TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كهر.....وباء

كهر.....وباء

نشر في: 20 مايو, 2016: 09:01 م

مع ارتفاع درجات الحرارة، واحتمال وصولها الى خمسين درجة على مقياس سوء الأداء الحكومي ، تحول انعدام توفير الطاقة الكهربائية في القاموس العراقي الى وباء خطير فاصطف مع الأرملة السوداء في إثارة قلق ومخاوف الباحثين عن الرحمة في نظام القطع المبرمج، الحكومات المتعاقبة انفقت مليارات الدولارات لإنشاء محطات توليد جديدة ، استعانت بالجارة العزيزة ايران في تغذية خطوط المحافظات الجنوبية ، ابرمت عقودا مع شركات عالمية لمعالجة مشكلة نقص الطاقة ، كل هذه الخطوات وغيرها باءت بالفشل ، مع حلول فصل الصيف تتجدد المشكلة لتفرض حضورها في الحياة العراقية مع ازمات سياسية مستعصية ، تنذر بعواقب وخيمة .

في تموز الماضي – وشهر تموز معروف في التاريخ العراقي الحديث بأنه شهر الثورات والانقلابات العسكرية - اندلعت في بغداد والمحافظات تظاهرات احتجاجية تطالب بتوفير الخدمات الاساسية في مقدمتها الطاقة الكهربائية ، الجهات الرسمية انشغلت بتنظيرات فنية تشرح قدرات محطات التوليد ، وتدمير خطوط النقل في المناطق الساخنة أمنياً، مع دعوات لاعتماد الترشيد. جميع وزراء الكهرباء بدءاً من أيهم السامرائي حتى قاسم الفهداوي مع المسؤول الاول عن ملف الطاقة في العراق حسين الشهرستاني صاحب نظرية تصدير الكهرباء العراقية الى الخارج ، تجاهلوا الحديث عن حجم المبالغ المخصصة من موازنة الدولة لقطاع الكهرباء ، يقال ان الاموال تبددت بإبرام عقود وهمية لصالح اشخاص وجهات ، عجزت الأجهزة الرقابية عن استردادها ، فيما اعلنت الحكومة في اكثر من مناسبة انها ستبذل كل الجهود المتاحة في ظل الأزمة المالية لتوفير الطاقة بمساعدة الدول المانحة ، من دون تحديد سقف زمني لتحقيق هذا الانجاز التاريخي ، وإلغاء نظام القطع المبرمج بوصفه من مخلفات النظام السابق .

الإشادة بالمنجزات التاريخية ، قبل عشرات السنين أخذت الحيز الاكبر من اهتمام وسائل الإعلام. التلفزيون الرسمي وقتذاك كان يعيد بث أغنية "شهرين باسبوع انتهت بيها العقول احتارت" في اشارة الى انشاء مشروع الدواية في محافظة ذي قار، عجزت شركات عالمية عن تنفيذ مشروع مماثل له، فاحتارت العقول الجبارة امام انشاء " قنطرة " مخصصة لعبور الاشخاص وحيواناتهم ، وسيارة مدير الناحية والمسؤول الحزبي .

وزارة الكهرباء ، الجهة المسؤولة عن توفير الطاقة، استعادت اسلوب التغني بالإنجازات فقللت من اهمية اندلاع التظاهرات الاحتجاجية المطالبة بتوفير الطاقة ، مشددة في الوقت نفسه على انها استطاعت ان تقلل من ساعات القطع المبرمج ، احبطت مخططات اصحاب المولدات الاهلية في استنزاف الموارد المالية للخاضعين لسلطة "ابوالمولدة" ، لكنها حملت وزارة النفط مسؤولية تأخير تزويد محطاتها بالوقود لتعمل بكامل طاقاتها ، الاتهامات المتبادلة بين المسؤولين في الوزارتين تخضع هي الاخرى لتأثيرات ارتفاع درجات الحرارة ، فتتحول الكهرباء الى وباء مرعب لا يتوفر له لقاح في الوقت الحاضر ، الا بتنظيم المزيد من التظاهرات الاحتجاجية او بتناول الحبة السوداء فهي دواء لكل داء ووباء .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram