TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الغنّوشي يتخلّى عن الإسلام السياسيّ ويفكُّ أسر الدين وتوظيفه للسياسيّين ..!

الغنّوشي يتخلّى عن الإسلام السياسيّ ويفكُّ أسر الدين وتوظيفه للسياسيّين ..!

نشر في: 21 مايو, 2016: 06:46 م

في خطوة عقلانية تنمُّ عن الحكمة والتجربة والمصلحة الوطنية، أعلن راشد الغنوشي مؤسس ورئيس "حركة النهضة الإسلامية" في تونس عن "خروجها من الإسلام السياسي" عشيّة افتتاح الحركة مؤتمرها العاشر. والمتوقع بعد هذا الإعلان ومؤشرات أخرى أنّ المؤتمر سيقرّر "فصل الدعَوي عن الإسلامي" والتحوّل إلى حزب مدني. وأكد الغنوشي في تصريحٍ لجريدة لوموند "نريد أن يكون النشاط الديني مستقلاً تماماً عن النشاط السياسي"، وهذا أمر جيد ، كما صرح للسياسيين "لأنهم لن يكونوا مستقبلاً متّهمين بتوظيف الدين لغاياتٍ سياسية"،  وهو جيد أيضاً "للدين حتى لا يكون رهين السياسة وموظفاً من قبل السياسيين".
ويأتي هذا الإعلان بعد تأييد ٧٣٪ من التونسيين لـ "فصل الدين عن السياسة" في استفتاء أُجريَ مؤخراً.
وبنجاح تجربة حركة النهضة بخروجها من معطف الإسلام السياسي، يتأكد أنّ "الربيع العربي" لم يخلّف خرائبَ ودماراً وآفة داعش وأخواتها فقط ، بل إنّ تونس تسللت من بينها لتبني نموذجها الخاص وتستنهض شعبها للعيش في ظلّ دولة مدنية ونظامٍ ديمقراطيٍ دون حَجرٍ على جهةٍ سياسية أو إقصاءٍ لمختلف.
ولعلّ "الغنّوشيّة" تُصبح مثلاً يُحتذى عندنا بعد أن فاض الكيل وصار النظام السياسي الطائفي وبالاً على العراقيين، بل تهديدٌ لم يعُد كامناً لأصحابه وحاملي فرماناته والمتلفّعين بعباءته المُتهرّئة لكثرة ما التصق بها من أدران الفساد والنهب والتعديات المخالفة لقيم الدين والمذهب والأعراف والقيم الاجتماعية والإنسانية. وربما كان الفصل بين الدين والسياسة أولى بأن يتحقق عندنا، فما عاناه العراقيون على أيدي المتأسلمين - في "الصُّوبين" - لم يلقَ منه الأشقّاء التوانسة مثقال ذرّة.
وقد يُقال إنها نعمة الحضارة الفرنسية التي قضى فيها مؤسس النهضة وزملاء له سنواتٍ طوالاً من عمرهم السياسي في كنفها. ولكنَّ الكثير من متأسلمينا قضوا أيضاً زهرة عمرهم وتكوينهم متنقلين في عواصم الحضارة في أُوروبا وصارت لبعضهم فيها أطيانٌ في شارع الملكة البريطانية وخلّفوا فيها بناتٍ وبنينَ وأحفاداً!
ما جرى أول من أمس في بغداد من تحوّل التظاهر السلمي إلى اقتحامٍ غير نافعٍ للخضراء ورشق المُقتحمين بالرصاص المائي والغاز المسيل للدموع وسقوط ضحايا ، تذكيرٌ خطير بأنّ عباءة الحكم ضاقت حتى على الطائفة السائدة، فكيف لها أن تمضي على وفاقٍ مع مكّوناتٍ تظلُّ تشعر بأنّها في الضفة الأخرى من الصراع المذهبيِّ الإسلاميّ ..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram