اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > بعض أنواعه مجهولة المصدر والإنتاج.. الشيبس..إرهاب غذائي يهدد أطفالنا

بعض أنواعه مجهولة المصدر والإنتاج.. الشيبس..إرهاب غذائي يهدد أطفالنا

نشر في: 17 مايو, 2016: 09:01 م

لم يدر بخلد أمير ، ذي السبع سنوات ، بأن تناول (الشيبس) سوف يمنعه من اداء الامتحانات النهائية بعد ان أصيب بوعكة صحية مفاجئة كانت كافية لجعله طريح الفراش لايام عدة. امير كعادته يذهب كل يوم الى الاسواق القريبة من سكنهم لشراء الحلوى او المرطبات. وبينما ه

لم يدر بخلد أمير ، ذي السبع سنوات ، بأن تناول (الشيبس) سوف يمنعه من اداء الامتحانات النهائية بعد ان أصيب بوعكة صحية مفاجئة كانت كافية لجعله طريح الفراش لايام عدة. امير كعادته يذهب كل يوم الى الاسواق القريبة من سكنهم لشراء الحلوى او المرطبات. وبينما هو يبحث عن حلواه المفضلة ، لفت نظره (شيبس) غلافه يحمل صورة الشخصيات الكارتونية المشهورة توم وجيري ، وعندما سأل البائع عن سعره أجابه انه بـ (250)  دينارا، اشترى كيسين وأتم أكل أحدهما في طريقه الى البيت وأكل الثاني بعد ساعة . لكنه سرعان ما نقل الى المستشفى لاصابته بالتقيؤ والاسهال الشديدين ،حسب والده، نتيجة تسممه. وعندما عاد الأهل الى صاحب الأسواق وتفحصوا نوعية (الشيبس) لم يجدوا رقم الاجازة الصحية ولا مكان المعمل وما شابه ، فعاد الاب ادراجه متسائلا : ما ذنب صاحب الاسواق بما حصل ، عازيا السبب الرئيسي في مثل هكذا امور لغياب الرقابة الصحية.

أكياس ملونة تجذب الصغار والكبار، اسماء غير معروفة لشخصيات كارتونية او حتى صور لاعبي كرة القدم المشهورين بداخلها انواع مختلفة من الأجباس والذرة (الشامية)، معامل معروفة واخرى لايعلم سرها الا الله ، بعضها لايحمل رقم الاجازة الصحية او حتى عنوان المعمل وكل مايمكن معرفته لمن يدقق بالمعلومات المكتوبة على كيس (الشيبس) انه يقرأ جملة "صنع في العراق" فقط. ان استمرار ظاهرة انتشار وجود الأجباس والحلويات منتهية الصلاحية وغير القابلة للاستهلاك البشري أمام أنظار الأجهزة المعنية، تؤشر بدلالة واضحة على ضعف متابعتها لهذه المنتجات التالفة التي تهدد حياة الناس لا سيما الأطفال منهم . لذا نشدد على ضرورة متابعة المعامل الأهلية التي تقوم بضخ هذه السموم التي لاتختلف عن الارهاب بشيء ان لم تكن ارهاباً غذائياً.

تزوير ماركة ومواد تالفة
باسم حسن ، صاحب معمل لانتاج (الشيبس) ، تحدث لـ(المدى) قائلا : هناك شروط صحية وبيئية لابد من توفرها عند فتح اي معمل لانتاج المواد الغذائية. مشيرا : ان اهمها توفر الظروف الصحية للمكان اضافة الى الآلات والمكائن المستخدمة في التصنيع والتي يفترض ان تكون حديثة الصنع. متابعا: ومن ثم فحص كل مايمكن ان يدخل في الصناعة من مواد أولية ونكهات الخ. أضاف حسن : قبل أشهر عدة لاحظنا انتاج (شيبس) يحمل نفس العلامة التجارية وكل التفاصيل العائدة لمعملنا ماعدا فقرة واحدة كتب فيها العنوان "العراق بغداد" وعنواننا هو "العراق اربيل". مضيفا: قمنا برفع دعوى قضائية ووجدنا مكان المعمل الذي كان في منطقة بوب الشام وهو ينتج أسوأ انواع (الشيبس) من المواد الأولية الرخيصة جدا، مشيرا الى النكهات التي تستخدم في تطعيم المواد المصنعة والتي تطرح في الاسواق وتسبب التسمم والاسهال للاطفال بعد تناولها. وبيّن صاحب معمل الشيبس : انهم يستخدمون مايسمى "بودرة الكاكاو" على اساس انها فول سوداني، منوها : ان هناك معامل تستخدم مادة الجريش الاصفر لصنع المادة المسماة "البوشار" مع صبغة صفراء ، وكل تلك المواد توثر على الصحة، مستطردا: انه بعد استحصال الموافقات الرسمية استطعنا إلقاء القبض على هؤلاء المزورين بالتعاون مع قيادة عمليات بغداد وأغلق المعمل.

الاقتصاد وغسل الأموال
الخبير الاقتصادي فلاح احمد تحدث لـ(المدى) عن مخاطر مثل هكذا معامل ومنتجات على الاقتصاد العراقي ، عادّاً ذلك نوعاً من غسل الأموال. مبدياً أسفه على من يقوم بضرب الاقتصاد العراقي بسبب هذه المنتوجات الرخيصة لإخفاء مصادر الأموال التي حصل عليها. مشدداً : فالمعمل يحتاج ،مهما كان صغيرا، الى رأس مال لشراء مكائن حديثة وأجور عمال ومواد اولية من اجل إتمام عملية الانتاج. مستدركا: لكن البعض من هؤلاء ما ان تدور عجلة المعمل حتى يبدأ الغش الغذائي من اجل تحقيق الارباح على حساب صحة المواطن.

الاحتيال الغذائي والأكسباير
استرسل الخبير الاقتصادي: للأسف هناك مواطنون يقومون باستهلاك هذه المواد رغم معرفة البعض منهم انها لاتحمل اسم وعنوان ومكان الانتاج او حتى تاريخ الانتاج والاستهلاك. مشيرا: الى ظاهرة اخرى هي انتشار الأطعمة المعبلّة الاكسباير بشكل واسع في الاسواق والتي  تشترى بسبب ثمنها المناسب والعروض المغرية التي تسوّق من خلالها وبالتالي يقع هؤلاء الناس ضحية لاحتيال غذائي. مضيفا: السوق العراقية مفتوحة أمام شتى انواع البضائع دون رقابة او حتى محاسبة بل بالعكس فهناك من يغلق اي ملف يفتح بهذا الشأن بل يساعد هؤلاء بالإفلات من قبضة العدالة. داعياً إلى التفكير بضميرهم قبل قيامهم باستيراد البضائع والمنتجات التي تهدد صحة المستهلكين. محذرا: من خطورة الاستيراد العشوائي للسلع الرديئة وغير الصالحة للاستهلاك البشري، كونها تسبب مشاكل اقتصادية للبلد كغسل الأموال وهدر للعملة الصعبة ناهيك عن مردودها السلبي على صحة المواطن والسلامة العامة.

تسممٌ ومغصٌ معويّ
بينما علق قيصر عبد الخالق –كاسب- : الأطفال يأخذون مصروفهم من ذويهم ويذهبون للشراء ولايمكن معرفة ان كان هذا الشيبس جيدا ام لا وحتى طعمه. مبينا: ان بعضه يكون بنكهات محبَّبة للأطفال. متابعا: ان الاسواق مليئة بكل انواع الشيبس الصالح وغير الصالح. مضيفا: قبل ايام عدة اشترى ابني كيس شيبس وبعد فتحه تبين وجود مواد متعفنة ومتفسخة , علل صاحب المحل السبب بسوء الخزن وأشعة الشمس.
وبيّن عبد الخالق: ان الكثير من الاطفال اصيبوا بإسهال ومغص معوي ، فبعضهم تسمم بحيث تطلّبت حالته اجراء غسل للمعدة. موضحا: ان العديد من محال بيع المواد الغذائية في الاحياء السكنية لاتخضع لشروط الخزن والبيع الصحية. داعيا الجهات ذات المسؤولية متابعة هذه الاسواق والمنتجات لسلامة الناس خاصة الاطفال الذين يلتهمون اي شيء يقع بين ايديهم.   

