يؤكد الدكتور الناقد علي حسين يوسف ان ما بعد الحداثة آمنت بأن ما مستبعد او مخفي او مستور او مرذول او تافه في الفكر البشري بصورة عامة قد يكون ذا قيمة اكتشافيه اكثر ما تحمله المعاني الظاهرة والعلنية.يوسف كان يتحدث في الامسية التي اقامها الملتقى الفلسفي
يؤكد الدكتور الناقد علي حسين يوسف ان ما بعد الحداثة آمنت بأن ما مستبعد او مخفي او مستور او مرذول او تافه في الفكر البشري بصورة عامة قد يكون ذا قيمة اكتشافيه اكثر ما تحمله المعاني الظاهرة والعلنية.
يوسف كان يتحدث في الامسية التي اقامها الملتقى الفلسفي حملت عنوان (تمثلات ما بعد الحداثة النقدية ) وقدمها الدكتور أحمد حسون وقال فيها ان الحقيقة هي ابنة لحظتها وليست هناك حقيقة مطلقة لأنها تتغير دائما مثل تغير الحداثة الى ما بعد الحداثة التي يحاول الدكتور يوسف ان يقدمها. وأضاف ان هناك مركزا ثابتا ركز علي الحداثة وهو مفهوم ثابت من العصر الأسطوري يفسر الاشياء الى العقول الدينية ولذا فإن ما بعد الحداثة كسرت هذه الأشياء وصارت هناك منظومة فكرية ثقافية ومرجعيات ثقافية وحتى اجتماعية ودينية.
الدكتور علي حسين يوسف قال في محاضرته ان ما بعد الحداثة انبثقت من الحداثة الاوروبية وخاصة الحداثة الجمالية التي ازدهرت بين 1910 و 1920 على يد وولف وجويس واليوت وبروست وملارمة وكافكا وريلكه..واضاف ان من ابرز خصائص هذه الحداثة الجمالية : التأكيد على الانطباعية بنقل انطباعات الفنان الخاصة وتسجيلها لا النقل الموضوعي للأشياء , والتأكيد على النزعة الذاتية بالابتعاد عن الموضوعية والتركيز على الاشكال المتشظاة والمشاهد المتقطعة والاعتباطية, وضبابية التمييز بين الاشكال الفنية والادبية باختلاطها بعضها ببعض , والاتجاه نحو الانعكاسية ورفض التقاليد الجمالية السائدة, والميل نحو الابتكار والتجديد والتلقائية, ورفض التفرقة بين ثقافة شعبية عامة واخرى خاصة.. موضحا ان افكار ما بعد الحداثة جاءت بالضد من افكار الحداثة, فالأشياء ترتبط بعلاقات بنيوية لا تقوم بدونها ولا يمكن انفصالها بعضها عن بعض رغم اختلافها , فقد اكد دريدا بان الشيء لا يمكن معرفته الا باختلافه عن غيره اي باستحضاره لغيره والعقل يمثل عمليه خلق مفاهيم أي انه صناعة مستمرة ومتغيرة وليس جوهرا مقدسا ثابتا خلق في هيئة نهائية بل هو صيرورة . وليس هذا وحده بل ان الامر تجاوز الى تصور العقل بانه ليس كائنا مستقلا موجودا بل ان وجوده يعتمد على وجود ما ليس بعقل اي اللامعقول.. مبينا ان العقل واللاعقل والمعقول واللامعقول لا يمكن تصور احدها بمعزل عن الاخر , بل ان وجود احدهما يتوقف على وجود الاخر لكن هذا لا يعني الدعوة الى الفوضى بل الى ما يمكن تسميته بعقلية اللامعقول وادخاله في ساحة المفهومية .مخلصا الى القول ان الإنسان يجب ان يتخلص من سيطرة الافكار المسبقة والجاهزة والقارة ويجب ان ينعتق من عبودية الاساطير وأسطره المفاهيم وعبادتها.
الأمسية شهدت العديد من المداخلات بدأها الدكتور علي طارق وقال ان الحداثة انتظار تعلم شيء جديد من آخر قديم والمتعصب له راي دائما هو راي غير حداثوي موضحا ان الحداثة هي البديهية وما بعدها هي وجود برادايم حداثة ويؤمن بالوجود المتغير في الأفكار وان ما بعد الحداثة لا تؤمن بالروحانيات وتؤمن بالمنهج العلمي وهي ليست لحظة عدمية بل ما بعد الآتي والحقيقة تتأتي من تفكير آخر وكذلك هي تفكيك ما هو ثابت ومطلق ومتحرك.
