اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رفع العلَم الإيراني في بغداد والبصرة

رفع العلَم الإيراني في بغداد والبصرة

نشر في: 10 مايو, 2016: 05:55 م

وما به رفعُ العلَم الإيراني في بعض شوارع بغداد والبصرة وسواهما؟ ألم يكن بعضنا يرفع العلم السوفييتي وينشد النشيد الأممي؟ وغيره يلوّح بعلم الجمهورية العربية المتحدة ويغني: بلادي بلادي؟ .. لكن مهلاً، لا يتعيّن أن يُؤخذ هذا الكلام على إطلاقه وأن يُعامل بطريقة "لا تقربوا الصلاة.."، فثمة صلة للحديث آتية على الفور وفي الحال.
مدينة وينزُر (Windsor) البريطانية الواقعة إلى الغرب من العاصمة لندن، على بعد 35 كيلومتراً من مركزها، كانت ولم تزل من المقارّ الرسمية لملوك بريطانيا وملكاتها. فيها إلى اليوم قلعة ملكية منيفة يمتدّ عمرها إلى ألف سنة، هي الآن من المحجّات الرئيسة لسُيّاح المملكة، وهذا ما يجعلها مركزاً لبيع المشغولات اليديوية والمنتجات التذكارية. ومن أشهر ما يُقبل عليه الزوار من الأجانب ومواطني المملكة من التذكارات هنا، صور الملكة إليزابيث الثانية والأميرة الساحرة الراحلة دايانا، وسائر أفراد العائلة المالكة، مطبوعة على الورق أو على قمصان الـ "تي شيرت" والحقائب، ولا تنافس هذه الصور صورة أخرى أكثر من صورة الثائر الشيوعي اللاتيني أرنستو تشي غيفارا الذي صار أيقونة كونية. أعلام العديد من الدول، وبخاصة التي يأتي منها أكثر السيّاح، تُعرض وتُباع هنا أيضاً.
الملكة إليزابيث الثانية تزور المدينة بين الفينة والأخرى، وتمكث في جناحها الخاص في القلعة أياماً عدة أثناء بعض العطلات. كثيراً ما تمشّت الملكة، المحافظة أكثر من حزب المحافظين، في الشوارع واشترت الصحف من الدكاكين التي تبيع الصحف والتذكارات، ولم يحصل أن سُجّل عليها شعور بالسخط أو حتى بالانزعاج لوجود صورة غيفارا، أو أي صورة أخرى لسائرات الشخصيات العالمية الثورية ، من أمثال الزعيم الجنوب أفريقي ويلسون مانديلا وزعيم حركة الحقوق المدنية لزنوج أميركا مارتن لوثر كينغ، إلى جانب صورتها وصور أهل بيتها.
هذا يرجع الى أن الملكة البريطانية تُدرك أنْ ليس لصورتها في "وينزُر" وسواها من قيمة غير القيمة السياحية، وكذا الحال بالنسبة للصور الأخرى وأعلام البلدان التي تزدحم بها، هي الأخرى، دكاكين  الـ "سوفينير"، وتُدرك أيضاً أنّ مواطنيها باقون على ولائهم لها ولبلادهم حتى لو امتلأت السماء وتغطّت الأرصفة بصور الزعماء الأجانب وأعلام الدول الأخرى.
الذين كانوا في الماضي يرفعون العلم السوفييتي وينشدون النشيد الأممي، والذين رفعوا صور جمال عبد الناصر وأنشدوا "بلادي.. بلادي"، كانوا يفعلون ذلك تقديراً لموقف معين أو تأييداً لموقف آخر. أما الذين رفعوا علم إيران في بغداد والبصرة فإنهم قاموا بذلك رداً على هتافات أطلقها بعض المتظاهرين ضد الدولة الجارة. ما قام به حَمَلة الأعلام الإيرانية لم يأتِ في إطار الإعراب عن التقدير لدور إيراني في محاربة داعش، على سبيل المثال، وإنما لقمع حرية التعبير التي كفلها الدستور العراقي لمواطني الدولة العراقية. وهذا بالذات ما يُثير الغيظ والسخط والانزعاج والاستفزاز حيال هذه الفِعلة ويوجّه اللوم للقائمين بها، وإلّا فإنّ رفع علم إيران أو أيّ دولة أخرى، في مناسبة أخرى ولغرض آخر، لا يتجاوز معناه غير عملية الرفع، ولا يتعدّى تأثيره محيط السيارات التي رفعته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. خليلو...

    الراية الحمراء التي رفعت لأنها كانت أيقونة ، وأية أيقونة ؟ ! اما التي رفعت في البصرة فهي أيضا لأنها ايقونة ،وأية أيقونة ايضا؟! الاولى كانت تجسد كل دلالات التقدم اما الثانية فهي تعبر عن الإنكفاء على الذات للعودة الى خمسة عشر قرنا لم يقدم ايقونه للإنسانية ش

  2. عبد مسلم

    الاستاذعدنان حسين المحترم كل الذي ذكرته حول الصور والاعلام في احدى المدن البريطانيه صحيح وليس هناك غايه ما للذي يرفع الصور والاعلام لكن الذي يرفع الاعلام الايرانيه ليس تصوره كما في المدينه البريطانيه يريد اعلامك بان ايران لها اليد الطولى في كل ما يحدث تذك

  3. د عادل على

    لنرفع الاعلام العراقيه او الايرانيه ولكن يجب علينا ان نعرف اين نضع العلم العراقى واين نضع العلم الايرانى لان المشكلة ليست ببسيطه------اولا يجب علينا ان نعرف من رسمت هده الحدود؟؟؟بعد انتصار الحلفاء فى الحرب العالمية الاولى رسمت سيده انكليزيه اسمها مس ب

  4. خليلو...

    الراية الحمراء التي رفعت لأنها كانت أيقونة ، وأية أيقونة ؟ ! اما التي رفعت في البصرة فهي أيضا لأنها ايقونة ،وأية أيقونة ايضا؟! الاولى كانت تجسد كل دلالات التقدم اما الثانية فهي تعبر عن الإنكفاء على الذات للعودة الى خمسة عشر قرنا لم يقدم ايقونه للإنسانية ش

  5. عبد مسلم

    الاستاذعدنان حسين المحترم كل الذي ذكرته حول الصور والاعلام في احدى المدن البريطانيه صحيح وليس هناك غايه ما للذي يرفع الصور والاعلام لكن الذي يرفع الاعلام الايرانيه ليس تصوره كما في المدينه البريطانيه يريد اعلامك بان ايران لها اليد الطولى في كل ما يحدث تذك

  6. د عادل على

    لنرفع الاعلام العراقيه او الايرانيه ولكن يجب علينا ان نعرف اين نضع العلم العراقى واين نضع العلم الايرانى لان المشكلة ليست ببسيطه------اولا يجب علينا ان نعرف من رسمت هده الحدود؟؟؟بعد انتصار الحلفاء فى الحرب العالمية الاولى رسمت سيده انكليزيه اسمها مس ب

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram