة في منزلها في مينسك عندما رن جرس الهاتف. فلعدة سنوات، كما تقول الكاتبة، سرت شائعات أن الأكاديمية السويدية تدرس اسمها كمرشحة لنيل الجائزة . ومع أنها تلقت بالفعل العديد من الجوائز. الا ان حصولها على جائزة نوبل للاداب لم يكن في حسبانها ،فهي لا تكتب الروايات بل المقالات الصحفية وقد مر أكثر من نصف قرن منذ ان منحت الجائزة لذلك النوع من الكتابة - ونستون تشرشل في عام 1953 – الذي فاز بجائزة نوبل في الأدب لذلك العام . كان الخبر من ستوكهولم مذهل حقا: فقد فازت سفيتلانا الكسيفيتش بجائزة نوبل في الأدب لعام 2015.
الهاتف في شقتها المتواضعة المكونة من غرفتين في العاصمة روسيا البيضاء لم يتوقف عن الرنين. وكان المتصلون شخصيات مهمة امثال الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، وشخصيات فرنسية والمانية من الرؤساء والأصدقاء. وارسل الآلاف من الناس رسائل تهنئة لها.
شخص واحد فقط التزم الصمت، كان ذلك الشخص هو دكتاتور بيلاروسيا( روسيا البيضاء) الذي يحكمها منذ 21 عاما، الكسندر لوكاشينكو. وواجهت لوكاشينكو معضلة كبيرة : فقد كانت الجائزة بديهيا شرف كبير لروسيا البيضاء، ولكن سفيتلانا كانت واحدة من أبرز المنتقدين لسياساته. وتقول الكاتبة انها كانت شخصا غير مرغوب به في بيلاروسيا. فلم يسمح بطباعة كتبها ، وكانت متاحة فقط في روسيا، أو يتم تهريبها عبر ليتوانيا في طبعات صغيرة بشكل سري . وليس هناك ذكر لاسمها في الكتب المدرسية.
تقول سفيتلانا الكسيفيتش عن موقف الدكتاتور في تلك الفترة " كان حينها وقت الانتخابات. وكان هناك الكثير من المراقبين الدوليين، لذلك اضطر لوكاشينكو أن يشير الى فوزي بجائزة نوبل. وهنأني في ذلك المساء من على شاشة التلفزيون، ". "وبعد ذلك بيومين، وبعد ان اقفلت صناديق الاقتراع وكان الجميع قد عادوا الى منازلهم، صرح علنا أنني هاجمت شعوب روسيا وروسيا البيضاء في اعمالي." وتضيف بامتعاض: "اما فلاديمير بوتين فلم يقدم لي التهئنة على الاطلاق. "
اصبح اسم سفيتلانا الكسيفيتش يذكر جنبا الى جنب مع كبار الادباء الذين يكتبون باللغة الروسية ومنحوا جائزة نوبل من قبل وهم "ايفان بونين، وجوزيف برودسكي وبوريس باسترناك". ".
مراسلة الصحيفة التقت الكاتبة في برلين. وكانت قد قضت عدة أسابيع لحضور ندوة ادبية في غرب المدينة، على ضفاف بحيرة انسي الهادئة. جلست معها في احد المقاهي في زاوية بعيدة عن النافذة بالقرب من صورة لفرانز كافكا. فالكاتبة تعاني من حساسية في العين ؛ لذا فانها لا تحب الجلوس قرب الضوء الساطع. أمضت سفيتلانا الكسيفيتش 12 عاما من حياتها في المنفى في مختلف المدن الأوروبية الغربية - باريس، برلين، جوتنبرج - قبل أن تعود قبل أربع سنوات للعيش في روسيا البيضاء. "أريد أن أعيش في بلدي. لا يمكنني الكتابة سوى في بلدي "،.
برغم شهرتها منذ سنين عديدة لكن فوزها بجائزة نوبل جعلها تصطف الى جانب مشاهير الأدب العالمي "،. منحت الجائزة للكاتبة بعد تأليف خمسة كتب وما يقرب من 40 عاما من الانشغال في الكتابة عن ما وصفته بالحضارة الحمراء اواليوتوبيا الحمراء : والمقصود هو الاتحاد السوفياتي في لحظات انكساره ومن ثم انهياره. وتقول الآن انها تبغي العيش "بهدوء " لكي تتاح لها الفرصة للعمل في مشاريع جديدة.
تبلغ سفيتلانا الكسيفيتش السابعة والستين من العمر وستقوم في الشهر القادم برحلة الى المملكة المتحدة للمرة الأولى،في حياتها وستتزامن رحلتها هذه مع الذكرى الثلاثين لكارثة تشيرنوبيل وصدور طبعة منقحة من كتابها (صلاة تشيرنوبيل)، الذي صدر لأول مرة في عام 1997
يستند كتابها (صلاة تشيرنوبيل) على مقابلات وثائقية مع شهود عيان - من الناجين من الكارثة. وتشمل عمال الإنقاذ، وقادة طائرات الهليكوبتر،الذين شاركوا في عمليات الانقاذ،و زعماء الحزب الشيوعي المحليين، والعلماء والقرويين الذين تم اخلاؤهم بالقوة من قبل سلطات "المنطقة"،
تعرضت بيلاروسيا الى سبعين في المائة من النشاط الإشعاعي الذي انبعث من مفاعل تشرنوبل. وبالنسبة لبلد صغير كانت تلك كارثة لا يمكن تصورها.وسوف تستمر آثارها لعشرات الآلاف من السنين – ما حدا بالكاتبة البيلاروسية سفيتلانا الكسيفيتش ان تضع عنوانا فرعيا لكتابها هو، "وقائع المستقبل".
استغرق الكتاب من سفيتلانا الكسيفيتش 11 عاما في الكتابة.وتصفه بانه لم يكن عملا صحفيا. وليس عن تشيرنوبيل فقط ولكن "عن كل مايتصل بعالم تشيرنوبيل".
فور وقوع كارثة تشرنوبيل في السادس والعشرين من نيسان 1986 وصلت سفيتلانا الكسيفيتش الى موقع الحادث في الوحدة الرابعة من المفاعل النووي،كانت النيران مشتعلة ووهجها البرتقالي اللون يرى من مسافات بعيدة ،كان وضعا جنونيا بكل المقاييس كما تصفه الكاتبة و(حينها اكتشفت كم كان النظام السوفيتي عاجزا عن التعامل مع تلك الكارثة ،كانت الفوضى في كل مكان وكان الجنود يتراكضون حاملين اسلحتهم الرشاشة وهم لا يعرفون على من يوجهونها !!!
كانت عواقب كارثة تشرنوبيل رهيبة: ارتفاع في حالات الاصابة بمرض السرطان، وانخفاض في الولادات، وتشوهات جينية . والدة الكاتبة اصيبت بمرض السكري ثم العمى ، واخيرا بالسكتة الدماغية.
وتذكر الكاتبة ان "عشرة من أصدقاء طفولتي من مينسك عاصمة بيلاروسيا توفوا بمرض السرطان. بسبب كارثة تشيرنوبيل "،. و"من يسافر إلى القرى ، سيجد ان اغلب النساء الشابات قد اصبحن عقيمات غير قادرات على الانجاب ".
في كتابها (صلاة تشرنوبيل) لم تشر سفيتلانا الكسيفيتش الى مأساتها الشخصية ، كان واجبها كمؤلفة كما تقول هو ان توصل صوت اولئك الناس الذين لم يسمعهم احد.