(غابو) هو الاسم الذي يطلق على الكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز وهو ايضا  عنوان الفلم الوثائقي الذي يتناول سيرة حياته  . وقد نشرت مجلة سيجنتشر مؤخرا مقابلة مع  جوستين ويبستر مخرج  الفيلم تحدث فيها عن علاقته بماركيز وشخ

(غابو) هو الاسم الذي يطلق على الكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز وهو ايضا  عنوان الفلم الوثائقي الذي يتناول سيرة حياته  . وقد نشرت مجلة سيجنتشر مؤخرا مقابلة مع  جوستين ويبستر مخرج  الفيلم تحدث فيها عن علاقته بماركيز وشخصية هذا الكاتب العظيم وجوانب حياته التي  جسدها هذا الفلم.

* كيف كانت علاقتك  الشخصية مع ماركيز واعماله قبل أن تقرر تقديم فيلم وثائقي عنه؟
- انا اعيش في برشلونة منذ عام 1991. وأول كتاب قرأته باللغة الإسبانية كان كتابا يضم   مقالات ماركيز التي كتبها في صحيفة  الاسبكتادور بين عامي  1980- 1984. وكنت من قبل قد قرأت أعماله الرئيسية. وكان لرواية  "مئة عام من العزلة" تأثير كبير عليّ ، وهذا ينطبق كما أعتقد على جميع العاملين معي في الفلم - كلنا من جيل الهمته كتابات ماركيز. وربما يكون لواقعة عيشه في برشلونة بعض التأثير على قراري  بالانتقال الى هنا،وعندها  خطرت لي فكرة (كنت حينها صحفيا مستقلا اكتب في الصحف البريطانية) ان اكتب حول ماركيز في صحيفة صنداي تايمز ففاتحت الصحيفة بالامر وحصلت على موافقتها ، فاجريت مقابلة معه. و كان ماركيز حينها منشغلا  بدعم الحملة الانتخابية لصديقه فيليب غونزاليس  للفوزبرئاسة وزراء اسبانيا، اقتربت منه وتحدثت معه لفترة وجيزة. كان مهذبا وكريما. وهذا الفيلم جعلني أدرك ما كان يشعر به من عذاب لاضطراره  أن يتعامل مع عدد كبير  من الصحفيين الذين كانوا يطلبون منه إجراء المقابلات.. الفيلم هو، من بين أمور أخرى، محاولة  للاعتذار منه عن اقتحامنا لخصوصياته الامر الذي كان يعاني منه بشكل واضح مرارا.
* ما هي برأيك الميزة الأكثر اهمية التي تجعل ماركيز يستحق مثل هذا الفيلم؟
- لقد تم بيع خمسين مليون نسخة من كتبه في جميع أنحاء العالم. وماركيز يرتبط بصلات مع العديد من الثقافات المتنوعة. وقد تجول الفيلم في جميع أنحاء العالم - إيران، والهند، ولاقى نجاحا كبيرا في بلغاريا، فضلا عن أماكن اخرى - وقبل الآن لم يكن هناك فيلم يقدم لجمهور عالمي، مجرد قطع صغيرة من  ريبورتاجات، بعضها جيد جدا، وخاصة لجماهير أميركا اللاتينية. ولكن السبب الحقيقي لصنع هذا الفيلم هو أن ماركيز ابتكر طريقة لفهم العالم الذي نعيش فيه، لذلك فإنه يستحق التقدير من اماكن عديدة في الارض. وهذا لوحده سبب كاف لصنع الفيلم .
* لا تعتبر حياة الكتاب في كثير من الأحيان من الموضوعات الأكثـر ديناميكية وجاذبية، وليس  من السهل جدا تصوير ما يقوم به على الشاشة، على عكس الشخصيات الرياضية أو الفنية مثل المطربين المشهورين . . فما هو  النهج الذي اتبعتموه لتضمنوا ان هذا الفيلم سوف يحظى  بمجموعة واسعة من المشاهدين؟
- هذا صحيح جدا ! فمهما كان الموضوع ثريا وجذابا، فإن من وجهة نظر صناعة الأفلام يكون موضوع حياة اديب راحل ليس بالجاذب والمغري للجمهور. كان هناك العديد من المشاكل في عملية  صنع فيلم عن ماركيز. وواحد من تلك الاسباب ، هو ضخامة مثل هذا الموضوع. فشخصيته كانت"متعددة الأوجه، ... ومهما تحدثت عنها فلا يمكنك ان تصفها تماما." وقد اخترت أن أطرح سؤالا واحدا: كيف استطاع ماركيز ان يفعل كل ذلك – ان يصبح واحدا من أعظم المبدعين في القرن العشرين ؟  وما آمله أن الفيلم استطاع  في نهاية المطاف. ان يجيب عن ذلك السؤال.
* هل هناك فيلم وثائقي عن احد الكتاب جعلك ترغب في اخراج مثل هذا الفيلم أم ان هناك فيلما وثائقيا تعتقد انه قد  تمت صناعته بنجاح؟ أو هل هناك أي فلم وثائقي كان بمثابة حافز لصناعة هذا الفيلم؟
- لا أستطيع التفكير في أية أفلام عن كتّاب معينين  كانت تمثل نموذجا بالنسبة لي. فهي كما يقال ليست موضوعات مثيرة. أنا معجب  بفلم "مناقشات 50 عاما"  الذي اخرجه مارتن سكورسيزي وديفيد تيديشي عام 2014، وهو مصنوع بشكل جميل. وما ساعدني في الامر أنه يتعامل مع الصحافة أيضا، و كان يتضمن فكرة معينة ايضا. انا اعجب بالأفلام التي تمتاز  بسرد وحوار قوي وحاولت ان اطبق هذا في فلم ماركيز.
* لقد سافرت إلى أماكن كثيرة عند تصويرهذا الفيلم. ما هو الشيء الأكثر إثارة للدهشة عن ماركيز الذي  سمعته أو اكتشفته خلال رحلتك هذه ؟ وممن ، وأين؟
- انها مدينة سوكري، التي شهدت قصة حب ماركيز مع مرسيدس[زوجة المستقبل] من حيث تركه للذهاب الى بوغوتا إلى المدرسة ، كذلك مدينة قرطاجنة عندما تحدثت مع خايمي الأخ الأصغر لماركيز الذي كان شاهد عيان على وقائع القتل الحقيقية التي ألهمت ماركيز في كتابة روايته "وقائع موت معلن"، وعند زيارة المكان كان كل جزء من الطريق  يقدم  الإجابة عن السؤال المركزي للفيلم:  هل ان  ما كتبه ماركيز من مواقف حياتية كان قد استمدها من أحداث حقيقية؟
* هل تعدى تأثير ماركيز حدود الأدب ؟ هل كان له تأثير ملموس على الحياة السياسية في بعض أجزاء أميركا اللاتينية والجنوبية، أو اجزاء اخرى من العالم؟
- واحد من المواضيع التي يكشفها الفيلم هو مدى عمق مشاركته في مساعدة الرئيس كلنتون في محاولة رفع الحصار الأمريكي لكوبا. وأعتقد أن تأثيره سيكون موضع تقدير على المدى الطويل. اكثر مما حصل عليه في حينه، وكان يوصف أيضا، بأنه كاتب يساري، لكنه استخدم شهرته بطريقة إيجابية،صحيح انه فشل لكنه ترك بصمته في هذه القضية.
* ما الذي كان الرئيس كلينتون يحبه في رواية  "مئة عام من العزلة؟"
- كما كان كلنتون يقول، الصورة الواسعة للحياة التي تكشف عنها الرواية  . وهناك أيضا العلاقة  بين  ولايات الجنوب في الولايات المتحدة والعالم الكاريبي الذي جاء منه ماركيز. كما ان كليهما كان يحب فولكنر.
* هل كنت تشعر بالقلق من احتمال ان تقدم صورة مقدسة عن ماركيز؟ هل كان من المهم أن تشير الى الانتقادات التي تعرض لها أو العيوب الشخصية والأخطاء التي ارتكبها  في حياته؟
- نعم، كنت اشعر بقلق بالغ، و للأسف فإن مجتمعات امريكا اللاتينية تميل إلى تقديس الفنانين والكتّاب الناجحين. عندما كان الفيلم على وشك العرض الأول في مهرجان قرطاجنة للافلام  ، قالت لي زوجة دبلوماسي بريطاني لي وانا اتأهب  لتقديمه : "هل  انت مخرج هذا الفيلم ؟ انك شجاع جدا." كان من المهم بالنسبة لي ان احاول ان انصف ماركيز، وهو ما يعني عدم معاملته وكأنه قديس. أعتقد أن هناك الكثير من الاحداث في الفيلم تبين لنا انه  كان انسانا عانى من الفشل. وكانت له اخطاؤه.
* ما هو العمل المفضل لديك من بين اعمال ماركيز ، ولماذا؟
- رواية "وقائع موت معلن" ، اذا كان يجب عليّ  اختيار رواية  واحدة . فهي مزيج مثالي من رغبته في الحصول على الحقيقة، مع  كل ما كان يحمله  من خبرة صحفية، دون أن يفقد شيئا من ادراكه الواعي العميق للوقائع.
* ماهو اكثر شيء سيتعلمه من فلمك ذلك القارئ الذي يعتقد في نفسه انه من عشاق ماركيز ؟
- سيعرف أن ماركيز كان في مرات عديدة على وشك ان يفشل تماما وأنه استمر في  تحدي نفسه محاولا أن يفعل الشيء الصحيح. وان جذور  الواقعية السحرية  تنتمي في واقع الأمر الى الواقع الذي نعيشه - وان هاجسه الحقيقي كان الواقع . ولم يتمرد سوى على محدودية الطرق التي تستخدم لإدراك ذلك الواقع.