منذ سنوات نشهد تظاهرات واحتجاجات واسعة على تردّي الأوضاع الخدمية والمعيشية و انتشار الفساد في معظم مفاصل الدولة و عقم الوضع السياسي ، ومثل كلّ حركة احتجاج تخيف المسؤولين وتقلقهم ، اتهم شباب التظاهرات بأنهم ينفّذون أجندة أجنبية ، وفي الأسابيع الأخيرة حاول النواب ومعهم بعض السياسيين ركوب الموجة ، فأعلنوا اعتصامهم في البرلمان ، ولم يكن هدف السادة المعتصمين فتح ملفات الفساد أو محاسبة مثيري الفتن الطائفية ، وكانت خطبهم جميعها ، تريد استبدال مصطلح المحاصصة الطائفية بمصطلح التوازن السياسيّ .
نتذكر جميعاً أنّ بداية احتجاجات الشباب ، كانت من أجل الخدمات ، ونتذكر جدياً أنّ الكهرباء وانعدامها كانت المحرّك الأول ،لأن تخرج الناس لتسأل : أين صرفت المليارات ، ووفقاً للأرقام المعلنة حتى الآن فإن عشرات المليارات من أموال العراقيين سرقت بحجة الكهرباء حتى أنّ البعض قال ساخراً :إن ما نُهب من اموال الكهرباء يكفي لشراء أصول شركة 'جنرال ألكترك' ومعها شركتا "سيمنز وإلكترونك.
ولأننا شعب طيّب ، فقد قرر نوابنا الأعزاء ، اللعب على مشاعرنا ، وبدلاً من تقديم المتهمين الأساسيين في نهب ثروات البلاد ، أخبرنا المعتصمون أنّ المشكلة الأساسيّة هي سليم الجبوري ، وأتمنى أن لايعتقد البعض أنني أُدافع عن رئيس البرلمان ، فأنا كنت ولا أزال أعتقد أن لا أحد من العراقيين يمكن ان يقع في غرام مثل هكذا برلمان " عاجز " بضاعة مزيّفة .
للأسف نحن نفتقد قيمة الاعتراف بالخطأ ، ولانملك إرادة الخروج من نفق التصريحات الطائفية ، فكّروا قليلاً وستجدون مثلاً ، كم نائب انتفض وقرر أن يحاسب حسين الشهرستاني على " عنترياته " التي أخبرنامن خلالها أن عام 2013 ، سيشهد تصدير الكهرباء الى دول الجوار ، لنصحو عام 2016 على بيان يبشرنا أنّ هذا الصيف سيشهد انخفاضاً حاداً في معدلات الطاقة الكهربائية ، إذن أين ذهبت تظاهرات شباط عام 2011 وما بعدها ، ومن المسؤول عن اختفاء أكثر من خمسين مليار دولار على وهم اسمه الكهرباء ؟!
الضحيّة هنا المواطن المسكين الذي صدّق أنّ اعتصام البرلمان ة يمكن أنْ يفتح ملف وزير سارق مثل فلاح السوداني ،او ان يحاسب رئيس كتلة سياسية ويقول له من اين لك هذا ؟
سينتهي اعتصام النواب اليوم أو غداً ، وسيغلق الستار على هذا الفصل المسلّي من مسرحية " ثورة البرلمان البيضاء " ، وسيكتشف المواطن المسكين أنّ الأمر كان مجرّد مناكفات سياسية ، هدفها الأول صرف الأنظار عن غياب الخدمات وتردّي الأمن وضياع الموصل ، وخراب الكهرباء وكفاءة الشهرستاني ! لننشغل بكرسي سليم الجبوري .
كرسيّ سليم وكهرباء الشهرستانيّ
[post-views]
نشر في: 25 إبريل, 2016: 06:13 م