كان وصول يفغيني بريماكوف إلى وزارة الخارجية الروسية عام 1996 أهم مفترق في موسكو، منذ إعلان غورباتشوف البيريسترويكا التي مهّدت الى تفكك الاتحاد السوفيتي، الأوكراني الذي دخل الحزب الشيوعي صغيراً، كان يطمح لأن يقضي حياته، بين خان الخليلي وشارع النهر وحارات دمشق، يكتب عن الإنسان العربي الذي تقلّب خلال عقود من اليسار إلى اليمين، كان في الثانية والعشرين من عمره حين التحق بالقسم العربي في إذاعة صوت روسيا، لينتقل بعدها للعمل في صحيفة "برافدا" السوفيتية مسؤولاً عن القسم الخاص بآسيا وأفريقيا، ومن خلال الصحافة أقام صداقات مع معظم الساة العرب.
بالأمس وأنا أقرأ الصفحات الاخيرة من كتاب بريماكوف الكواليس السرية للشرق الاوسط، وجدتُ نفسي أمام مؤرًخ يقرأ الأحداث والخرائط والحروب والمجتمعات بمنطق المؤرخ واستدلالٍ السياسي المعاصر. وقد شعرت بالغيظ، وأنا أتذكر أنني تورطتُ ذات يوم، ودفعتُ مبلغاً من المال لشراء مُذكّرات إبراهيم الجعفري " تجربتي في الحكم " التي أراد أن يُخبرنا من خلالها بأنّ تجربته التي لم تتجاوز السبعة أشهر في الحكم، تمّ فيها تشكيل أقوى وزارة في تاريخ العراق، وسأعفيك عزيزي القارئ من " النبش " في الذاكرة، وأُخبرك أنّ تلك الفترة شهدت أعنف مواجهات طائفية، كانالمواطن العراقي البسيط الذي لم يسعفه " الحظ: وينتمي الى احدى المليشيات، يحمل في جيوب ما يثبت أنّه من هذه الطائفة، وتلك ايضاً، في كتاب بريماكوف نقرأ فصلاً مثيراً بعنوان " ظاهرة صدام " ونتعرّف من خلال السطور، كيف أنّ العناد في السياسة يُدمّر البلدان، ويُخبرنا كيف أنّ صدام صدّقَ الأكاذيب التي اخترعها له الغرب،، ولم يصدّق أنّ حرباً ستقع، حتى بعد ساعات قضاها معه المبعوث الروسي.
سيقول البعض إنّ العناد علامة في الشخصية العراقية، وقد أفرد لها المرحوم علي الوردي فصلاً في كتابه " شخصية الفرد العراقي " تضاف لها ميزة " لطيفة " هي التشدّق بالشعارات الفارغة. لانحتاج الى شهود لإثبات ذلك، فقط عليك عزيزي القارئ أن تشاهد صورة الاجتماع الاخير لمجلس الوزراء، وستجد صاحب تجربتي في الحكم يتصدّر المجلس.
لا جديد في دنيا السياسة العراقية، لا نزال ننتظر مظروف العبادي. والمواطن يسأل أين حلّ الدهر بالنوّاب المعتصمين ؟ أسهل الحلول في العرق هي ازدراء الآخر وتحقيره، وبثّ الفُرقة وإعلاء شأن القبيلة وبسط الموت ونشر الخراب.
على السيد الجعفري أن يقرأ بعناية كتاب الرفيق بريماكوف، مثل هذه القراءات تُوفّر عليه الأموال الطائلة التي يدفعها من ميزانية الدولة لشراء مئات المُجلّدات، وستوفّر علينا بالتاكيد سماع خطب وشعارات، لانفهمها ونستطيع هضمها.
بريماكوف في مكتبة الجعفري
[post-views]
نشر في: 10 مايو, 2016: 06:31 م
جميع التعليقات 8
خليلو....
يا له من قياس فاسد كما يقول المناطقة ( اهل المنطق).الاول تثقف بالمنطق الجدلي والثاني تاه بين جمل السفسطة والغيبيات التي يتسم بها المنطق الصوري . اوجزت الكلام عن سيرة بريماكوف .فما ابرز ملامح سيرة الثاني ليس من علاقة بين الإثنين إلا في تشابه الوظيفة لا غي
بغداد
الاستاذ علي حسين لا تنصدم اذا ذهبت يوما ما لتشتري كتاب من شارع المتنبي وترى أمامك فقط كتب الفيلسوف الحيزبوني الكونفوشي ابراهيموف الأشقري ( جعفوري) منتشورة على ارصفة الشارع وفي المكتبات العامة والخاصة بعناوين مختلفة كتاب عنوانه الكونفوشيوسية الأشقورية ، ال
رمزي الحيدر
أخي العزيز ، لا تأمل من ظرف العبادي شيئاً ، العراق جسماً مصاب بعدد من الامراض القاتلة:- ١- مرض السرطان ( الطائفية). ٢- مرض السل ( الفساد ). ٣- مرض العجز الكلوي ( الأُمية ). ٤- مرض الجرب ( اللاوطنية ). ٥- مرض القلب ( أحزاب السلطة حرامية ). لاشفاء للع
ناصر المظلوم
الاخ علي حسين المحترم بارك الله لجهودك في اتحاف القارئ بمقالاتك الرائعة واوجه المقارنة بين العالم وبيننا ولكن ليس من الانصاف ان تقارن بين اناس مخلصين للاوطانهم وبين ساستنا العملاء النكرة السراق مع كل الحب والتقدر لشخصك
خليلو....
يا له من قياس فاسد كما يقول المناطقة ( اهل المنطق).الاول تثقف بالمنطق الجدلي والثاني تاه بين جمل السفسطة والغيبيات التي يتسم بها المنطق الصوري . اوجزت الكلام عن سيرة بريماكوف .فما ابرز ملامح سيرة الثاني ليس من علاقة بين الإثنين إلا في تشابه الوظيفة لا غي
بغداد
الاستاذ علي حسين لا تنصدم اذا ذهبت يوما ما لتشتري كتاب من شارع المتنبي وترى أمامك فقط كتب الفيلسوف الحيزبوني الكونفوشي ابراهيموف الأشقري ( جعفوري) منتشورة على ارصفة الشارع وفي المكتبات العامة والخاصة بعناوين مختلفة كتاب عنوانه الكونفوشيوسية الأشقورية ، ال
رمزي الحيدر
أخي العزيز ، لا تأمل من ظرف العبادي شيئاً ، العراق جسماً مصاب بعدد من الامراض القاتلة:- ١- مرض السرطان ( الطائفية). ٢- مرض السل ( الفساد ). ٣- مرض العجز الكلوي ( الأُمية ). ٤- مرض الجرب ( اللاوطنية ). ٥- مرض القلب ( أحزاب السلطة حرامية ). لاشفاء للع
ناصر المظلوم
الاخ علي حسين المحترم بارك الله لجهودك في اتحاف القارئ بمقالاتك الرائعة واوجه المقارنة بين العالم وبيننا ولكن ليس من الانصاف ان تقارن بين اناس مخلصين للاوطانهم وبين ساستنا العملاء النكرة السراق مع كل الحب والتقدر لشخصك