اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مَنْ ينتقص من سيادتنا الوطنية؟

مَنْ ينتقص من سيادتنا الوطنية؟

نشر في: 17 مايو, 2016: 06:22 م

على شفا انهيار مالي واقتصادي تقف دولتنا الآن .. هذه هي الحقيقة المُرّة والموجعة، وأي كلام آخر مناقض أو مخالف هو محض تضليل. ولتفادي الانهيار لم تجد الحكومة مناصاً من اللجوء إلى الهيئات المالية الدولية الكبرى للحصول منها على قروض مليارية تُلبّي احتياجات مُلحّة، منها رواتب الموظفين وتمويل الحرب ضد الإرهاب.
الجهود المضنية التي بذلتها الحكومة في هذا الاتجاه يُمكن أن تؤتي ثمارها عمّا قريب، فثمة موافقة مبدئية من صندوق النقد الدولي على إقراضنا 16 مليار دولار. بعد الصندوق ستكون لنا وقفة مماثلة على أبواب البنك الدولي، سيقول فيها وفدنا المفاوض لإدارة البنك ما قاله لإدارة الصندوق من قبل: "لله يا محسنين".
الصندوق والبنك ليسا جمعيتين خيريتين، ولا هما حكومتان لدولتين تتمتع دولتنا معهما بعلاقات طيبة للغاية كيما نتطلع إلى تخفيف الشروط الملازمة لمنح القروض. إنهما بنكان للإقراض المالي .. هذا هو شغلهما الذي يحققانِ منه أرباحاً طائلة تذهب الى الدول المساهمة فيهما.
مثلما تفرض البنوك العادية في مشارق الأرض ومغاربها شروطها على المقترضين منها، فإن الصندوق والبنك لديهما شروطهما التي يتعيّن على الحكومات المقترضة أن تقبل بها، وإلا .. "يفتح الله".   
من الشروط الأساس لهاتين المؤسستين أن يكون لهما إشراف على أوجه الإنفاق لقروضهما وعلى إدارة المشاريع التي ستُستَثمر فيها الأموال المُقترضة. هذه العملية تُعدُّ من زاوية نظر معينة "انتقاصاً من السيادة الوطنية"، كما يعلن بعض خبرائنا الاقتصاديين والماليين الآن تعليقاً على المفاوضات التي يُجريها وفد حكومي في العاصمة الأردنية عمّان مع وفد من صندوق النقد.
أظنّ أنها أُطروحة غير رصينة، فشروط الإقراض لدى صندوق النقد والبنك الدولي عامة شاملة، لا تتخصّص بدولة دون غيرها، لكنّها عادة ما تكون مُشدّدة مع الدول والحكومات منقوصة الثقة، ودولتنا وحكومتنا منقوصتا الثقة منّا نحن رعاياهما – وهذه حقيقة مُرّة وموجعة أخرى - فكيف لا تكونان كذلك دولياً؟  
أظن أيضاً أنّ لنا مصلحة حقيقية في أن يتشدد الصندوق والبنك في شروطهما معنا، فلقد ترسّخت وتصلّدت تقاليد الفساد الإداري والمالي في دولتنا، وإذا ما تساهلت الهيئات المالية الدولية معنا، فإن الجهاز البيروقراطي في دولتنا سيتعامل مع قروضها المليارية بوصفها مالاً سائباً، تماماً مثلما فعل مع مئات المليارات من العوائد النفطية التي تدفقت على الحكومتين السابقتين (برئاسة نوري المالكي)، وهو السرّ الكامن وراء أن تصبح دولتنا اليوم على شفا الانهيار، وأن تضطرّ لتقف في طابور الدول الفقيرة المُتربّص على أبواب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي طمعاً في "إحسانهما".
الفساد ينتقص من السيادة الوطنية أكثر من شروط صندوق النقد والبنك الدولي .. إنه مكّنَ داعش من احتلال ثلث مساحة البلاد والزجّ بنحو أربعة ملايين عراقي في محنة رهيبة لم تنقطع، وهو يتسبّب يومياً في مقتل العشرات وإصابة المئات وتدمير ممتلكات لا تُقدَّر
بثمن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram