TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جمهورية "الدَّمج" العراقية

جمهورية "الدَّمج" العراقية

نشر في: 11 مايو, 2016: 09:01 م

مستر بريمر  له الفضل الكبير في  ترسيخ مظاهر  الدَّمج في الحياة العراقية ، حين قرر ضم الأجنحة المسلحة التابعة لقوى سياسية  قارعت الديكتاتورية الى المؤسسة العسكرية . في زمن صدور القرار ، كان التطوع في الجيش او الشرطة يُعد من المحرمات ، ومَن يرغب في العودة من منتسبي الجيش المنحل عليه ان يضع في حسابه ، بأنه اصبح هدفا متحركا  لفصائل مسلحة تابعة لقوى عراقية رفضت المشاركة في العملية السياسية ، نظرية الدَّمج منحت رُتباً عالية الى اشخاص امتلكوا  حق ادارة الملف الأمني،   فكانت النتيجة   تراجع الاوضاع الأمنية في المناطق الساخنة وحتى الباردة .
 إعادة بناء المؤسسة العسكرية،  كلفت  الخزينة العراقية مليارات الدولارات ، لا يهم ذلك ما دام الهدف ضمان استقرار الاوضاع الأمنية ، لكن هذه الامنية لا تتحقق بوجود ضباط دمج لم تشملهم اصلاحات  رئيس الحكومة العبادي ، فظل قرار بريمر يحتفظ  بقوة اثنين حصان غير خاضع لإعادة النظر او البحث ، لوجود اطراف مشاركة في الحكومة الحالية ،  تدافع عن  القرار بوصفه جاء في وقت غياب المؤسسة العسكرية بحل الجيش العراقي ،  وتهريب معداته وآلياته الى جهات توصف بأنها مجهولة  ،  لكنها معلومة معروفة  لدى القوات الاميركية والمهربين وتجار الاسلحة!
 انتقل ابتكار الدمج الى مفاصل كثيرة في الحياة العراقية ،في المدارس  لمواجهة مشكلة نقص الابنية المدرسية ، في العشوائيات المنتشرة في بغداد،  فضمّت أُسراً قررت ان تندمج في حي سكني غير مشمول  بالخدمات الاساسية ، لتشكيل قوة ضغط امام الجهات المسؤولة عن رفع التجاوزات ، وتحقق الدمج ايضا في تنفيذ المشاريع ، صاحب العقد يدمج اكثر من مقاول في مشروع واحد فتضيع المبالغ   بعد ان يتسلم الوسطاء   حصصهم المثبتة بوثائق  وُقِّعت في الغرف المغلقة وتحت إشراف حزب متنفذ ، لديه الاستعداد  لتحشيد ضباطه الدمج ضد  مَن يرفض تسليم الامين العام حصته من الرزق الحلال !
بريمر حفظه الله ورعاه  جعل الدمج  منهجاً في العراق ، مَن تبناه ظفر ، ومَن تخلى عنه خسر الدنيا والآخرة ، انطلاقا من هذه القاعدة ، وُلِد من الدمج قرار منح المناصب بالوكالة ، لتفادي اشكاليات الاصالة ،  وقطع  طريق الدخول الى تقاسم المواقع على اساس الانتماء المذهبي  مما يؤدي الى المزيد من الخلاف  لا يخدم العملية السياسية .
حكومة العبادي الجديدة دمجت الوزارات ، بهدف تقليص النفقات ، مع احداث  ترشيق  ومعالجة الترهل في  الدوائر الرسمية ، المعترضون فسروا لجوء العبادي الى خيار الدمج لإبعاد شخصيات تصدرت قائمة الوزراء المخضرمين في الحكومات  المتعاقبة من الكابينة الجديدة ،  بعيدا عن الحسابات السياسية ،   الدمج الوزاري  لا يحقق التقشف، بل سيضيف اعباءً على الوزير الجديد المستقل ، فيكون هدفا متحركا لكتل برلمانية تبكي على اطلال وزاراتها ، وحين تصل الى مرحلة النحيب ،  تقرر جمع التواقيع لتبطش بالوزير الجديد !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram