TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل يعترف الإسلام السياسيّ بفشله؟

هل يعترف الإسلام السياسيّ بفشله؟

نشر في: 25 إبريل, 2016: 05:09 م

حتى لو تجاوز مجلس النواب مشكلته وانشقاقه، وهو أمر مستبعد حتى الآن، واستطاع أن يعقد اليوم جلسة مكتملة العدد، فليس من المرجّح أن يكون هذا مدخلاً لحلّ مشكلة المجلس التي هي مظهر من مظاهر الأزمة الشاملة التي يعانيها النظام السياسيّ برمّته.
ومثل الجلسة البرلمانية المكتملة، أياً كان تاريخ انعقادها، فإن تشكيل الحكومة الموعودة، سواء كانت تكنوقراطية أو غير تكنوقراطية وتضمّ أفضل الكفاءات وأنزهها في البلد، لن تكون هي أيضاً مدخلاً آخر لحلّ هذه الأزمة الشاملة التي ستظلّ قائمة ومتواصلة، ومتناسلة الأزمات والمشاكل المدفوع ثمنها أنهاراً من الدم العراقي، وبحيرات من الدمع العراقي، ومئات المليارات من المال العام والخاص العراقي.
لاحلّ جقيقياً ودائماً للأزمة البرلمانية الحالية وللأزمة السياسية الشاملة ولسائر المشاكل والأزمات، ما لم يحصل شيء واحد هو الاعتراف بالخطأ. مرتكب هذا الخطأ هو في المقام الأول الإسلام السياسي، بأحزابه ومنظماته وتحالفاته وتكتلاته المختلفة، الشيعية والسنيّة سواء بسواء.
هذا الذي يحصل الآن، والذي حصل منذ 2003،  هو من نواتج الخطأ المُرتكب على أيدي أحزاب الإسلام السياسي ومنظماته وتحالفاته وتكتلاته. هي جميعاً سعت للاستئثار بالسلطة. ساعدها في هذا نظام المحاصصة الذي اخترعته ودافعت عنه حتى اليوم بأسنانها وأظافرها  وبتفجيراتها المتبادلة وبحربها الطائقية. هذه الأحزاب الإسلامية لم تشأ أن تترك في السلطة هامشاً لغيرها. كلّ واحد منها تصرّف في الوزارة والمؤسسة والمديرية والمحافظة التي وُضعت في عهدته بوصفها غنيمة وملكاً صرفاً له ولحزبه، وقلعة حصينة يُحظر حتى على الطير التحليق في فضائها. من نواتج هذا أن تولّى إدارات الدولة مَنْ لا علم لهم ولا خبرة ولا شأن بالإدارة، بل لا معرفة لهم حتى بالأصول والقواعد واللياقات التي تقتضيها إدارة المؤسسات العامة. ومن نواتج هذا أيضاً تسونامي الفساد الإداري والمالي الرهيب الذي ضرب الدولة والمجتمع وأطاح أركانهما.
الإسلام السياسي ليس فقط لم يُحسن إدارة الدولة والمجتمع، وإنما هو فشل فشلاً ذريعاً .. لا شكّ في هذا، فالفشل واضح وبيّن، وصارخ وصاخب. والنقطة الجوهرية في أمر الحؤول دون الاستمرار في هذا الفشل، هو الاعتراف به. لا مجال للأحزاب والمنظمات والائتلافات والتكتلات الإسلامية إلّا أن تعترف بفشلها وخطئها. الاعتراف بالخطأ فضيلة، والعودة عنه قوّة وبطولة وأخلاق وبسالة. لا ينبغي لقوى الإسلام السياسي أن تفكّر بأنّ اعترافها بفشلها وخطئها سيعني خسارة ما تتمتع به من سلطة ونفوذ ومال .. المكابرة والتفكير بضيق أفق سيجعلان الفشل دائماً والخطأ متكرراً، وهذا هو ما يؤدي إلى خسارة السلطة والنفوذ والمال على المدى البعيد، وتجربة صدام حسين ونظامه لم تزل حيّة وماثلة أمام أنظار كلّ من له عقل وقلب.
لتعترف هذه الأحزاب والقوى بخطئها وفشلها وتترك الميدان لغيرها وتجعل من هذا الانسحاب فرصة لمراجعة النفس وتصحيح الأخطاء.
لا خسارة دائمة ولا ربح دائماً في النظام الديمقراطي. الديمقراطية تعني، في ما تعني، تداول السلطة سلمياً، والخاسر اليوم لابدّ أن يربح غداً إذا ما اعترف بخطئه وعمل على العودة عنه، مثلما أنّ الرابح اليوم يُمكن أن يخسر غداً إذا ما أخطأ ولم يعترف بخطئه ويصحّحه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 12