الدكتور سليم جوهر قال ان الباحث يرى ان النقد ذو وظيفة مزدوجة مرة كونه أداة فكرية فاحصة ومرة أخرى كونه طريقة في التفكير . ويضيف : ومرة يعامل النقد كونه منهجا فلسفيا يفحص به الافكار من التفكيك او خلخلة البنى الفكرية والابستمولوجية واظهار ادوات التحكم في البنى العميقة للنص واظهارها للسطح وتسليط الضوء عليها ومرة أخر يحاكي النقد كونه نسقا فكريا تسهم في تكوينه معطيات محلية ويُفيد من ثقافة الآخر.. واشار الى انه يرى كذلك ضرورة ان يتمثل النقد الثقافات المحلية الحاضنة في توظيف العمق الحضاري على أن لا يقف حاجزا امام استثمار الآخر بما يناسب تلك الثقافة . عن ذلك يكتسب النقد هويته التي أطلق عليها (الهوية الثالثة)مستدعيا في تكوينها الجدل الهيجلي. أما الدكتور عدنان المسعودي فقد قال ان تاريخ الفلسفة قدم لنا تجربة ثلاث مراحل وهي الطفولة والنضج والشيخوخة.. وتساءل هل ان ما بعد الحداثة تمثل الشيخوخة.. فيما قال الدكتور كامل ان الحداثة جاءت ما بعد عصر التنوير وهي نبعة انسانية وموجودة ففي جميع الافكار وهناك نضج يصاحبها وتساءل: هل نعد ما بعد الحداثة نوعية ام مرحلة تاريخية ام انها تتميز بالصورة وهب الصورة تصنع الحدث ام العكس.. في حين تساءل الدكتور وليد خالد عن مصطلح ما بعد الحداثة وهل هو مصطلح ثابت وتنويري او هو ارتجال؟
الشاعر هاشم الحلو قال : ان الفلاسفة والمفكرين في الغرب دائما في حركة التفكير والدراسة للمجتمعات ورصد وملاحظة التغيرات والتحوﻻت التي تحدث فيها على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية فكانت المراحل ما قبل الحداثة والحداثة ومابعد الحداثة والحرب العالمية الثانية ﻻ نقول انها الخط الفاصل وانما جعل الشعوب تعيد التفكير فيما كانت تؤمن به وﻻ تجعله مثاﻻ يحتذى به .
الأديب علي لفته سعيد قال في مداخلته ان الحداثة لا تأتي الا بوجود شيء قبلها وإذا اعتبرنا عصر اكتشاف العجلة ما قبل الحداثة فان التطورات التي حدثت بعدها هي ما بعد الحداثة حتى التطور وتساءل: إذا اعتبرنا عصر الآلهة هو عصر ما قبل الحداثة فهل عصر الديانات هو عصر الحداثة وما بعدها وماذا ايضا نعد الدين الاسلامي ؟ هل هو عصر ما بعد الحداثة لانه جاء بعد حداثة الاديان اليهودية والمسيحية.. فيما اكد الباحث حسن عبيد عيسى اننا في عصر المابعديات وما افهمه من الحداثة انها ألغت كل ما هو ميتافيزيقي وألغت الاساطير والحكي الشعبي وغيرها..
اما الدكتور لواء عبد الحسين فقال انه يبتعد عن الفوضى المصطلحية ويعتمد على المعايير الدولية في المصطلح.. وتساءل هل الباحث يريد ان ينقل تصورات الآخر ام يريد ان يقم تصورا جديدا لهذا المصطلح..
الناقد حيدر جمعة العابدي قال في مداخلته ان أبرز إنجازات ما بعد الحداثة تتمثل في تفتيتها للمركزيات والمرجعيات التي تقوم على اساسها الثقافات السائدة والمهيمنة لذا ساهم كشف زيف هذه المرجعيات في تقويض ومن ثم انهيار لهذه المرجعيات،موضحا انه إذا سعت ما بعد الحداثة بعدتها النقدية والمفاهيمية إعادة الاهتمام بالهامش والبسيط والمختلف كون هذا الهامش يحمل نفس قيمة المراكز المعرفية لكنه تعرض للاقصاء والتهميش فإن ما بعد الحداثة في تقويضها للمركز والمرجع إعادة إنتاج هذا المركز من خلال اعتماد النص كمرجع أساسي ومركز تبدأ منه، فكل شيء هو نص يحتمل القراءة والتأويل وبالتالي النص هو القاعدة أو المركز لما بعد الحداثة.