اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اعتراف المُفتّش العام

اعتراف المُفتّش العام

نشر في: 11 مايو, 2016: 05:35 م

وأخيراً ....  تبيّن الخيط الأبيض من الأسود لمكتب المفتّش العام لوزارة التربية في أن "التدخلات السياسية"، فضلاً عن "الأوضاع الأمنية والطائفية"، من الأسباب الرئيسة في ضعف الإدارة المدرسية في البلاد، بحسب ما جاء في بيان للمكتب نُشر أمس، وتضمن إقراراً صريحاً بأن هذه الأسباب "أدت إلى ضعف اختيار إدارات المدارس في المديريات العامة للتربية كافة".
ما الذي يعنيه تعبير "التدخلات السياسية"؟.. إنه يعني بكل بساطة أن الأحزاب الحاكمة والميليشيات التابعة لها تتدخل في الشأن التعليمي، وأحد أشكال هذا التدخل فرض إدارات من عناصر هذه الأحزاب والميليشيات لا يتوفر فيها أدنى الشروط اللازمة لإدارة المدارس وللإشراف التربوي.
هذه المشكلة لا تختصّ بالتعليم الابتدائي والمتوسط والإعدادي التابع لوزارة التربية، فالأمر كذلك في مجال التعليم العالي هو الآخر .. لدينا جامعات وكليات ومعاهد يتولى رئاستها وعمادتها وإدارتها أكاديميون لا يتحلّون هم أيضاً  بالحدّ الأدنى من المستوى الأكاديمي والإداري اللازم. وكان من عواقب هذا أن انحطّ مستوى التعليم العالي والبحث العلمي، وصارت جامعاتنا تتراجع في التصنيفات الدولية والاقليمية الى الحضيض ويأتي ترتيبها في ذيول القوائم.
أكثر من هذا، فإن أجهزة الدولة كلها تعاني من هذه المشكلة، وهذا ما يكشف عن واحد من أسرار ما نواجهه في حياتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية من تخلّف وانحطاط وخراب. الحزبيون والميليشياويون يتولّون الإدارات العليا، وبدورهم يعهدون إلى محازبيهم وعناصرهم بالإدارات والأقسام والشعب الأدنى، والنتيجة فساد إداري ومالي عاصف ومزلزل. وهذا بالضبط ما نحن فيه الآن.
مكتب المفتش العام في وزارة التربية قال بيانه إنه "وضع برامج لمعالجة ضعف الإدارة المدرسية ووضع الحلول الستراتيجية لها"، لكنه لم يخبرنا بماهيّة هذه الحلول، عدا القول إن  "من أهم تلك الحلول استحداث تشكيل إداري يعني بإدارات المدارس يتولّى تقييم المديرين وإدخالهم في دورات تطويرية تتضمن الاتجاهات الحديثة للإدارة وإعداد مشروع بعنوان (الإعداد المهني لمديري المدارس على مستوى البكالوريوس في أقسام التربية في الجامعات)"... الخشية هنا أن الأمور ستتردى أكثر من ذي قبل مع هذا الموصوف في بيان المكتب بـ "من أهم الحلول"، فالتشكيل الإداري المُقترح يُمكن أن ينقل إلى نفسه الأمراض ذاتها السائدة في جهاز الدولة البيروقراطي، وفي مقدمها أو على رأسها الفساد الإداري والمالي، فتكون الكلفة والعواقب مضاعفة.
أية حلول لمشكلة الإدارات المدرسية والجامعية ولقضية التردّي في المستوى العلمي للجامعات والمعاهد، ولسائر مشاكلنا وأزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا يمكن أن تتحقق مع بقاء النظام السياسي المحاصصاتي قائماً. الشرّ يولد الشرّ، ومن الطبيعي أن يتفشّى الشرّ المحاصصاتي، المستوطن الآن في قمّة الهرم السياسي والاجتماعي، في كلّ الاتجاهات ويجتاح السفوح باتجاه الأدنى ليضرب خلايا المجتمع فاطبة، وبينها المدارس والجامعات.
هل كان هذا أحد الحلول الستراتيجيّة التي وضعها مكتب المفتّش العام بوزارة التربية؟
 لا أظنُّ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram