أكوام من النفايات موزعة هنا وهناك وتجاوزات الباعة المتجولين جزء من المشهد اليومي لشارع السعدون ومظاهر اخرى لاتنتهي عند الارصفة التي سببت مشاكل عديدة خصوصاً للمصابين  في العمود الفقري حيث عد الكثير منهم ان السير على ارصفة شارع السعدون بمثابة (كار

أكوام من النفايات موزعة هنا وهناك وتجاوزات الباعة المتجولين جزء من المشهد اليومي لشارع السعدون ومظاهر اخرى لاتنتهي عند الارصفة التي سببت مشاكل عديدة خصوصاً للمصابين  في العمود الفقري حيث عد الكثير منهم ان السير على ارصفة شارع السعدون بمثابة (كارثة) لهم بسبب نوعية التبليط وطريقة التنفيذ غير صالحة اطلاقاً خاصة لكبار السن الذين يراجع اكثرهم اطباء شارع السعدون الامر الذي تسبب بسقوط بعضهم نتيجة (عثرة القدم). وامور اخرى كثيرة رافقت تنفيذ حملة اعمار الشارع اثناء انعقاد القمة العربية في بغداد عام 2011.

عصابات منظمة
أنيس كمال مهندس متقاعد تحدث لـ(المدى) عن ذكرياته الجميلة بالشارع يوم كان يقصده مع أصدقائه لقضاء لمشاهدة الافلام في دور السينما التي اختفت من الشارع منوها الى متعة السير انذاك في شارع السعدون والتجوال. مردفا: أن التجوال الآن اصبح مخيفا بسبب كثرة النفايات اولا والفوضى التي تعم الشارع.
وأضاف كمال: اسمع أن هناك عصابات للجريمة المنظمة استوطنت بعض مفاصل الشارع خاصة القريبة من ازقة البتاويين بعضها عصابات قتل وسلب واخرى تُتاجر بالممنوعات كالمخدرات والادوية المهربة والفاسدة وغيرها. مشيرا: الى أن عماراته المتهرئة بلا ساكنين. مستدركا: أما الخراب الذي أصاب الشارع والازقة المتفرعة عنه من حفر ومطبات ومياه آسنة تزكم الانوف فهذا شأن آخر.

تجربة سوليدر
واسترسل المهندس المتقاعد: يمكن الاستعانة بخبرات اجنبية بغية إعمار هذا الشارع الحيوي والمهم . منوها: ان العديد من الدول لها تجارب بهذا الخصوص وعلى سبيل المثال لبنان وتجربة (سوليدر). مشددا: كما يمكن ان تعمل هيئة معنية باعادة الاعمار تعطى لها جميع الصلاحيات بما فيها الزام أصحاب العمارات بترميم الواجهات والاتفاق على ألية تضمن استفادة حق الهيئة المعنية في الاعمار وصاحب العقار المتضرر.

أستبدال الأرصفة دون سبب
منير لطيف  صاحب محل لبيع المستلزمات الطبية بيّن لـ( المدى) ان عملية الاعمار التي شهدها الشارع متعددة  منذ عام 2008 وحتى اليوم. لافتا: انه تم أستبدال ارصفة والارضية الخاصة بالمشاة اربع او خمس مرات. موضحا: ان  الرصيف القديم كان افضل بكثير من الأرصفة الحالية التي لا تقاوم حتى سير المشاة.
واستطرد لطيف: أن الرصيف القديم كان أقوى ومتانته اكثر من التي تم تنفيذها مما خلق نوعا من الفوضى واكوام من الاحجار المتكسرة سواء من الارصفة المتهالكة أو من بقايا العمل. مشددا: أن جميع المواد الانشائية المستخدمة في عملية الاعمار مستوردة علماً انها متوفرة بالسوق الصناعية العراقية. مشيرا: الى غياب الامانة والاخلاص في العمل والاعتماد على المواد الإنشائية التجارية والمواصفات غير المطابقة للمعيار الواحب تنفيذه بها.

دور العرض السينمائية
كامل عبد القادر عامل في أحد دور العرض السينمائية في بغداد منذ خمسة وثلاثين عاما يوضح في شارع السعدون توجد العديد من دور العرض السينمائية المعروفة وجميع هذه الدور بحاجة الى إعمار فقط. مشيرا: الى ان اعداد العاملين في هذا القطاع كثيرة. مبيناً: أن اعمار هذه الدور سيعيد بعضا من رونق وجمال الشارع وتاريخه الزاخر بالجمال. لافتا: الى اهمية اعادة النظر بعملية ترميم وتأهيل الشارع التي لم تكن موفقة للاسف الشديد، بل أساءت للشارع.

بصمة القطاع الخاص
هالة سرمد موظفة في احدى المكاتب المتخصصة في السفر والسياحة ذكرت بحديثها  لـ(المدى)  أن القطاع الخاص وضع بصمته الواضحة في عملية اعمار المكاتب المتخصصة في مجال الطيران والسفر. متطرقة: الى العديد من المكاتب التي عمرت وباتت جذابة من خلال استخدام ديكورات حديثة بالوان منسقة تبعث السرور في نفس المتلقي. مشددا: ان على الجهات المعنية بالدولة اعمار بقية مفاصل الشارع مثل الارصفة والمجاري وبقية الخدمات التي تقع على عاتقها.

ثورة إعمار
وأوضحت سرمد: أن المشكلة الرئيسة في شارع السعدون الارصفة التي خصصت لسير المواطن لكنها للاسف رغم تشييده تحولت الى (خربة) أن صح التعبير. في حين تشير زميلتها فاطمة بتنا نحن نحلم ان يكون هذا الشارع نموذجيا في جميع المجالات. مبينة: ان هذا الامر سيوفر لنا المزيد من العمل والارباح سيما ان لهذا الشارع مقومات كثيرة من خلال وجود العديد من الفنادق والعيادات الطبية والمذاخر. مؤكدة: ان السعدون يحتاج الى ثورة بناء حقيقية تكون واضحة على جميع مفاصله سواء كان الشارع الرئيس او الازقة المتفرعة منه.

استغلال الشارع سياحياً
الباحث والاكاديمي الدكتور رضا البياتي يوضح أن فكرة البدء بتنفيذ حملة أعمار للشوارع الستراتيجية في العاصمة بغداد ستوفر فرصة عمل لآاكثر من (50) الف شخص ولمختلف المجالات. مردفا: فيما ستكون هناك فرص عمل اخرى في حال اعادة الحياة في الكثير من القطاعات المغلقة حالياً كدور العرض السينمائية والمسرحية مع فتح العديد من المطاعم التي يمكن أن تشكل فرص عمل  للشباب.
البياتي بيّن ان في حال توفر المبالغ اللازمة لاعادة الحياة لهذا الشارع مع شركات متخصصة سيجعل من الشارع موقعا سياحيًا. لافتا: الى اهمية الاهتمام بالارث المعماري البغدادي في الشارع والازقة الفرعية على جهتيه سواء كان على شارع ابو نؤاس او منطقة البتاويين. مشيرا: الى اهمية تخصيص اماكن لعرض الصناعات الشعبية المحلية التي ستغنى الشارع وتزيد من رونقه واهميته السياحية.

شركات تركية متخصصة !
أمانة بغداد  أشارت في بيان صحفي أثناء البدء باعمار  شارع السعدون انها  ستشهد انجاز مشاريع مهمة لتطوير وتجميل الطرق وسط العاصمة بغداد. وذكرت دائرة العلاقات والاعلام في بيانها ان ابرز المشاريع التي ستنجز خلال المدة المقبلة ثلاثة شوارع تقع وسط العاصمة بغداد هي (النضال والسعدون وابو نؤاس) والتي تنفذ من قبل شركات تركية متخصصة باستخدام تقنيات وتصاميم عالمية مميزة.   وأشار البيان الى  ان  شركة (ايرفا) التركية ستنجز  أعمال تطوير شارع النضال وسط العاصمة بغداد على وفق احدث التقنيات العالمية المعتمدة في مجال قطاع الطرق وتصاميم تعكس الصورة الحضارية المطلوبة للتطوير ومدى التغيير الفني والمعماري الذي سيحصل عند تنفيذ وانجاز المشروع وبكلفة اجمالية تبلغ تسعة مليارات و894 مليون دينار

 12 مليار دينار ؟
ولفت البيان الى ان شركة (ايفن هاريتا) التركية تنفذ مشروع تطوير شارع السعدون بكلفة (12) مليار دينار ويتضمن العمل فيه إكساء الشارع بالكامل والتأثيث بالعلامات المرورية ورصف الارصفة بالمقرنصات الملونة ونصب منظومة إنارة حديثة وعمل مصاطب جلوس ومواقف انتظار الباصات  فضلاً عن زراعة اعداد كبيرة من الاشجار لزيادة جمالية الشارع  .

مفصل بغدادي مهم
المهندس المعماري فالح سلام يوضح لـ(المدى): سمعنا الكثير عبر وسائل الاعلام حول اعمار شارع السعدون والمبالغ التي أنفقت عليه وهذا يؤشر مدى حرص الحكومة على إعادة اعمار الطرق والشوارع المهمة. مستدركا: لكننا فوجئنا بالمشاهد الحقيقة المؤلمة والفوضى العارمة في تنفيذ بنود العقد. متسائلا: لا اعرف كيف تم مصادقة دائرة المشاريع ومدير المشروع على آلية تنفيذ الاعمال.
وشدد سلام: على وجود تقصير واضح بجميع المعايير الهندسية المطبقة. منوها: الى سوء تنفيذ ورداءة الجودة والمتانة في تنفيذ الارصفة المنفذة او اكساء الشارع موضحا: ان عملية الاعمار أغنت العديد من المفسدين وهم الآن يترحمون لمن خطط لهذا المشروع بمسميات الاعمار. مؤكدا: على أهمية شارع السعدون الذي يعد من المفاصل البغدادية المهمة والمتميزة.

الفساد وهدر الاموال
منذر عبد الحسين صاحب ورشة لتصنيع اللوحات ألاعلانية ذكر لـ(المدى) : أن فكرة إعادة إعمار شارع السعدون كبناء وتنظيف وتنظيم اصبحت ضرورة ملحة. سيما وان الفوضى والخراب تعم مفاصل كثيرة من هذا الشارع. مبينا: ان سبب ذلك الفساد اولا وعدم الشعور بالمسؤولية وسوء ادارة الجهات المعنية بالامر خاصة تلك التي تبنت اعمار الشارع اثناء انعقاد القمة العربية. متطرقا: ان مبالغ كبيرة أهدرت كان بالامكان ان تجعل من شارع السعدون واحدا من اجمل شوارع العاصمة بغداد لكن للاسف الفساد نخر كل مؤسسات البلد.  

اعلانات غير ملائمة
وأشار منذر: الى ظاهرة انتشار اللوحات الاعلانية سواء امام المحلات او الابنية او فوق البنايات او مانشهده في الجزرات الوسطية. موضحا: ان بعض هذه اللوحات غير ملائمة للنشر او الاعلان. مشددا: انها لم تمر على الجهات الرقابية المختصة في الموافقة على نشر الاعلانات في القسم المختص  بامانة بغداد. كما لفت: الى اقتحام الورش الصناعية للشارع والتي تترك مخلفات عملها في الشارع بالتالي تسبب ارهاق الكوادر العاملة بالتنظيف الأمر الذي يسبب ارباكا في جمالية الشارع كما هو واضح امامكم.

زج الدوائر الحكومية
المهندس بنيان فؤاد قال لـ( المدى ) ان شارع السعدون من الشوارع المهمة في العاصمة بغداد. مبينا: كان من الاجدر والاولى زج دوائر الدولة في حملة اعماره وتأهيله التي تسببت بهدر مليارات من الدنانير. موضحا: ان الدوائر البلدية والشركات المحلية كانت اولى واجدر باعمار الشارع ، ولم يتم الاستعانة بها. مشيرا: الى وجود إشكالية في فهم  عملية الاعمار.
وأضاف فؤاد: ان دول العالم  تبني وتعمر من اجل قضية وهي ملك الجميع وشعارها (لنا). موضحاً: ان أي عمل يعرقل ذلك هو ضدنا. مبينا: ليس كل مبنى نعتز به، المبنى الذي ما يزال يوحي ويقدم شيئاً هذا هو الذي نعتز به ويفيدنا وعلينا اعماره. موضحا: ان المبنى الذي لا يعطي شيئاً أو ولايشكل ظاهرة تراثية تعطي شيئاً يعني انه خامد ونحن غير مجبرين عليه.

أعمدة الكهرباء الجانبية
على جانبي الشارع ومن  بدايته الممتدة من ساحة التحرير تم نصب اعمدة كهرباء جانبية رصاصية اللون وضع في رأس العمود صحن دائري البعض منها محطم  والآخر يقف بصمت دون حراك او إنارة. فتاح عبد صاحب محل في الشارع يوضح لـ( المدى) لااعرف ماذا يعني نصب هذا العمود هل هو للكهرباء والأنارة أم للزينة او لمآرب اخرى لانعلمها. مشيرا: الى حملة الاعمار السيئة التي تم من خلالها نصب هذه الاعمدة على جانبي الشارع لكنها بدون فائدة تذكر. متسائلا: عن كلفة نصب العمود الواحد وكم كلف الدولة من اموال كان بالامكان ان تصرف في اماكن اخرى اكثر حاجة واهمية.
وبين فتاح ان النهوض وإعادة اعمار هذا الشارع اصبحت ضرورة ملحة في الوقت الحاضر عسى ان تترك الحكومة أثراً طيبا وبصمة جدية لاعادة اعمار البلد ولنبدأ بشارع واحد على الاقل ولنقول للعالم نعم بدأنا بالاعمار الحقيقي. مشيرا: الى اهتمام بعض المكاتب العائدة لشركات السفر او مكاتب اخرى بتنظيف وتجميل واجهات محلاتهم التجارية ورفع النفايات والانقاض بشكل يومي لكن للاسف نرى غياب دور الجهات الحكومية الجادة بهذا الجانب.