اعتمد المخرج "فيت هيلمر"(Veit Helmer)على الصورة البصرية المتحركة بشكل كبير، واضعا الفكرة في دائرة تتصف بالثـرثرة البصرية المحببة الى النفس، والتشويقية بتخيلاتها المشحونة بالرسائل الفكاهية ذات المغزى الاجتماعي، لاستخراج مكنون طفولي م
اعتمد المخرج "فيت هيلمر"(Veit Helmer)على الصورة البصرية المتحركة بشكل كبير، واضعا الفكرة في دائرة تتصف بالثـرثرة البصرية المحببة الى النفس، والتشويقية بتخيلاتها المشحونة بالرسائل الفكاهية ذات المغزى الاجتماعي، لاستخراج مكنون طفولي من الكبار قبل الصغار، لشيطنات الاطفال، والمسنين التي تطابقت في تطلعاتها الهادفة الى الاكتشاف التخيلي واهميته للفرد بروح فكاهية ناشطة حسيا، وقادرة على انتزاع الحلم من الخيال اللوني الذي يرتسم مع الضحكة بفن سينمائي ذي لغة مدروسة حركيا ولونيا وبصريا وموسيقيا.
لتكتمل اركان الفيلم الذي انطلق من نقطة واحدة نحو عدة نقاط بدينامكية الصورة واهميتها في الفيلم المحاكي لعدة فئات عمرية من المجتمع اضافة الى الالوان وجاذبيتها والتتر الذكي والمضحك في آن ، لأن الفيلم يحاكي البصر والسمع تاركا للحوار فك بعض معالم الدهشة التي لا تفارق المشاهد مع ما يسمى ثرثرة أطفال" “Quatsch und die Nasenbärenbande. الا انها تعني في العمق ما يجب أن يعرفه الكبار عن الصغار. فهل نجح" فيت هيلمر " في اخراج فيلم بصري بامتياز؟
تصوير مفعم بالحيوية والتوازن الناتج عن الحفاظ على امتداد المساحة البصرية الاخاذة، وهدوئها المتناغم، والمنسجم مع جمال الطبيعة والموسيقى والالوان في الداخل والخارج، حتى عبر الرسومات في شارة البداية والنهاية التي تجسد رسومات الاطفال بابعادها العفوية، المدروسة تحليلياً ضمن الحركة والسكون وايصال الرسالة في فيلم مبهر على المستوى التقني والنفسي معا، فهو لا يمكن تصنيفه للصغار فقط بل للكبار والمسنين .اذ يهدف الى ردم الهوة بين الاجيال الثلاثة الاب والابن والجد والاتصال الشديد بين مرحلة الطفولة ومرحلة الشيخوخة، وما يحققه من اتصال اسري يجب العودة اليه. ليكون بمثابة الحفاظ على التواصل الاسري اضافة الى الاحلام، وكيفية تحقيقها ضمن تخيلات منحها الفيلم للاطفال عبر ترجمة مشاعرهم واحاسيسهم، ليخرج المشاهد من الفيلم دون اكتفاء بالمدة الطويلة للفيلم الذي لم يصبه بالضجر او التأفف من شيطنات اطفال بثت الضحكة والبسمة على وجوه الحضور.
الاستدلال بالمواد الاستهلاكية منافعها واضرارها وتسويقها المبني على مصداقية الاعلان عن المنتج المستهلك، وتشويه الحقيقة للمادة المستهلكة دون التأكد من نفعها او ضررها، وحتى عدم مراعاة اذواق الاطفال في المنتجات الاستهلاكية اليومية. اضافة الى مدى انسجام اطفال الحي والقدرة على خلق صداقة بناءة، فالحاجة الى الاخر انسانيا مهمة جدا في الحياة . اذ يبدو الحيوان الصغير في نهاية الفيلم بحاجة ايضا لمن اخرجوه من القفص ، فهل يحتاج كل منا الى مساحات واسعة من التخيلات، لتكون بمثابة الاحلام الجميلة التي ترتسم بالمخيلة وتزول في لحظات نفسية نلجأ اليها ؟
امتزجت الخلفيات الشخصية للمسنين مع الاطفال، وتناقضت مع الاهل او الجيل في المرحلة النصفية الذي يفصل بين الطفل والجد، والوعي المطلق بتأصيل البيئة الاجتماعية، وما هي قادرة عليه ، فثيمات المشاكسة والمقالب، والعيش في مرحلة تنفيذ الحلم هي لون من الالوان التي منحها المخرج والمؤلف الانفلات من الواقع نحو الحلم، للامساك بالحقيقة وهواجسها الشبيهة بنظام الالوان او بالاحرى ثرثرة الوان برمزية تركها في شارات البداية، لتوحي بالمضمون منذ البداية، وسمات التتابع التصويري وسيكولوجيته في التأثر والتأثر بضخ درامي زاخر بالكوميديا، والعديد من المواقف التي تم تناولها من زوايا مختلفة، دون اهمال لاي جانب من الجوانب التي تضافرت بها الارشادات المستبطنة كوميديا، وعلى مدار الفيلم بعقلانية ودراسة نفسية ارتبطت باللغة السينمائية التي قدمها المخرج " فيت هيلمر" بصريا، ومن خلال الصورة وقدرتها على خلق لغة صامته استثنائياً، فهل سيتم تحويله الى سلسلة من افلام كرتونية تضفي نوعا من رسومات الاطفال الكرتونية المفيدة بكل نواحيها الفنية والنفسية؟
فيلم ناشط وحيوي تم تقديمه باسلوب حدسي يستنبش بحركيته الطاقة الداخلية، ويمنحها قوة التفاعل مع الصورة الذهنية واهدافها الفنية، والترفيهية بخصائصها الشكلية، فثمة صلة قوية بين عناصر الفيلم كلها من الموسيقى والاغاني الى الرسومات والالوان والتمثيل، والتطابق بين الاعمار المختلفة الخ..فالخواص الفيزيائية تنطوي على تآلف الصوت والصورة مع الكيانات الرمزية التي تجذبنا الى داخل الفيلم بقوة، لنعيش الشخصية باكملها تخيليا، وكأن المشاهد هو جزء من التركيبة التخيلية في الفيلم ، لنكون ذا صلة بالواقع الطفولي الذي سيكبر ويشيخ، ويعيد حكاية الحياة في كل مرة بشكل ثرثرة الوان مفرحة ومضحكة ومثيرة للشغف البصري باكمله في فيلم انتصر فيه الحلم الذي يبعث الحياة في قرية نموذجية تأثر بها المشاهد فسيولوجيا وسيكولوجيا للعودة الى يوميات الحياة بقناعة ان الحياة ملونة وجمالها بكافة الوانها دون استثناء . فهل نجح المخرج في تقديم مادة سينمائية دسمة فنيا؟