امبرتو ايكو ، واحد من اهم الروائيين المعاصرين .. سجلت روايته الشهيرة "اسم الوردة" اعلى المبيعات حول العالم وباكثر من 40 لغة حية . ايكو الايطالي الفيلسوف الغائص بالبحث والتقصي في عالم الدلالات والاشارات والرموز واشكالية النص الديني والادبي ، هو عالم ا
امبرتو ايكو ، واحد من اهم الروائيين المعاصرين .. سجلت روايته الشهيرة "اسم الوردة" اعلى المبيعات حول العالم وباكثر من 40 لغة حية . ايكو الايطالي الفيلسوف الغائص بالبحث والتقصي في عالم الدلالات والاشارات والرموز واشكالية النص الديني والادبي ، هو عالم اللغة الذي لم يترك لحظة واحدة الا واستثمرها في تنقيباته في بطون الكتب ليكتشف اسرارا ادهشت جمهور الفلسفة وعلماء السيمائية .. ايكو المتفرد في عوالمه ينفق خمسين عاما من عمره ليبرهن للآخر بأنه يطمح بأن يكتب التاريخ اسمه كناقد دلالي وعالم لساني ومختص بفلسفة العصور الاوروبية الوسطى وليس كروائي .. ذاع صيته كمفكر وسيميائي ومنظر في متاهات ومغاور القرون الوسطى وخاصة علاقة الانسان بالأديرة والملكوت والخيال وغموض السبل واحلام الشخوص المستحيلة ودهاليز الشيطان المتمثل ببعض الاشخاص آنذاك .. ايكو يفجر دهشة الجميع في ارجاء العالم باصداره اول رواية له "اسم الوردة" ، مفاجأة الاوساط النقدية والروائية ودور النشر . واشتغلت المطابع طيلة سنوات تلت ، على طباعة ملايين النسخ وبلغات العالم القارئ في قاراته الخمس .. رواية توجت مسيرة ايكو لخمسة عقود من البحث والتقصي والكتابة كمثقف فيلسوف وناقد وسينمائي ومفكر .. فاصبح روائيا في سن الخمسين وقد غمرته السعادة والنشوة لبلوغه لقب روائي وهو ما كان يحلم به منذ طفولته .. "اسم الوردة 1980" هزت الاوساط المختلفة بجرأتها ودخولها الى عوالم كانت محظورة ، صدرت مكتوبة باللغة الايطالية وبعد ثلاث سنوات ترجمت الى اللغة الانكليزية ، مليئة بعوالم الفكر والاسرار والفلسفة الضائعة والغموض وجرائم القتل المتتابعة والخيال الحذر المشوق والمخيف .. رواية التحليل النفسي والغوص في بواطن النفوس وقراءة اسارير الوجوه لاكتشاف اسرار ما يجري في الدير - مكان الرواية الرئيسي - مبتعدة عن المعالجة التقليدية للحبكة .. اشتهرت الرواية وصارت ايقونة لامبريتو ايكو وعنوانا هاما يتصدر الاعمال الروائية الايطالية الاخرى ، وان ذكر ايكو ذكرت "اسم الوردة" فلاحقته الشهرة حدا صار لزاما عليه ان يتواصل مع معجبيه ويكتب روايات اخرى وهكذا اصدر عام 1988 روايته "بندول فوكو" ولحقها عام 1994 بروايته "جزيرة اليوم السابق" ثم اصدر رواية "باودولينو" عام 2001 و"مقبرة براغ" 2010 و"العدد صفر" 2015 .. الواضح ان رواياته التي اعقبت اسم الوردة لم تكن بشهرتها ولم تنسِ القراء الرواية الاولى التي صارت هوية ايكو الادبية .. قد يكون هذا الحكم ظلما لايكو ولإرثه الروائي ( توفي في التاسع عشر من شباط 2016 ) ، لأنه انجز رواياته بنفس الهمة والحيوية التي انجز فيها اسم الوردة كما صرح اكثر من مرة .. لذا كان امبريتو ايكو ملتزما بخطه الروائي الذي عزم عليه وايقن بان رواياته قد تقربه من نوبل بعد ان اهملت الجائزة روايته الشهيرة الاولى مع انه رشح اكثر من مرة لنيلها ، الا ان الاكاديمية السويدية التي تمنح الجائزة لا يمكن لاحد ان يخمن ما تفكر به ولا على اية معطيات يتم اختيار الفائز بها وظلت التوقعات تتلاطم في موج الجائزة ولم يستطع احد من معرفة ما يجري وفقدت ايطاليا فرصة الحصول على نوبل عن طريق ايكو الذي لم يخف طموحه في الحصول عليها . وباعتقاد النقاد ، فان ايكو استطاع وبجدارة ان يكتسح العالم الروائي منذ سنة 1980 بعد ان ابصرت " اسم الوردة " النور وكانت رواية متكاملة وفيها نظرة فلسفية وتراتبية سردية متلازمة ناهيك عن احتوائها على رموز وعلامات ودلالات برع ايكو في مزجها وخلطها مع الاحداث التي حصرها في مكان واحد . وان ذهبنا لرأي بعض النقاد بأن رواياته الاخرى كانت اقل شأنا من الاولى ، فكانوا يطرحون سؤالهم المحير، اما كان بامكان ايكو الاكتفاء بـ "اسم الوردة" وبالتوهج والشهرة والنجومية والثراء التي حصل عليها سيما انه كان متفردا من قبل في بحوثه الفلسفية والسيميائية واللغة المقتدرة وصناعة النقد الفلسفي وغيرها من مواهبه الغنية بالنضج والتميز وخلق له اسما بارعا في النقد والفلسفة ؟ لكن ايكو يجيب بهدوء المبدعين بأن الرواية هي تاريخ متكامل من الفن والسرد والاغواءات التي يسعى اليها جميع الروائيين . انها بلا شك كانت الشرارة التي عدها بداية موفقة لروائي واعد سجل اسمه منذ اول محاولة في سجل الروائيين الناجحين وحاول ان يستعيد ألق الحكاية وذروتها في رواياته التالية وهو طموح كان يمور في داخله ليحصد الشهرة التي كان يسعى اليها وليشبع نهمه الروائي ، لذا كان ايكو يمهل نفسه عدة سنوات كي يصدر رواية جديدة وهو يرى بأن الاستعجال في الكتابة قد يقضي عليه كروائي ناجح وصادم .. في عام 1986 تحولت الرواية الى فيلم سينمائي من بطولة الممثل الاسكتلندي شون كونرى الذي اشتهر بأداء دور جيمس بوند العميل البريطاني في الستينات ومثل معه الممثل الاميركي كريستيان سلاتر واخرجه المخرج الفرنسي جان جاك آنو صاحب الفيلمين الشهيرين "سبع سنوات في التبت" عام 1997بطولة براد بيت وديفيد ذوليس ، والآخر الحربي الضخم "العدو على الابواب" عام 2001 عن احداث معركة ستالينغراد بطولة "راشيل وايز" و"جود لو" و"جوزيف فاينس" ، وقد نجح الفيلم في استقطاب الملايين لقراءة الرواية وعرف بها امام الجمهور.. رحل امبريو ايكو ولم يحصل على جائزة نوبل كما رحل قبله الروائي الايطالي ايتالو كالفينو الذي لم يحصل عليها ايضا فيما ذهبت الى الايطالي الكاتب المسرحي داريو فو عام 1997 وكان حينها ليس بشهرتهما ابدا ..
اشارة : قرأنا الرواية بترجمتين للعربية الاولى كانت عن دار سينا لكامل عويد العامري سنة 1995عن الفرنسية ، والاخرى عثرت عليها في شارع المتنبي في بغداد سنة 2014 وقد صدرت عام 1991 عن دار التركي للنشر في تونس لأحمد الصمعي عن الايطالية