TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المُعجزة العصيّة!

المُعجزة العصيّة!

نشر في: 16 مايو, 2016: 03:13 م

نحنُ الآن في شهر مايس (أيار) من العام 2016 .. أي بيننا وبين تموز 2013 نحو ثلاث سنوات. قبل هذه السنوات الثلاث كانت وزارة الداخلية قد وعدتنا بتحقيق اختراق على صعيد مكافحة الإرهاب، وبخاصة لجهة الكشف عن المتفجّرات، فأطلقنا الأعنّة لخيالاتنا في أنّ بغداد ستتخلّص أخيراً من الكابوس الثقيل الجاثم على صدرها.
في ذلك الوقت، قبل 34 شهراً بالضبط، أعلن المتحدّث باسم وزارة الداخلية أنّ وزارته "ستباشر قريباً استخدام عجلات تحمل أجهزة سونار للكشف عن المتفجّرات في السيارات"،  وأنها ستوضع عند مداخل مدينة بغداد "كمرحلة أولى ومن ثم سيجري التوسّع بها داخل العاصمة وفي المحافظات"، مؤكداً أنّ هذه الأجهزة "متطوّرة جداً وتعمل باستخدام الأشعّة السينيّة"، وكل عجلة "مجهزة بأحدث التقنيات للكشف عن شتّى أنواع المتفجّرات".
 أكثر من هذا، طمأن المتحدث المواطنين الى أن هذه الأجهزة "ليس لها أية تأثيرات سلبية" على صحّتهم عند نصبها في الشوارع، وهي "لن تتسبّب بإحداث زحامات مرورية لدى عملها،إذ تستغرق عملية فحص السيارات المارّة أمامها نصف دقيقة لكل سيارة". بل إن المتحدث استبعد إمكانية ظهور فضيحة فساد مالي بسبب هذه الأجهزة الجديدة مثلما حصل مع أجهزة كشف المتفجرات السابقة، فالعجلات استوردت "من مناشئ متعددة وأن أجهزة كشف متفجرات أخرى سيتم التعاقد على شرائها قريباً".
مرّة أخرى كان هذا الكلام منذ ثلاث سنوات. وبالطبع فإن أهل بغداد لم يروا شيئاً مما وعد به المتحدث باسم وزارة الداخلية لا في السنة الأولى ولا في السنة الثانية ولا حتى في السنة الثالثة، الحالية.
في أيلول 2014 ، أي بعد 16 شهراً من تاريخ تصريح المتحدث وقبل 18 شهراً من الآن، أعلن الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عن قرب وصول أجهزة متطوّرة الى العراق لكشف المتفجرات والسيارات الملغومة، وقال إن هذه الأجهزة "تتضمن أجهزة قوسية بأشعة عالية تمتلك القدرة على اختراق العجلات وكشف ما بداخلها من أسلحة ومواد متفجرة وغير ذلك"، وأضاف أن وزارته "تعتزم وضع هذه الأجهزة في بوابّات المدن ومداخل المناطق السكنية، وسيكون قسم منها متحرّكاً لرصد وكشف العجلات المفخّخة في الشارع".
لا أُريد أن أُطيل باستدعاء تصريحات مماثلة ظلّت تُدغدغ مشاعر البغداديين وسواهم وتشحن آمالهم وأحلامهم بأيامٍ وليالٍ آمنة، فهي عديدة، إذ لا نفع في هذا الاستدعاء، فآخر حلقات هذا المسلسل تقول الآتي:
"كشفت مصادر أمنيّة عن وجود "18 عجلة سونار للفحص الإشعاعي متروكة في مخازن الداخلية تمّ استيرادها لحساب الوزارة لوضعها في مداخل بغداد مخصّصة لفحص البضائع الداخلة الى العاصمة، والتي عادة ما تكون منفذاً للإرهابيين بإدخال المتفجّرات والسيارات الملغومة"، وأوضحت أنّ "هذه العجلات تمّ استيرادها بعقد مع شركة لمقاول كرديّ ، لكن لم يتم نصبها رغم صرف ستة مليارات دينار عليها وإدخال منتسبين وموظفين في دورات للتدريب عليها في الدنمارك لكن لم تستخدم لحد الآن"!
السؤال الآن: هل حِيلَ دون استخدام هذه العجلات الجاهزة المجهّزة بكل شيء ،لأن صفقتها لم تشهد أيّ عملية فساد ماليّ وإداريّ، كما أكد المتحدّث باسم وزارة الداخلية عند إعلانه عنها منذ نحو ثلاث سنوات؟!  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. الشمري فاروق

    الاخ العزير عدنان...نعم كما وعدتنا وزارة الداخليه انهم استوردوا السيارات ولكن بدون السونارات التي تقوم بالكشف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  2. ابو سجاد

    كيف يتم استخدام هذه العجلات الكاشفة والاحزاب هي التي ترسل السيارات المفخخة والعبوات الناسفة من داخل مقراتها الحزبية وتحديدا من المنطقة السوداء وكم مسؤولا في الحكومة والبرلمان ضبط متلبسا في تفخيخ السيارات واين امسى ملف جهاز السونار الذي لايزال يفتك بنا الل

  3. الشمري فاروق

    الاخ العزير عدنان...نعم كما وعدتنا وزارة الداخليه انهم استوردوا السيارات ولكن بدون السونارات التي تقوم بالكشف؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  4. ابو سجاد

    كيف يتم استخدام هذه العجلات الكاشفة والاحزاب هي التي ترسل السيارات المفخخة والعبوات الناسفة من داخل مقراتها الحزبية وتحديدا من المنطقة السوداء وكم مسؤولا في الحكومة والبرلمان ضبط متلبسا في تفخيخ السيارات واين امسى ملف جهاز السونار الذي لايزال يفتك بنا الل

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram