علي القيسييعاني الناس منذ التغيير الذي اعترى البلاد عام 2003 حتى اليوم قضيتين مهمتين رئيستين، لهما مساس مباشر وحيوي بمجريات الحياة العامة، وعنهما تشظت اغلب المشاكل التي نرزح تحت وطأتها الان، من دون حلول آنية او مستقبلية تلوح في الافق القريب.
القضيتان على اهميتهما ينبغي للاحزاب والكتل السياسية المرشحة والمتنافسة في الانتخابات المقبلة ان تضمّنهما برامجها المطروحة امام الناخبين بغية استقطابات اوسع ، واستمالة الجماهير، بل والتأثير في خياراتهم حتى لحظة الوقوف امام صندوق الاقتراع .ألا وهما قضية الامن ، وقضية الخدمات. فاذا كان الأمن قد تحقق بشكل جيد، نحمد الله عليه، وقد قطع شوطا بعيدا في جوانبه الميدانية بفضل الجهود المضنية التي بذلتها الحكومة بعد تضافر القوى الوطنية والشعبية في هذا الشأن ، ما اعاد الحياة الى طبيعتها في المناطق التي وصفت بالساخنة او مثلثات الموت وزواياه. إلا ان ملف الخدمات شهد تراجعا، وتعثرا، وتلكؤا بيّنا في كثير من المناطق، والسبب يعزوه بعض المطلعين الى توزع المسؤوليات، وتنافر الجهات المسؤولة المحكومة بالمصالح السياسية والذاتية والفئوية. ان المتابع الحصيف لهذين الملفين سيلمس اسباب تفوق ونجاح الملف الامني على غيره، يعود الى نأي القوات المسلحة عن المحاصصات اولا ،وهي بذلك بعيدة عن النعرات جميعها، فضلا عن ارتباط ملفاتها بصورة عامة بيد القائد العام للقوات المسلحة، اما ملف الخدمات فقد توزعت مسؤولياته بين جهات سياسية متبارية ومتنافسة، فضلا عن انها محكومة بداء المحاصصة القاتل، فضلا عن المنافع الشخصية التي تتنازعها. واليوم نرى في ظل ذلك تأجيل يتلوه تأجيل في موضوعة إقرار الموازنة ، وكل ذلك لاسباب غير موجبة، تتعلق بالصفقات السياسية اوبتنازلات الاطراف فيما بينها اكثر من تعلقها بهموم المواطن الذي يكتوي بنيران الواقع المر. من هنا ينبغي على المرشحين، استثمار الفرصة لتتضمن برامجهم الخطط الكفيلة بحلول موضوعية وواقعية لكل هذه الاشكالات التي افرزها الواقع السياسي منذ التغيير، والذي كان ضحية لامراض عديدة، في المقدمة منها المحاصصة الطائفية البغيضة .اذ لا يمكن النهوض بالعباد والبلاد من دون اقرار الخلاص من كل هذه الامراض التي تنتشر داخل الجسد السياسي المحلي. يبقى ملف الخدمات، هو الشغل الشاغل لكل الناس، الذي هم الان في غنى عن اي كلام اخر يطلقه المرشحون والذي لا يصب في هذا المسار. والبرنامج الانتخابي القوي والمتفوق على غيره سيكون حتما، المفصل بلا كلل ، لموضوعة الخدمات بما فيها من شؤون تهم المواطن الصابر.
كلام ابيض : الخدمات والانتخابات
نشر في: 24 يناير, 2010: 06:27 م