TOP

جريدة المدى > سينما > الشعر والجنس

الشعر والجنس

نشر في: 24 يناير, 2010: 05:45 م

ياسين طه حافظ«2»تناول الشعراء العرب موضوعة الجنس بصور شتى فمنهم من اهتم بصوت العشيقة، واولاء ندرة. ومنهم وهم العدد الاكبر من اهتموا بتفاصيل الجسد ومناطق الاثارة، وتفرع من ذلك اهتمام آخر، اهتمام برشاقة الحركة وطراوتها وعذوبة لُماها، وفي هذا صلة بالجوع والعطش الصحراويين،
 لكن كثيرين انتبهوا لحضورها الفاعل والمؤثر في الخيمة او في الهودج او وحشة الليل والمطر. فهي حميمة تدفع الوحشة وهي ايضا «سراج» في اللية الظلماء»وكان بين الشعراء من هو غاوي نساء يتشبب بنساء قومه او غير قومه. مما اعتبر احيانا اعتداء قبليا ونوعا من التجاوز.ولاحظنا ظاهرة سبي النساء، فرأينا وراءها نزوعا جنسيا مثلما وراءها دلالة اجتماعية للتفاخر في جانب السُباة واذلالا في جانب الذين وقع عليهم السبي.ولم تكن التقاليد اوالقوانين يوما مانعة كل المنع. فالتاريخ يروي لنا وقائع جنس وتجارب جنسية أتُّهم بها، او اتُّهمت بها شخصيات مهمة يصعب الخوض في تفاصيلها. كما ان عبيدا رووا تجارب جنسية مع نساء سادتهم. وسادة كبار كانت لهم تجارب جنسية مع امائهم، وما خفي كان اعظم.ظاهرة عمر بن ابي ربيعة، الرجل المتأنق الوسيم المترف الذي يلاحق الحسان في قوافل الحجيج، وفي مكة، حيث القداسة، ظاهرة تستوقف الباحث في هذا الموضوع وتحتاج الى وقفة اطول.انا لااظنها ظاهرة فردية وارى ان كثيرين، او في الاقل، ان عددا آخر من شباب القبائل كان يقوم بمثل ذلك ولكن عمر أكده شعره واغفل اولئك جهلُ الناس بهم وغياب من يروي عنهم.كما ان تجربة امريء القيس الجنسية اكثر مادية وأكثر تفصيلا واكثر مباشرة. وهي تستوجب التوقف عندها، لانها لم تكن فتاة عاشقة حسب، هي كانت مع «زوجة» وهي ام الطفل، وفي بيتها!وتجربة عبد بني الحسحاس مع واحدة من نساء اسياده تجربة فاضحة وفيها خرق اجتماعي: «ولقد تحدَّرَ من جبين فناتكم عرَقٌ على جنب الفراش وطيبُ» ويحدث هذا في زمن نجد فيه ظاهرة الحب العذري، أي العشاق، او المَرَضى، الفخورين بـعفتهم! وهي على اية حال، ظاهرة تحتاج الى دراسة خاصة للتأكد من انها كانت «مرَضية» او كانت «فلسفية» ونتاجا اخلاقيا.بالنسبة لنا اليوم ونحن تحت اضواء الثقافة الحديثة، يشكل الجنس حالات عدة وراءها وجهات نظر مختلفة لها علاقة بالبيولوجيا والسلوك الانساني.بالنسبة لداروين العملية الجنسية كفاح فسيولوجي للبقاء. بالنسبة لماركس هي ضرورة اقتصادية. بالنسبة لنيتشه هي ارادة القوة. وبالنسبة لفرويد هي الحال الجنسية! الغرب عموما يجد في الفكر الفرويدي المؤثر الاكبر والكاشف الاكبر للمغلقات. لكن وايتهيد Whitehead الامريكي يرى ان الفلسفة الغربية لم تأت بأكثر من ملاحظات على ما قال به افلاطون. هذا صحيح مع رفض مضمر للحب الافلاطوني. الفكتوريون، الانجليز، قمعوا الجنس ايضا وكان شعرهم الجنسي ضمن المخيلة العامة التي نعرف طبيعتها المحافظة. فنحن نسمع في هذا الجو صوت جورج ايليوت في روايتها Adam Bede 1859 تكشف عن مشاعرها بصيغ كلامية قريبة الى التروبادور القروسطيين. فقد كانت تلك لغتهم:»كان في الثالثة والعشرين وقد تعلم معنى الحب- الحب الذي هو وله يبديه الشاب لامرأة يشعر انها اعظم وافضل من نفسه. حب من هذا النوع ليس سهلا تمييزه عن الشعور الديني. وأي حب عميق ورفيع ليس كذلك؟»في هذا النص الروائي تلك الطهرانية الاولى. وكنا ننتظر في هذا الوقت عقلا جريئا واكثر حقيقة من مجونية جوسر 1656م، مادام كلام اليوت في 1859 أي بعده بأكثر من مئتي سنة ! لكن هنالك بادره تخفف من هذا النكوص، وتلك هي كتاب «اريك ترودجل»: «المادونات والمجدليات» الذي يميز عنوانه الذكي بين صورة المرأة الطاهرة التي لم تمس وصورة المرأة الحقيقية. وهو بالتأكيد يشير الى ما في الزوايا المظلمة من الحياة الفكتورية، التي تضيؤها الملذات والاضواء وحضور المرأة «البغي».أهمية هذا الكتاب تتأتى من انه اظهر، ولو بشكل غير مباشر ان هناك صورة اخرى، غير رسمية، للمرأة في ادب تلك المرحلة، مما أسس للتحول القادم الذي سنشهد فيه وضوحا يكشف ان المرأة اما ان تكون امرأة حقيقية عقلا وجسدا، واما ان تكون اكذوبة. واننا امام حسم: ان تكون ملاكا او تكون على الارض جسدا وغواية وانجابا. ولايجتمع الاثنان في واحدة.اذا التفكير الجديد كان منطلقا للحركة النسوية من بعد والتمرد العلني على القوانين الاجتماعية الرسمية إذ ارتفعت المطالبات، مظاهرات، صحافة، عملا سياسيا حتى طالبت هذه الحركات بكل انماط الجنس، ما كان مقبولا وما كان مدانا.وبالرغم من سيادة الجنس اليوم في الادبيات والحياة الاجتماعية، فما يزال التواجد المشترك متعذرا بين الجنسية والاغواء الاحترافي او الجنس خارج الاطار. ذلك لان الكثير من المعاهد الدينية، الاسلامية والكنسية تعد الفرد بمكافأة، بثواب ان هو عفّ عن الجنس اللاشرعي، أي الزنى. وهذا الثواب بديل روحاني لقربه الى الايمان وابتعاده عن الشيطان.هم يرون في هذا تربية على الاستقامة وان البديل الروحاني لهو اعظم واسمى من هذا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

ترشيح كورالي فارجيت لجائزة الغولدن غلوب عن فيلمها (المادة ): -النساء معتادات على الابتسام، وفي دواخلهن قصص مختلفة !

تجربة في المشاهدة .. يحيى عياش.. المهندس

مقالات ذات صلة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر
سينما

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

علي الياسريمنذ بداياته لَفَتَ المخرج الامريكي المستقل شون بيكر الانظار لوقائع افلامه بتلك اللمسة الزمنية المُتعلقة بالراهن الحياتي. اعتماده المضارع المستمر لاستعراض شخصياته التي تعيش لحظتها الانية ومن دون استرجاعات او تنبؤات جعله يقدم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram