لطفي جعفـر بعد ان اصبح فيصل ملكاً وهو في الرابعة من عمره نذرت والدته نفسها لخدمته ورعايته فغادر بغداد أول مرة في تموز 1939 الى لبنان لقضاء فصل الصيف في ربوع مصايفه بعد ان بدأت بوادر مرض الربو تظهر عليه. بانت على الملك فيصل الثاني في طفولته صفات السخاء والمرح والذكاء والنباهة وشدة الملاحظة والتعطش الى المعرفة
فمنذ عام 1942 اعد له في البلاط الملكي الذي كان يقع في منتصف طريق بغداد – الاعظمية جناح خاص يتلقى فيه دروسه الاولية على أيدي اساتذة عراقيين وانكليز اكفاء وفق المناهج المتبعة في مدارس العراق الرسمية كان اول اساتذته (د. مصطفى جواد) الذي باشر تعليمه اللغة العربية الى جانب الاساتذة: عبد الغني الدلي، عبد الله الشيخلي، ناجي عبد الصاحب، اكرم شكري، قاسم ناجي، جليل مطر، المستر سايد بوتم، المستر بيت رفرز، ثم اضيف الى هؤلاء الاساتذة: البروفيسور (هملي) مستشار وزارة المعارف انذاك.وقد حاول (الوصي عبد الاله) ان يختار معلمين اجانب للاشراف على تعليم الملك فيصل الثاني في ميادين شتى مثل فنون الصيد وركوب الخيل والسباحة واللغة الانكليزية من منطلق ان الصيد وركوب الخيل والسباحة من الالعاب الكافية له فقد فاتح (الوصي عبد الاله) الفيلد مارشال (الكسندر) بذلك خلال زيارته نابولي وقد وعده الساسة البريطانيون بالبحث عن شخص من هذا الطراز وارسلت دوائر الاوساط المدنية واخيراً صمم (الوصي عبد الاله) على تأليف لجنة لاختبار معلم للملك وقد ترأس نفسه هذه اللجنة التي اختارت المستر (لويس غريغ) الذي امضى مع الملك جورج السادس معظم حياته كما اقترح بحماسة اختيار المستر (جوليان بيت رفرز) لهذه المهمة حيث قدم الى بغداد لكي يمضي مع فيصل الثاني عدة سنوات ويعده للالتحاق بمدرسة (ساندروير) التمهيدية في انكلترا ثم (كلية هارو ).وحينما انهى فيصل الفصول الاولى من تعليمه صحبته والدته الملكة عالية وجدته الملكة نفيسة الى عمان ثم القاهرة في شهر اذار 1943 ليتمتع باجازة ربيعية لمدة اسبوعين فاستقبله الجميع استقبالاً رسمياً حافلاً وقد قيل في حينه ان فيصلاً ابدى رغبته في السباحة عندما زار الاسكندرية وتجول في سواحلها فقررت والدته تلبية رغبته في العام التالي.في صيف 1944 سافر الملك بمعية مرافقه المقدم عبد الوهاب السامرائي والامير رعد نجل الامير زيد الى الاسكندرية حيث امضى وقته في السباحة على شاطىء سيدي بشر ثم اعدت له الحكومة المصرية منهاجاً شاملاً لزيارة معالم مصر والاطلاع على اثارها كما استقبله رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا وقدم له هدية باسم الحكومة المصرية في شهر تشرين الاول ثم عاد الجميع الى بغداد.في عام 1947 انهى الملك فيصل الثاني دراسته الابتدائية وقال عند الاساتذة الذي قاموا بتدريسه انه كان حريصاً على اعداد الواجبات المدرسية لايعرف التقصير في الواجب ولا يعترف به الا اذا كان الباعث عليه قاهراً وكان اذا حال بينه وبين الواجب اليومي حائل من المرض، او سبب اضطراري طلب ان يقدم عذره الى استاذه قبل ان يلقاه. يذكر الدكتور (مصطفى جواد) انه اظهر من الذكاء والتقبل والادراك ما بعثني على السعي سعياً حثيثاً في تعليمه والاسراع في تدريسه لاختصار الزمن والقيام بالواجب قبل فوات الاوان وليس تعليم الملك كسائر التعليم لما فيه كل فرد من افراد الامة لايطيق تحمل تبعة التقصير فيها مخلص للامة كان ولع الملك فيصل باللغة العربية الفصحى شديداً مع حبه لتعلم اللغة الانكليزية.. وكنت اتبين فيه صحة التفكير والتأني في الحكم وطول الاناة والصبر على التلقي وقد قويت فيه الميل الى التاريخ وفروعه كالاثار لان الملوك ينتفعون بالتاريخ احياناً ما لاينتفعون بنصح النصحاء وحكم المستشارين ذلك لان التاريخ ًالصحيح امور عملية ملموسة بنتائجها والشعور باثارها والنصائح نظرية تحتاج الى التطبيق لتكون تاريخاً.. كان يحفظ صور الالفاظ العربية حفظاً متقناً فكان يكتبها على الصحة والصواب وغير خافية صعوبة الالفاظ العربية على طريقة السماع والالقاء وعندي نماذج من كتابته نال منها الدرجة التامة والله يعلم اني لم اكن أحابيه في تقدير الدرجات لانه كان يكيفه ان تمر اللفظة تارة واحدة تحت عينية فتنقش في ذهنه.وروى الشيخ (عبد الله الشيخلي) الذي علمه العلوم الدينية عن ايمانه بربه حيث قال:لعلي ابالغ اذ اقول ان اسعد اوقات الملك فيصل الثاني هي تلك اللحظات التي كان يؤدي معي فريضة من الفرائض الدينية متوجها بكليته الى الله رب العالمين اما القرآن الكريم فان تلاوة اياته البينات احب شيء الى نفسه يتلذذ بتلاوة كتاب الله العزيز ويلقيه القاء ينسجم مع معانيه ولا يقرأ آية الا ويسال تفسيرها ومعاني كلماتها. سفره الى لندن بصحبة والدتهقبل ان ينهي الملك فيصل دراسته الابتدائية في العراق عام 1946 صحبته والدته الى لندن لعرضه على الاختصاصيين الانكليز بسبب مرضه بـ(الربو) وكان تلك المرة الاولى التي يزور فيها الملك فيصل انكلترا سافر الملك برفقة(الوصي عبد الاله و(نوري السعيد) والعائلة المالكة (الملكة نفيسة والدة الوصي عبد الله) ووالدته (الملكة عالية) والاميرات (عابدية) و(بديعة) و(جليلة) وزوجها الدكتور شريف حازم كذلك رافقه (جيرالد دي غوري) الملحق العس
أيام الملك فيصل الثاني في المدرسة
نشر في: 24 يناير, 2010: 05:42 م