مرّ أمامي على فيسبوك بالمصادفة مقطع من برنامج تلفزيوني عربي يتحدث عن الفن، وكان محور البرنامج هو الحديث عن أحد المتاحف الهولندية، والإشارة الى العبقري ريمبرانت وكذلك الهولندي العظيم الآخر فنسنت فان خوخ، فكرت بشكل افتراضي أن هولندياً متخصصاً بالفن كان يتابع البرنامج ويستمع اليه، عندها تيقنت بأنه سوف لن يتعرف على الأسماء التي أطلقتها مقدمة البرنامج على الفنانين العظيمين، لأنها بكل بساطة قد لفظتهما أو قرأتهما بشكل خاطئ وغير صحيح! وهنا قد يتساءل البعض، وهل هذه المسألة مهمة الى هذا الحد؟ عندها أقول نعم بالتأكيد لأني لاحظت دائماً وعلى مدى سنوات طويلة بأن الكثير من الناس بشكل عام تلفظ أو تذكر أسماء فنانين بشكل خاطئ وغير مفهوم، انهم بكل بساطة يلفظون أو يقولون اسماءً أخرى غير موجودة في الواقع. فحين تقول لهولندي أريد أن أرى أعمال (رامبرانت) بدلاً من (ريمبرانت) أو (فان كوخ) بدلاً من (فان خوخ) فهو بحقيقة الحال لا يفهمك ولا يعرف مقاصدك، وبدلاً من اجابتك يقوم بتوجيه سؤالاً لك هو (ماذا تقصد؟).
عندنا تتحول الأسماء ببساطة الى أسماء أخرى وبدون جهد حقيقي للبحث عنها وعن مصادرها، وكيف تلفظ وتقال في بلادها الأصلية أو في العالم، وهكذا تتحول أسماء الفنانين من أنغر الى أنغرز ومن مودلياني الى مودغلياني ومن مانيه الى مانيت ومن مونك الى مونش ، والبعض لم يكتفِ بذلك بل أمتد الى ما هو أبعد منه، كما في اسم شقيق الرسام فان خوخ الذي يكتبه ويلفظه الكثيرون بشكل خاطئ ويقولون (ثيو)بدلاً من (تَيّو) وبعضهم ذهب بعيداً بمخيلته ذات مرة وكتبه ماثيو، تحت قاعدة كل شيء مناسب مادامت النوايا حسنة. أسماء كثيرة تتغير وتتبدل حسب مستوى اطلاع الأشخاص ونوعية ثقافتهم التشكيلية وامتلاكهم أو معرفتهم لغة أخرى غير لغتهم الأم.
وبما أني من الأشخاص الذين يتعاملون مع الفن بشكل يومي، فأنا لا اشذ عن القاعدة بالتأكيد، لكني أحاول أن أتعلم باستمراء بعض التفاصيل الصغيرة هنا وهناك لأصقل معرفتي التشكيلية وأصحح بعض المسارات التي أمضي على ضوئها في هذا العالم الجميل والواسع. وهنا أتذكر حين كنت في مدينة كييف التي عشت فيها مايقارب الست سنوات، وكنت محملاً بفضول كبير يدفعني للبحث عن الأعمال الفنية العظيمة، مثل أعمال الفنان الخالد ريبين، وقد سألت بعض الأصدقاء الروس الذين تعرفت عليهم وقتها (أين يمكنني أن اجد أعمال ربين؟) وهم يجيبونني كل مرة على سؤالي الذي أعدته مرات عديدة بقولهم (ماذا تقول؟) وأنا مستمر بتكرار السؤال الذي أرهقهم، حتى قمت بشرح ما أريد بطريقة أخرى مع اشارات في الهواء تشير الى الرسم وهو في أعظم حالاته، حتى أجابوا بصوت واحد، ضاحكين وهم يرفعون أيديهم الى الأعلى صائحين (ريبين). وهنا لاحظت وتعلمت أن الياء الأولى في اسم الرسام تكون ممدودة بعض الشيء.
وبهذه المناسبة أيضاً أستعيد هنا شيئاً من أيام الثمانينات في مقهى حسن عجمي، وقتها كنت يافعاً ولا أزال طالباً في المدرسة وأحاول التعرف على بعض الشعراء والكتاب هناك ولاحظت في احدى زوايا المقهى شاباً آخر يبدو جديداً مثلي. كان منزعجاً ومرتبكاً وهو يردد مع نفسه ( هؤلاء يضحكون عليّ، أنا الذي أريد أن أطلب ماي وشاي، وهم يقولون لي أن أعظم المبدعين هم (ماي......كوفسكي) أو (جاي...... كوفسكي) ؟!!) ثم يستطرد ويقول (سأخرج لأشرب عصيرا من شربت زبالة وأتمنى أن لا يكون هناك شاعر بهذا الاسم).
كيف تُلفظ أسماء الفنانين ؟
[post-views]
نشر في: 6 مايو, 2016: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...