المحاسبة والعقاب
مدير عام دائرة التوعية والإعلام البيئي في وزارة الصحة والبيئة أمير علي الحسون بيّن وجود فرق تابعة لوزارة الصحة والبيئة تقوم بفحص المواد الغذائية في كل محافظة. مضيفا: ان لجانا بيئية وفنية تقوم بالفحص وتقديم التقارير عن المخالفين والذين لم يحصلوا على موافقات من الوزارة. مشددا: ان الاجراءات تقضي بغلق معاملهم وان يحال المخالف الى القضاء للمحاسبة والعقاب كي يكون عبرة لكل من يتلاعب بأرواح الناس من خلال المتاجرة بالمواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك البشري.

دراسة تحذر من الشيبس
يحذر العلماء ومنذ وقت طويل من خطر تناول رقائق البطاطا المقلية 'شيبس'، لما تشكله من تهديد لصحة القلب والأوعية الدموية، علاوة عن أن تناولها يؤدي إلى زيادة الوزن والحساسية. وحسب هذه الدراسات التي أُجريت في جامعة بريستول البريطانية فإن تناول الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 3 و4 أعوام الشيبس يؤثر سلباً على تطور قدراتهم العقلية في المستقبل.  فيما يؤكد العلماء المشرفون على هذه الدراسة أن تناول الشيبس يتسبب بخلل في عمل المخ، وينعكس ذلك بضعف في الذاكرة وبتراجع القدرة على التركيز، بالإضافة إلى تغير سلبي في سلوك هؤلاء الأطفال. ويعزو العلماء هذه النتائج إلى تأثير الدهون المشبعة التي تحتويها البطاطس المقلية على المخ. كما يدعو المهتمون أولياء الأمور إلى الحرص على عدم الخضوع لرغبات أطفالهم مهما كان إلحاحهم قوياً، وذلك كي تتسنى لهم السيطرة على الأمر بحيث لا يتحملون مسؤولية الضرر الذي يلحقه الشيبس بهم الآن ولاحقاً.

مجهولية المصدر والتكوين
فيما علّق وسام محمد ،صاحب اسواق في شارع السعدون، لـ(المدى) : الاسواق الكبيرة مثل جميلة والشورجة تمتلئ بانواع مختلفة من الاجباس المصنعة محليا او حتى المستوردة ومختلف البضائع الاخرى دون اية رقابة صحية او بيئية. مشيرا الى مجهولية اماكن تصنيع العديد من المواد الغذائية المطروحة في تلك الاسواق والتي غالبا ما تكون في اطراف العاصمة او مناطق نائية قريبة منه. منوها الى ان بعضها لايحمل مكان واسم المعمل بل فقط الماركة او الاسم التجاري دون بقية التفاصيل الواجب توفرها في علبة او كيس المنتج ان كان شيبس او اية مادة غذائية اخرى.

ضعف الرقابة الصحية والمتابعة
واشار محمد الى وجود انواع محلية الصنع ممتازة وتضاهي المنتج المستورد تحمل اسم ومكان المعمل والمواد المكونة وتاريخ الانتاج ورقم موافقة وزارة الصحة الخ من تفاصيل. موضحا: ان لكل زبون نوعا مفضلا من الشيبس يطلبه اولاده. مستدركا : لذا وكما ترين في باحة الاسواق هناك انواع عديدة بعضها محلي خاضع لشروط وزارة الصحة واخرى مستوردة مطابقة للشروط الصحية والفحص الكمركي.  مشددا: ان على الجهات الحكومية المسؤولة تفعيل الدور الرقابي على عملية الاستيراد عند المنافذ الحدودية وتوعية المواطن بضرورة قراءة تاريخ صلاحية المنتج الذي يرغب في شرائه وتفعيل قانون حماية المستهلك، كذلك متابعة المعامل المحلي من قبل فرق مختصة بهذا الشان.  وقد شهدت السوق العراقية بعد عام 2003 دخول الكثير من البضائع المجهولة المصدر والمغشوشة "الاكسباير" لاسيما الغذائية منها، في ظل ضعف الجهات الرقابية عند المنافذ الحدودية وعادة ما تزدحم عيادات الأطباء والمستشفيات بمرضى التسمم الغذائي بسبب تناول الأجبان أو المعلبات أو اللحوم المجمدة المنتهية الصلاحية والتي غالباً ما تباع بسعر أقل من تلك البضائع الصالحة للاستهلاك.

الرقابة تغلق معامل المخالفين
مدير عام دائرة الرقابة الصحية والسيطرة النوعية علي التميمي يوضح لـ(المدى): كل المواد التي تدخل المنافذ الحدودية تكون خاضعة للرقابة والفحص. مؤكدا: توجد هذه الفرق في كل المحافظات تقوم بواجبها في فحص المنتجات الغذائية المحلية والمستوردة من خلال اخذ عينات ومن تثبت مخالفته للشروط والمواصفات يغلق معمله.  مشيرا الى ان هذه الفرق تقوم بتدقيق في اجازة غرفة التجارة واجازة وزارة الصحة والبيئة.
وذكر التميمي انه تم غلق (250) معملا متجاوزا لمختلف المواد الغذائية بالتعاون مع مديرية الجريمة الاقتصادية. مشددا: ان ذلك الغلق استند الى قانون الصحة العامة  الذي ينص على غلق المعامل غير المطابقة لشروط مزاولة المهنة والانتاج. مضيفا: لذلك نطلب من كل المواطنين ملاحظة تاريخ الانتاج والانتهاء واي منتج محلي لايحمل الرقم الصحي لايقوم باستهلاكه وضرورة ابلاغ الفرق الصحية ، وان ابسط اجراء يمكن ان يساعدنا فيه هو عدم استهلاك هذا المنتج حفاظا على صحته.

بضائع دول الجوار
عضو اللجنة المالية النائب امين هادي عباس كشف عن دخول مواد غذائية منتهية الصلاحية تخلو من تواريخ الانتاج والانتهاء الى الاسواق المحلية، داعياً الى فحص البضائع المعروضة في الاسواق للحد من خطورتها على صحة المواطن. مؤكدا ان هناك نوعين من المواد الغذائية يتم استيرادها من دول الجوار الى العراق منها ما يخلو تماماً من تواريخ الانتاج وانتهاء صلاحية الاستخدام، والاخر يحتوي على تاريخ غير صحيح للانتاج والانتهاء. موضحا: انها منتشرة وبشكل واسع في كافة الاسواق المحلية وبكميات كبيرة جداً.

قانون حماية المستهلك
ودعا عباس الى ضرورة تشكيل لجان من قبل الوزارات المعنية كوزارة التجارة والتخطيط لفحص السلع المعروضة في الاسواق العراقية من المواد الغذائية وتقديم تقاريرهم الى القضاء العراقي كي يأخذ اجراءته اللازمة للحد من خطورة هذه الظاهرة. مشددا على اهمية الرقابة الفعلية على الحدود العراقية لمنع استيراد مواد منتهية الصلاحية. وذكر أن الجهات المعنية مقصرة بهذا الجانب لعدم اتخاذها الاجراءات اللازمة لمنع دخول هذه المواد والقبض على مستورديها، اضافة الى عدم تفعيل قانون حماية المستهلك الذي هو بدوره يفحص السلع الغذائية مباشرةً قبل دخولها الى الاراضي العراقية كما هو معمول به الان في اغلب الدول ، خاصة المجاورة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram