رفعة عبد الرزاق محمد من الشخصيات العراقية التي كان لها الشأن الكبير في الادب والصحافة، المرحوم عبد اللطيف ثنيان، ومن المؤسف حقا ان احدا لم يكتب عن هذا الرجل بما يليق ومكانته في الفكر العراقي الحديث، وكأول صحفي عراقي  جرئ، كرس قلمه وصحيفته للدفاع عن مصالح شعبه، في الوقت الذي كان فيه امر الدفاع عن الشعب وآماله،
 شيئاً خطيرا و(محرما)..وعلى خطتنا في احياء ذكر المنسبين من الرجال وجريا على جمع الشوارد.. كان هذا المقال الذي اردت به تثبيت اصل الموضوع عن عبد اللطيف ثنيان، املا في ان تتاح لي فرصة التوسع والتفصيل.. *الذي نعرفه عن آل ثنيان، انهم ينتمون الى اسرة كويتية اشتهرت في اعمال التجارة، ونقل البضائع بين البصرة والموانئ الصغيرة التي كانت منتشرة على سواحل الخليج، العربي وانتشر رجال هذه الاسرة بحكم مهنتهم بين نجد والكويت والاحساء والبصرة وبغداد، غير ان احد افرادها وهو اسماعيل بن ابراهيم بن سلمان بن عثمان بن عبد الله بن مراد بن مبارك بن عبد الله بن ثنيان ، الذي سكن بغداد واتخذها مقراً له وتجارته ان يتصل بجمع من رجال الادب الذين كانت تعج بهم دور العبادة والمدارس الدينية اشتهر بأنه كان اديباً فاضلاً، واذكر ان له بعض النصوص الادبية في بعض المجاميع ومنها المجموعة التي نظمها الشيخ عبد الوهاب نيازي، احد شيوخ التصوف في بغداد ومن مشاهير خطاطيها، وقد خلف المرحوم اسماعيل ثنيان المتوفى عام 1896 عددا من الابناء، اشهرهم كان عبد اللطيف ثنيان.*ولد عبد اللطيف في بغداد يوم 22 اذار عام 1867 ، وبدأ دراسته بالتحاقه في احد كتاتيب محلته (سوق الصفارين) فأبدى موهبة وذكاء كبيرين، مما سهل التحاقه بدرس علماء بغداد من الالوسيين ، نعمان خير الدين ومحمود شكري وعلي علاء الدين، الا ان دراسته على يد السيد محمود شكري الالوسي (المتوفى عام 1924)، كانت اشد تأثيراً على مستقبله الادبي وعني اهتمامه بأمر التراث العربي الاسلامي وتاريخ الحياة الاجتماعية ببغداد، ومن اشكال اهتمامه هذا ان اصبح اول من جلب المطبوعات العربية من مصر واسطنبول ولبنان لبيعها في بغداد بثمن بخس! *وكغيره من اعلام اليقظة الفكرية، فقد كان استقباله لاعلان الدستور العثماني عام 1908 لا مزيد عليه، بل وانخرط من البدء بفرع جمعية الحرية والائتلاف ببغداد، واشتهر بكونه احد المتحمسين لافكار هذه الجمعية قبل ان تتبين حقيقة زعمائها في اسطنبول فيما بعد، ولعل حادثته مع المرحوم معروف الرصافي في جامع الوزير معروفة للمتتبعين. *واستغل ثنيان الحرية النسبية التي اتاحها العهد الدستوري، فأصدر جريدته الشهيرة (الرقيب) وظهر عددها الاول في 28 كانون الثاني عام 1909 وقد صدرت في اول امرها اسبوعية ثم صارت نصف اسبوعية بعد الاقبال الشديد على قراءتها ، وقد عدت هذه الجريدة اول جريدة شعبية في تاريخ الصحافة العراقية، ولم تنافسها في ذلك الوقت سوى جريدة (بغداد) التي اصدرها مراد سليمان ، وكلاهما كانتا تؤيدان العهد الجديد. ومن الطرائف التي اود بيانها هنا، ان عبد اللطيف ثنيان عندما اصدر جريدته، استقبله احد الصحفيين المصريين الاحرار، وكان مقيماً في بغداد بقصيدة جاء فيها: فاخدم بلادك يا عبد اللطيف وقل:حاشا يعكر ماء البحر بالنهر                       واقبل بردك تقريضا تؤرخه  (دمت الرقيب على الحكام في الدهر) عام 1327هـ وهذا الصحفي هو (عبد الرحمن ابراهيم المصري الشهير بالهندي الدندي) صاحب جريدة (عفريت الحمارة) الهزلية، وهو من اصل هندي ، كان والده قد قطن مصر وتزوج فيها واصبح احد تبعة بريطانيا ، غير انه ذاب في المجتمع المصري، فاشتغل ابنه عبد الرحمن بالصحافة الهزلية كجريدة (حمار منيتي) ثم اصدر جريدته الشهيرة (عفريت الحمارة) التي لم تستمر طويلاً، اذ اغلقت وابعد صاحبها الى (بومبي) ومنها رحل الى بغداد.. وسبب ابعاده انه نشر قصيدة ساخرة ضد الخديوي، جاء فيها: حكومة اليوم في شيء من العطل                       وحالة القوم لاتخلو من العلل      والدهر في عبط والناس في شكل    وتستاهل ذكريات هذا الرجل في بغداد الجمع والتنويه لطرافتها. rnناصب الوالي العداء لانه لايتقن اللغة العربية *لقد اشتهرت جريدة (الرقيب) بجرأتها الكبيرة على نقد شؤون الدولة المختلفة ولعل مقالة ثنيان المنشورة في العدد (130) ما يوضح ذلك، قال: "يوقف الصحافي نفسه على الجولان في هذا الميدان الفسيح ايثارا للعمل في مصلحة قومه، وتوصلا لغاية هي اسمى الغايات هي ان يجعل وجهته نحو وطنه وامته ويعلم انه مدين لهما بحق يجب وفاؤه وواجب يلزم قضاؤه ن ومن كانت هذه وجهته في عمله وتلك امنيته من دنياه فلا يكون محابيا مداجيا اخذا بالوجوه يسجد لاولي الامر لنيل ابتسامته منه