أزِفَ موعدُ اختتام منافسات دوري الكرة لموسم 2015-2016 بعد رحلة قصيرة قضتها الأندية العشرين المتبارية منذ 14 أيلول 2015 حتى 5 آذار 2016 في الممتاز، ومن ثمَّ تحوّل الصراع بين الأندية الثمانية لخطف لقب النخبة منذ 2 نيسان حتى 22 أيار 2016 حيث شهدت تلك الاندية الكثير من محطات التحدي لمواجهة الظروف الخارجة عن إرادة لاعبيها تارة والقنوط من رتابة تنظيم اتحاد الكرة للمسابقة تارة أخرى.
لا عُذر لاتحاد الكرة في خياراته الفوضوية لشكل المسابقة كل مرة ، لاسيما أن مجلس الإدارة الحالي يضمُّ عدداً غيرَ قليل من الأعضاء ممن سبق أن عملوا في عهدي الاتحادين السابقين ولديهم اطلاع كامل على ظروف الأندية ومعاناة المدربين وارتباطات لاعبي المنتخبات (الوطني والأولمبي والشباب)، وتزامُن العُطل الرسمية والدينية، ومع ذلك لو راقبنا آليات إقامة المسابقة في كل موسم منذ عام 2003 حتى اليوم لتبين لنا أن كل ما يُثار من سلبيات قوّضت استقرار الأندية تتحملها إدارات الاتحاد الثلاث.
ومع أن هناك جهوداً فردية أسهمت في تذليل المعوقات المفاجئة أثناء توالي أدوار الدوري، إلا أن المسابقة ظلّت تدور في حلقة التخبّط الإداري واجتهادات بعض أعضاء الاتحاد ومحاباة بعضهم لأندية بعينها في تمشية متطلباتها ، وفي المقابل مواجهة أندية أخرى بصرامة من دون تقدير أحوالها الصعبة مـا ولّد صورة تشاؤمية عن غياب العدل والمزاجية في تطبيق اللوائح مثلما شكا أكثر من مدرب أو لاعب أو إداري بصدد ذلك.
وبعيداً عن حظوظ الأندية المتفاوتة كل حسب العناصر التي تمَّ استقطابها، وتعرّض مدربين عديدين الى الإقالة أو التسوية المالية مقابل تجديد الثقة بزملاء آخرين، فإن تغطية الإعلام الرياضي لدوري الموسم ثمّنت بتقديرٍ عالٍ الدور الفني - الانضباطي الذي لعبه المدربون باسم قاسم مع الزوراء و(حمزة الجمل وثائِر أحمد) مناصفة مع نفط الوسط وحسن احمد مع النفط وأحمد خلف مع أمانة بغداد، هؤلاء المتميزون أعطوا للكرة العراقية قيمة كبيرة بين الدوريات العربية والقارية وأعادوا السمعة الجيدة لقوة دورينا من خلال الارتقاء بالفكر التدريبي وقراءة المنافس والمناورة بأوراق دفاعية وهجومية صائبة وأخصُّ بالذكر المدربين حسن أحمد وأحمد خلف اللذين قدّما درساً مهماً لدعاة تكديس النجوم الدوليين طمعاً باللقب ويُصدموا بخروجٍ خالي الوفاض ، بعدما قادا (أحمد وخلف) لاعبين شباباً سيكون لهم شأن كبير في استحقاقات المنتخبات لاحقاً بفضل غِنى فكرهما ومواظبتهما على التدريب ومتانة علاقتهما الوطيدة الملتزمة مع ( الإدارة واللاعبين ).
ويبقى الزوراء زعيم الموسم بجدارة ليس لأنه بات الأقرب للقبض على اللقب وفق حسابات الأهداف والنقاط والمستوى الثابت، بل لحُسن إدارة أزمته المالية طوال مدة التنافس بفضل حنكة المدرب باسم قاسم وقدرته على إبعاد تأثير خواء ميزانية إدارة النادي والضغط الأسري على اللاعبين فضلاً عن مواصلته كسب جولاته 15 مرة والتعادل 8 مرات من دون أية هزيمة خلال 23 مباراة قبل لقاء اليوم وهو رقم قياسي يستحق أن يتفاخر به كل المعنيين بشؤون اللعبة وليس المنتمون لنادي الزوراء فحسب.
ولا شيء عكّر صفو الأندية هذا الموسم سوى صفارة الحكام الضعفاء الذين أهملت لجنة الحكام تقييم مسيرتهم ومعاقبتهم، وظلّت الشكوك تُطارد حتى اصحاب الصفارة النزيهة حيث تلقوا إساءات متعمدة من بعض روابط جماهير الاندية، واحتقنت بعض المواقف لتصل الى هزِّ رِباطة جأش قائد المنتخب الوطني ونادي الطلبة يونس محمود ليسقط في كمين انفعاله ويردد عباراة جارحة في وجه الحكم الدولي علي صباح دفع ثمنها " السفاح " على طريقة (نطحة زيدان) وهو يخرج من الملعب مطروداً في عرس ختام مشواره الكروي!
وقبل أن يَسدِل الدوري ستاره اليوم، على اتحاد الكرة التفكير ملياً في كيفية الإعداد المبكّر لنموذج مصغر من دوري المحترفين تلك المسابقة التي تأخّرنا في إطلاقها لأسباب إدارية ومالية وتسويقية ومعايير لم تزل غائبة عن أنديتنا، ليشهد الموسم المقبل تجربة ثرية للاتحاد يتم إغناؤها بالمقترحات في مؤتمر موسع يأخذ بنظر الحسبان منهاج مدرب المنتخب الوطني راضي شنيشل للمحافظة على فرص التأهل الى مونديال روسيا من دون مُنغّصات !
حِنكة الزعيم ونطحة السفاح
[post-views]
نشر في: 21 مايو, 2016: 03:51 م