منذ حادثة قنفة البرلمان واختفاء النائبة حنان الفتلاوي عن الأنظار ، اكتشفتُ أنّ ولعي بمتابعة أخبار السياسيين قد تغيّر . انخفضت قراءتي لتحركات عالية نصيف ، وقلّت متابعتي لتصريحات صالح المطلك ، واستبدلتُ بأخبار محمد الصيهود كتباً كنتُ أضعها على قائمة الانتظار، وألغيتُ تماماً الإصغاء إلى " رشّاشات " محمود الحسن .
ووسط يوميات القتل والمذابح التي يتعرّض لها الفقراء ممن لم يحظوا بمنطقة خضراء تحميهم ، أيقنتُ جيداً أنّ صراع جبهة الإصلاح الثورية مع سليم الجبوري يمكن أن يؤدي الى تفجير البلد ، وأن تطبيق الإصلاح الذي نادى به شباب التظاهرات يُهدّد لعراقيين بحريق كبير ، بلد ينزلق بإرادة وعناد السادة النواب نحو الخراب، ولا مكان لصوت العقل ولا لكلمة طيبة للذين تهدمت بيوتهم وضاع مستقبلهم ، لا شيء سوى الوعيد بثورة حتى النصر المؤزر ، الجعفري يخبرنا أننا نواجه إرهاب مئة دولة ، ونسيَ أو تناسى أننا نواجه معها أيضا صبيانية ونزق سياسيين ومسؤولين يريدون أن ندخل معهم عالم المجهول ، العبادي يطمئن الساسة ان هناك خير كثير سيتقاسمونه يالتساوي فلم العجلة ؟ قوى سياسية وأحزاب تقرر حرق البلاد لأنّ الشعب تجرّأ وخرج في تظاهرات تطالب بالإصلاح ، ولأنّ " نفراً ضالّاً " دخل المنطقة الخضراء وأفقدها عذريتها ، كلّ سياسي يبحث عن كذبة جديدة ، بلد بلا برلمان وبلا حكومة فاعلة وبلا قانون وفية خمسة ملايين نازح ، وأهلة يبحثون عن الأمان خارج مفخخات " العملية السياسية " التي يتحدث أصحابها ضد السلم الوطني وضدّ القانون ، ونراهم كل دقيقة ، ينتظرون إشارة الانطلاق نحو الخراب الأكبر .
ملايين الفقراء يدفعون ضرائب يومية عن فقرهم بينما لصوص اليوم يصنعون الثروات الضخمة ولايجرؤ أحد حتى على سؤالهم من أين لكم هذا؟ ، دائرة النزاهة عندنا إذا ضبطت موظفا صغيرا مرتشيا تسارع بتقديمه للمحاكمة، أما إذا كان المرتشي مسؤولا كبيرا فإن الأجهزة الرقابية تكتفي بأن تقدم تقريرا بانحرافه إلى مجلس النواب الذي يضع التقرير في أقرب درج للنسيان..
أينما ولّيتَ وجهك ستجد ظلما فاحشا، ستجد من يأخذ شيئا لايستحقه وآخرين محرومين من أبسط حقوقهم. أينما نظرت ستجد محسوبية ووساطة ورشاوى واستثناءات.
مشكلتنا اليوم ليست في هيبة البرلمان ولا في تحصين المنطقة الخضراء ، مشكلتنا تتلخص في كلمتين: غياب الضمير .
هل سيعرف العراق فترات استراحة آمنة، ربما ، لكن بعد ان نأخذ لقنفة البرلمان حقها ، وقد تميز الحق بانفجارات يراد منها قتل اخر امل لاستقرار العراق ، حيث يتحول الموت والقتل إلى تجارة لها اسماء وعناوين كثيرة ، وإلى اللقاء في برامج دموية مقبلة.
هيبة البرلمان = موت الأبرياء
[post-views]
نشر في: 17 مايو, 2016: 07:12 م