تنشغل الرئاسات الثلاث منذ اقتحام البرلمان و"تلويث قنفة " رئيس مجلس النواب بالتحرّك على الكتل البرلمانية ورئاساتها لدعوة البرلمانيين إلى حضور اجتماع المجلس المنتظر. وإذا اعتبرنا أنّ رئيس الجمهورية لا ينال بياناته ومناشداته ونشاطاته البروتوكولية نصيبٌ من العرقلة، فإن رئيس البرلمان هو جزء من المشكلة، يظلّ مُعلّقاً بين قرار"الحلّ" وتأكيد الشرعية من المحكمة الاتحادية يوم غدٍ، الأربعاء، لكنّ العبادي يعاني، بالاضافة إلى معاناة الرئيسين الآخرين، من حيرة ومن مأزقٍ دستوري هو من خلقهما لنفسه الأمّارة بـ"الإصلاح الملتوي" ولحكومته منتهية الولاية، ولكابينته الوزارية المستقلة التكنوقراطية التي طال مخاضها. ولو توقف الأمر عند هذه الحدود من معاناة الرئاسات الثلاث لما اكتسب الوضع الناشئ عنها أهمية تُذكر، فالأمر سيّان عند العراقيين بعد ما حصدوه من الخيبات مع ولاية العبادي. لم يذقِ العراقيون طعم "معجون المحبّة" ولا ثمار حِزَم الإصلاح أو ميثاق الشرف، فقد تبدّدت كلها في غمرة غضب الشارع وفقدان توازن السلطة، بإظهارها الحِزَم في غير مكانها ولا أوانها ، بدلاً من "سحب بساط الغضب" من تحت أقدام المتظاهرين عبرالاستجابة لمطالبهم الملحّة، بإيقاف مسلسل التفجيرات الانتحارية ونزيف الدم الطاهر البريء، وإعلان حِزَمٍ عاجلة لتأمين صيفٍ رحيمٍ وسلّة غذاءٍ مأمون وماءٍ صالحٍ للشرب..
ويتوهّم مَن يعتقد أنّ المتظاهرين الذين اقتحموا خطأً للمرة الثانية "ستار الفضائح" الرخوة المُسمّاة بـ "الخضراء المغبرّة" يُولونَ كبير اهتمامٍ بكابينة العبادي التكنوقراطية المُهلهَلة، إذ يرفعون شعارها في تظاهراتهم لاعتقادٍ منهم إنها سبيلٌ لنيل رضا العبادي وشركائه الطامحين لتشكيل حكومته على وفق معايير خبراء اصطفاهم لما يُفترض أنه تحقيق لمطالب المتظاهرين.
المأزق الحقيقي يتمثل في أنّ العبادي والطبقة السياسية لا يريدان أن يعرفا ما يطالب به الشعب، أو أنهما يعرفانِ ويُحرّفان ما صار مطلباً يومياً للناس، يرافقهم كظلّهم طوال كدحهم اليومي المَهدَّد بالبطالة والعجز عن تأمين خبز أسرهم، والخوف من عدم عودتهم بها آمنين قبل أن يغتالهم موت "السونارات الغبيّة" ومصائد الإرهاب المُنفلت.
المأزق الحقيقي يتمثل في أنّ العبادي لا يعرف أننا نعرف أنَّ إمرار المطالب المشروعة السالفة، لا يحتاج إلى انعقاد البرلمان، وليس من قوّةٍ قادرةٍ على معارضتها إذا ما ضمَّنها حزمةً عاجلةً يُداري بها نشيج المتظاهرين وغضبهم. وعليه أنْ يعرف أن التظاهرات لن تتوقّف قبل أن تنتزع منه ما تُريد ..
فهلْ سيعرِفُ، ويتوكّل؟!
مأزق البرلمان أم حَرَج العبادي وحيرته ؟
[post-views]
نشر في: 23 مايو, 2016: 06:25 م