ذهبتُ إلى المتنبي كعادتي كلّ صبيحة جمعة، وكان الشارع مزدحماً بالأصدقاء والكتب كالمعتاد. ولا أدري لماذا يتحول دخول الشارع عندي الى نوع من الطقوس، وقد تذكرتُ مرة ان بورخس قال إن " كل العالم خارج مكتبتي فراغ لا يطاق". أول ما طالعني بين بسطيات الكتب طبعة جديدة من رواية البرازيلي جورج أمادو " طفل من حقول الكاكاو " وهي أشبه بسيرة ذاتية لصاحب الأربعين الرواية التي ترجمت الى 54 لغة، كان أمادو من الاهمية في بلاده جعلت منه أكثر من روائي، حتى أنّ هناك عبارة شعبية شهيرة في البرازيل تقول "إذا أردت أن يكرهك كلّ سكان البرازيل أدخل في صراع مع جورج أمادو وأشتمه " في حقل الكاكو التي قرأتها منذ سنوات نتجول مع بطلها في البرازيل، التي كانت تنام على انقلاب عسكري وتصحو على آخر، لكن بعد عام واحد من رحيل أمادو انتخب الرئيس "لولا دا سيلفا" ليشكل عهده انتقالة مهمة في حياة البلاد، مشروعه الاقتصادي الذي حوّل البرازيل من دولة تعتمد على مساعدات البنك الدولي الى إمبراطورية مالية، تمنح البنك الدولي قروضا مليارية.
سيقول قارئ عزيز حتماً ما لنا وللبرازيل يارجل، هي بعيدة ولا علاقة لها بتجربتنا الديمقراطية. نحن قدّمنا النموذج الأمثل. وقفنا وقفة رجل واحد من اجل هيبة البرلمان، أما هيبة المواطن فمسألة فيها نظر.اسمحوا لي ان أحيلكم الى تصريح مستشار رئيس الوزراء وليد الحلي الذي بشرنا ان " التفجيرات الاخيرة ستكون حافزاً لنا للقضاء على داعش "، ما قبلها مجرد بروفة لمعرفة قدرة هذا الشعب على الصمود.
وأعود معكم الى الى البرازيل التي صحونا اليوم على خبر إقالة رئيستها ديلما روسيف من قبل مجلس النواب، وتعيين ميشال تامر اللبناني الأصل رئيسا مؤقتا، لم يطلب أحد منه ان يقدم كشفاً بأعمامه "البرازيليين" ولا سألوه أنت من أي عشيرة، تقول الرئيسة المقالة لمنافسيها: إنها لم تخسر المعركة بعد، لكنها لن تتهرب من الاعتراف في الفشل، وأتمنى ان تنتبهوا معي لعبارة "الاعتراف بالفشل"، هذه الكلمة لاوجود لها في قواميس ساستنا " المجاهدين "
في اليوم الذي عزلت فيه الرئيسة البرازيلية، كان وزير خارجيتنا إبراهيم الجعفري يلتقي بالسفير التركي ليُذكّره بأن مهلة الـ "24" ساعة لخروج القوات التركية قد انتهت، لاتظنوا ان المهلة كانت يوم امس، لاياسادة ان تاريخها هو 07/12/2015.
يكتب جورج أمادو: أليست كاذيب الساسة هي أصل الداء في زماننا؟
أهل القانون وأهل الثرثرة
[post-views]
نشر في: 13 مايو, 2016: 06:29 م