الكاتب المصري الراحل توفيق الحكيم تناول "الشيطان" في اعماله القصصية والمسرحية ، فكان بنظر الباحثين والنقاد صاحب ريادة في الادب العربي الحديث في التعاطي مع مسألة تدخل في دائرة المحرمات . الذاكرة الشعبية مازالت ترى الشيطان الرجيم رمزا للشر ، فهو سبب الكوارث والمصائب ، احيانا يمكث في بقعة محددة من الارض زمنا طويلا ، فتنشب صراعات مسلحة بين الاقوام ، بمعنى حروب اهلية بمصطلحات الزمن الحاضر ، الحكيم في مسرحياته وقصصه القصيرة خالف الفهم الشعبي السائد للشيطان ، فجسده بشكل آخر بفرضية ان الشياطين من بني البشر رموز حية للشر ، يتناسلون في كل المواسم ، يسيطرون على مقدرات العباد والبلاد حتى انتاب الشيطان الحقيقي شعور بالخجل من منافسيه .
مقارنة بدول متحضرة تظل ملاحقة الشيطان بلعنة ازلية في الدول العربية ممارسة يومية ، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، اللهم ابعدنا من شر الشيطان ومكائده ، الشيطان يمكث في التفاصيل ، اطردوا الشياطين بالبخور والحرمل ، ما اختلى رجل بامرأة الا وكان الشيطان ثالثهما، الارشادات والنصائح لابعاد الشياطين والتخلص من شرورها كثيرة ، شريطة الالتزام بتطبيق وصايا رجل دين بكل حذافيرها ، ولاضير من حرق الحرمل قبل حلول الغروب لتطهير الارض من رجس الشياطين.
الازمة السياسية المستعصية في العراق رجس من عمل الشيطان ، على حد وصف قيادي في احد الاحزاب المتنفذة ، ذكر في حديث متلفز ان الولايات المتحدة الاميركية الشيطان الاكبر تسعى للعودة الى الى البلاد بعد ان اندحرت في يوم السيادة ، فاختلقت ازمة شائكة لتحقيق مصالحها في المنطقة ، مقدم البرنامج ، ينتابه الخوف من الشيطان الاكبر فيدعو المشاهدين الى متابعة اللقاء بعد الفاصل ، ثم يظهر القيادي ليشرح تفاصيل المؤامرة الامبريالية داعيا العراقيين الى التمسك بقواه الوطنية ، الحديث يأخذ طابع خطبة صلاة الجمعة ، مع دعوة لاشعال البخور والحرمل لتطهير الارض من رجس الشياطين ، ينتهي اللقاء بتوجيه وصايا يعتقد صاحبها بانها السبيل الوحيد للخروج من النفق المظلم ،مع توصية بالتوجه الى اسواق الشورجة للتزود بمستلزمات طرد الشيطان الاكبر.
حديث القيادي المتمسك بنظرية المؤامرة ، ينتقل الى صفحات التواصل الاجتماعي بحملة سخرية من اصرار بعض قادة القوى السياسية على طرح مواقف ومبادرات لمعالجة الازمة الحالية برجم الشيطان الاكبر ، مع حمل اعلام ايران لتوجيه رسالة الى واشنطن ورجال البيت الابيض تفيد بأن السيادة العراقية خط احمر، والله اكبر فوق كيد المعتدي . الراحل توفيق الحكيم في تناوله الشيطان قبل ان يحصل على لقب الاكبر، كان يهدف الى تجسيد واقع الحياة المصرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، فاكتسب شيطانه شهرة عريضة ، لكنه لم يستطع منافسة شياطين الشعراء في المنطقة العربية ، لكثرة اعدادهم ، يضاف اليها صنف آخر خاص بزعماء القوى السياسية في الساحتين الاقليمية والمحلية .
" شيطان الحكيم" الأكبر
[post-views]
نشر في: 8 مايو, 2016: 09:01 م