كلما داهمت نظري أنباء عن السجون والسجناء، أرى عربة الزمن واقفة بإنتظار إعتلائها، للعودة ( القهقرى) لسنوات خلت، كرست جزءا منها لزيارة السجون بمختلف درجاتها: سجون الأحكام الثقيلة والخفيفة، للرجال والنساء، وحتى إصلاحية الأحداث. سيما لمتابعة وتفعيل ما يتعلق بقانون الإفراج الشرطي الذي وضع موضع التطبيق انذاك.
الخبر المحوري الذي جرجرني للكتابة عن مكابدات السجين، وضرورة إعادة تأهيله ما نشرته وسائل الإعلام، عن ارقام المحسومة قضاياهم والذي بلغ حوالي خمسة عشر الف وخمسماية وخمسين سجينا، عشرة الاف منهم لم تثبت إدانتهم.
هذا ما جرى خلال الشهر الماضي فحسب. ( اقرأ الخبر مرتين للتآكد، تحفظا من الوقوع في الخطأ.)
كم من الشهور والسنين تصرمت على السجين وهو مسلوب الحرية؟ ماذا عن مصير العوائل والأسر اذا كان السجين هو العائل الوحيد للعائلة؟، كيف سيسلك المفرج عنهم في العائلة والمجتمع ؟ كم منهم سيعود للعمل بعد هذا الغياب القسري، كيف يزيل الوصمة التي تلاحقة واولاده حتى الموت ( سجين سابق)… من سيعوضهم عن سنوات عمرهم المسلوبة — سيما الأبريآء — الذين سيقوا للسجن كيدا، او شبهة، او بسبب تشابه الأسماء، او لنقص في التحري، او التوقيف العشوائي، او.. او…..ما مدى الإحساس بالغبن او الحيف الذي ينتاب المفرج عنهم — سيما الآبرياء منهم، وما هو، ومن هو عاصمهم من الإنتقام؟ كم نفر من هؤلاء مؤهل للنسيان، والإستعداد النفسي لمعاودة الإنخراط في تركيبة المجتمع ونسيجه، كما اللحمة والسداة؟
في عتمة الواقع الراهن، عساها مسموعة الصرخة التي يطلقها الخيرون. آن إنتبهوا للقنبلة الموقوتة التي يمثلها المطلق سراحهم، هم وآهاليهم ومن ينتمي إليهم. ولا بد من وسيلة لإحتضانهم وتوفير سبل العمل والعيش الكريم لهم ولعوائلهم، ببرنامج تآهيل علمي، عملي، فالسجين المطلق سراحه— البرئ والمجرم سواء —لن يخرج للحياة العامة. كما دخل! إنه شخص اخر، قد يشبهه في الهيأة والملامح، لكنه مختلف عنه في الأحاسيس، مختلف عنه في النظر نحو الأشياء والأشخاص والأحداث ….
لا يكفي الإعلان عن إطلاق سراح الآلاف، قبل تهيئة مراكز تآهيل علمية مختصة، تستوعب هموم المطلق سراحهم ، لتعيدهم لحواضنهم الطبيعية: عمل مضمون، عوائل مستقرة. سكن لائق <<< إلخ..إلخ.
تأهيل المطلق سراحهم
[post-views]
نشر في: 27 إبريل, 2016: 09:01 م