  1. د عادل على

    الاسلام السياسى تشمل مدارس مختلفه ويبدا باسلام معاوية وكان المخالف للاسلام السفيانى هو الاسلام العلوى---اسلام معاويه كان اسلام الاثرياء المغتصبى لحقوق الفقراء واسلام القصور والخمور والفجور واستعمار دولا غير عربيه تحت اسم الفتوحات والتى كانت فى الحقيقه

  2. هادي الحافظ

    hadihafiz18@gmail.com السيد عدنان المحترم تحية :وانت تتحدث عن الأعتراف لربما يؤدي الى الحل المستعصي على أدارة الدولة ومؤسساتها ، وخلاصه من الفساد ، وإذ اذكرك وانت خير من يتذكر ، أن المالكي قد أعترف قبل فترة بفشله في أدارة حكمة ، كما أعترف بفشل السياسيين

  3. محمد سعيد

    رؤيا صائبه وتشخيص حق ,بان عله البلد تكمن في تسلط الاحزاب الاسلاميه والاثنيه التي وضعت اهدفها الحزبيه والمصالح الذاتيه الفرديه في المقام الاول , وغاب عن اجنده عملها بناء دوله جديده ديمقراطيه توفر للجميع استحقاتهم وامكانات وفرص المشاركه في

  4. ابراهيم الشمري

    بسم الله الرحمن الرحيم الاستاذ الفاضل..لقد سبق لي ان أقترحت عليك ان نترك منح الاحزاب الطائفية صفة الاسلام لانهم ببساطة لايستحقون هذا الوصف وان الاسلام نظلمه كثيرا ان وصفنا به حزب الدعوة او ما يسمى بالحزب الاسلامي الفاشل بكل شيء..أستاذ عدنان

  5. ابو سجاد

    ياسيدي هذا الاسلام السياسي لم ياتي من المجهول ولم ينزل من السماء بل جاء عن طريق الديموقراطية العراقية التي تدافع عنها اليوم بعد التغيير وقد جائوا عن طريق انتخابات حرة ومؤيدة من شعب وعالم غربي وشرقي ومن مرجعية اسست البيت الشيعي وصانته وحرمة الوصول اليه وقر

  6. علاء البياتي

    الأخ عدنان هنالك مثل شعبي يقول أمل إبليس في الجنه فهل تعتقد أن تلك التي يطلق عليها جزافا اسم أحزاب الإسلام السياسي سوف تعترف بخطائها كيف تتوقع ذلك ...وهي تعتقد أنها وكيلة الله في الارض

  7. د عادل على

    الاسلام السياسى تشمل مدارس مختلفه ويبدا باسلام معاوية وكان المخالف للاسلام السفيانى هو الاسلام العلوى---اسلام معاويه كان اسلام الاثرياء المغتصبى لحقوق الفقراء واسلام القصور والخمور والفجور واستعمار دولا غير عربيه تحت اسم الفتوحات والتى كانت فى الحقيقه

  8. هادي الحافظ

    hadihafiz18@gmail.com السيد عدنان المحترم تحية :وانت تتحدث عن الأعتراف لربما يؤدي الى الحل المستعصي على أدارة الدولة ومؤسساتها ، وخلاصه من الفساد ، وإذ اذكرك وانت خير من يتذكر ، أن المالكي قد أعترف قبل فترة بفشله في أدارة حكمة ، كما أعترف بفشل السياسيين

  9. محمد سعيد

    رؤيا صائبه وتشخيص حق ,بان عله البلد تكمن في تسلط الاحزاب الاسلاميه والاثنيه التي وضعت اهدفها الحزبيه والمصالح الذاتيه الفرديه في المقام الاول , وغاب عن اجنده عملها بناء دوله جديده ديمقراطيه توفر للجميع استحقاتهم وامكانات وفرص المشاركه في

  10. ابراهيم الشمري

    بسم الله الرحمن الرحيم الاستاذ الفاضل..لقد سبق لي ان أقترحت عليك ان نترك منح الاحزاب الطائفية صفة الاسلام لانهم ببساطة لايستحقون هذا الوصف وان الاسلام نظلمه كثيرا ان وصفنا به حزب الدعوة او ما يسمى بالحزب الاسلامي الفاشل بكل شيء..أستاذ عدنان

  11. ابو سجاد

    ياسيدي هذا الاسلام السياسي لم ياتي من المجهول ولم ينزل من السماء بل جاء عن طريق الديموقراطية العراقية التي تدافع عنها اليوم بعد التغيير وقد جائوا عن طريق انتخابات حرة ومؤيدة من شعب وعالم غربي وشرقي ومن مرجعية اسست البيت الشيعي وصانته وحرمة الوصول اليه وقر

  12. علاء البياتي

    الأخ عدنان هنالك مثل شعبي يقول أمل إبليس في الجنه فهل تعتقد أن تلك التي يطلق عليها جزافا اسم أحزاب الإسلام السياسي سوف تعترف بخطائها كيف تتوقع ذلك ...وهي تعتقد أنها وكيلة الله في الارض

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram