العراقيون حققوا احلامهم في التقاط البث الفضائي ، كغيرهم من شعوب المنطقة ، فكانوا على موعد مع الانفتاح الاعلامي الواسع من دون رقابة تفرضها جهات رسمية ، في اجواء حرية التعبير كمظهر ديمقراطي ، حرصت قوى سياسية على ان تكون لها فضائياتها الخاصة ، تنقل نشاطات زعمائها ، مع تقديم خدمة اعلامية ، تعتقد انها تلبي حاجة قواعدها الجماهيرية العريضة في الحصول على المعلومات للتعرف على آخر المستجدات في المشهد السياسي المحلي والاقليمي ، لكن الفضائيات العربية والاجنبية استطاعت التفوق على زميلاتها المحليات في استقطاب الجمهور ، على الرغم من ان خطابها الاعلامي في اغلب الاحيان يوصف بانه ضد التجربة الديمقراطية.
باستثناء الفضائية شبه الرسمية الممولة من المال العام ، لا احد يعرف مصادر تمويل الفضائيات الاخرى ، هل تحصل على الاموال من ايران او السعودية او قطر أو غيرها ؟ هذا السؤال واحد من اسرار القوى السياسية ، ليس باستطاعة الافراد والجهات معرفتها ، ولكن حين تتوقف الفضائية عن البث فمعنى ذلك انها وصلت الى المرحلة الجلوس على الحديدة ، فاصبحت عاجزة عن تغطية نفقات مشاركتها في القمر الصناعي فسرحت العاملين على أمل الاستعانة بخدماتهم في مواسم اجراء الانتخابات ، بعد الحصول على التمويل .
الفضائيات العراقية من الفها الى يائها باستثناءات قليلة جدا بالامكان التعرف على مصادر تمويلها من نشراتها الاخبارية ، واعتمادها مصطلحات ومفردات معينة تؤكد بكل وضوح ان الجهة الفلانية هي مصدر التمويل بالدولار أو الريال أو التومان أو الدرهم. متابعة برامج الفضائية لمدة يوم واحد فقط تكشف "الراعي الرسمي" لفضائيات طالما جعلت يوم السيادة والدفاع عن المصالح الوطنية وتلبية مطالب الشعب العراقي منهج عملها في التعاطي مع الاحداث كما تزعم بكل حيادية ومهنية .
فضائيات الاحزاب العراقية ، اعادت امجاد الاعلام الموجّه ، فهي تنقل خطبة ونشاط امين عام الحزب وزعيمه الروحي ، ثم تسخر برامجها الاخرى لتحليل مضامين الخطاب ، تستقبل ردود افعال الجمهور حول ماجاء في الخطاب التاريخي ، في اليوم الثاني تواصل التغطية بنقل الاصداء الاقليمية وردود الفعل الدولية. المشاهد صاحب الحق في اختيار القناة المفضلة غير معني بكل هذا "الخريط الاعلامي "، ينتقل الى قناة اخرى تبث المسلسل التركي ليتخلص من هموم المشهد السياسي .
يوم بدأ البث الملون في العراق ابدى احدهم رغبته في ان تتوصل العلوم والتكنلوجيا الى ابتكار جديد يمنح المشاهد امكانية رشق من لا يعجبه ممن يظهرون في الشاشة بأي شيء يقع بين يديه، فيسقط على رأس الاخير داخل الاستوديو. الرغبة تبدو خيالية، لكن في ظل تطورات وسائل الاتصال ليس من المستبعد التوصل في يوم ما الى ابتكار من هذا النوع... فحذارِ يا فضائيات.
"كيشوانية" الخبر العاجل
[post-views]
نشر في: 15 مايو, 2016: 09:01 م