TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كيف تُلفظ أسماء الفنانين ؟

كيف تُلفظ أسماء الفنانين ؟

نشر في: 6 مايو, 2016: 09:01 م

مرّ أمامي على فيسبوك بالمصادفة مقطع من برنامج تلفزيوني عربي يتحدث عن الفن، وكان محور البرنامج هو الحديث عن أحد المتاحف الهولندية، والإشارة الى العبقري ريمبرانت وكذلك الهولندي العظيم الآخر فنسنت فان خوخ، فكرت بشكل افتراضي أن هولندياً متخصصاً بالفن كان يتابع البرنامج ويستمع اليه، عندها تيقنت بأنه سوف لن يتعرف على الأسماء التي أطلقتها مقدمة البرنامج على الفنانين العظيمين، لأنها بكل بساطة قد لفظتهما أو قرأتهما بشكل خاطئ وغير صحيح! وهنا قد يتساءل البعض، وهل هذه المسألة مهمة الى هذا الحد؟ عندها أقول نعم بالتأكيد لأني لاحظت دائماً وعلى مدى سنوات طويلة بأن الكثير من الناس بشكل عام تلفظ أو تذكر أسماء فنانين بشكل خاطئ وغير مفهوم، انهم بكل بساطة يلفظون أو يقولون اسماءً أخرى غير موجودة في الواقع. فحين تقول لهولندي أريد أن أرى أعمال (رامبرانت) بدلاً من (ريمبرانت) أو (فان كوخ) بدلاً من (فان خوخ) فهو بحقيقة الحال لا يفهمك ولا يعرف مقاصدك، وبدلاً من اجابتك يقوم بتوجيه سؤالاً لك هو (ماذا تقصد؟).
عندنا تتحول الأسماء ببساطة الى أسماء أخرى وبدون جهد حقيقي للبحث عنها وعن مصادرها، وكيف تلفظ وتقال في بلادها الأصلية أو في العالم، وهكذا تتحول أسماء الفنانين من أنغر الى أنغرز ومن مودلياني الى مودغلياني ومن مانيه الى مانيت ومن مونك الى مونش ، والبعض لم يكتفِ بذلك بل أمتد الى ما هو أبعد منه، كما في اسم شقيق الرسام فان خوخ الذي يكتبه ويلفظه الكثيرون بشكل خاطئ ويقولون (ثيو)بدلاً من (تَيّو) وبعضهم ذهب بعيداً بمخيلته ذات مرة وكتبه ماثيو، تحت قاعدة كل شيء مناسب مادامت النوايا حسنة. أسماء كثيرة تتغير وتتبدل حسب مستوى اطلاع الأشخاص ونوعية ثقافتهم التشكيلية وامتلاكهم أو معرفتهم لغة أخرى غير لغتهم الأم.
وبما أني من الأشخاص الذين يتعاملون مع الفن بشكل يومي، فأنا لا اشذ عن القاعدة بالتأكيد، لكني أحاول أن أتعلم باستمراء بعض التفاصيل الصغيرة هنا وهناك لأصقل معرفتي التشكيلية وأصحح بعض المسارات التي أمضي على ضوئها في هذا العالم الجميل والواسع. وهنا أتذكر حين كنت في مدينة كييف التي عشت فيها مايقارب الست سنوات، وكنت محملاً بفضول كبير يدفعني للبحث عن الأعمال الفنية العظيمة، مثل أعمال الفنان الخالد ريبين، وقد سألت بعض الأصدقاء الروس الذين تعرفت عليهم وقتها (أين يمكنني أن اجد أعمال ربين؟) وهم يجيبونني كل مرة على سؤالي الذي أعدته مرات عديدة بقولهم (ماذا تقول؟) وأنا مستمر بتكرار السؤال الذي أرهقهم، حتى قمت بشرح ما أريد بطريقة أخرى مع اشارات في الهواء تشير الى الرسم وهو في أعظم حالاته، حتى أجابوا بصوت واحد، ضاحكين وهم يرفعون أيديهم الى الأعلى صائحين (ريبين). وهنا لاحظت وتعلمت أن الياء الأولى في اسم الرسام تكون ممدودة بعض الشيء.  
وبهذه المناسبة أيضاً أستعيد هنا شيئاً من أيام الثمانينات في مقهى حسن عجمي، وقتها كنت يافعاً ولا أزال طالباً في المدرسة وأحاول التعرف على بعض الشعراء والكتاب هناك ولاحظت في احدى زوايا المقهى شاباً آخر يبدو جديداً مثلي. كان منزعجاً ومرتبكاً وهو يردد مع نفسه ( هؤلاء يضحكون عليّ، أنا الذي أريد أن أطلب ماي وشاي، وهم يقولون لي أن أعظم المبدعين هم (ماي......كوفسكي) أو (جاي...... كوفسكي) ؟!!) ثم يستطرد ويقول (سأخرج لأشرب عصيرا من شربت زبالة وأتمنى أن لا يكون هناك شاعر بهذا الاسم).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram