إحتار الورثة في رصد وتقدير ثروة الراحل ، الذي مات حتف آنفه ، وحيدا فريدا ، رغم كثرة أتباعه ومريديه ،
جرجره ملك الموت من ترقوته ، جراً ، لم يشفع له شيء مما ملك او إستحوذ او إدخر . داخل العراق وخارجه .
لم يسعفه الأجل ليكتب وصيته بصيغة ترضيه ، بعد ان غيرها وعدل في بنودها أكثر من مرة .
لم ينم يوما جائعا قط . شبع حد التخمة ، كذب ودلس حد النقمة . لم تخل أحلام نومته من كوابيس مريعة ومرعبة . إنتحل قصصا ، فبرك مزاعم وأقاصيص . سهر منتشيا ، ارق متربصا ، لا يواتيه او يزوره سلطان النوم إلا وجرعة خمر إضافية بين كفيه ، او قرص منوم طي لسانه .
كثيرا ما سهر حتي مطلع الفجر متدبرا وسيلة ما لزيادة رصيده المصرفي ، او رصيده الشعبي . او دفع تهمة ، او إتقاء مكيدة .
خزانة ملابسه ملأى بآغلى الثياب والأربطة، من اشهر (الماركات العالمية )وبيوتات الأزياء ،
هرول بكل الإتجاهات ليحظى بخصوصية تميزه عن أقرانه .
كان يتوق للقب رفيع يضيفه للقبه : رئيس وزراء - مثلا - او وزيرا لوزارة سيادية كالمالية او الخارجية . دون سواهما من وزارات!!.
ذاكرته حادة ووقّادة ، يستذكر أحداثا نسيها البعض ، يحفظ آرقاما وتواريخ ، يوردها عن ظهر قلب .
ابتسامته تبدو -أحيانا - مداهنة ، حديثه عذب لبق ، لا يتكلف في إختيار الكلمات ، لا يلثغ حين يُستفز . يدري - يقينا يدري - إن كثيرين ممن حوله يداهنوه ليفوزوا برضاه ، أو يحوزوا على كرم عطاياه . شحيح العطاء حينا . بالغ الكرم في آغلب الأحيان .يسمي البخل والشحة (( إقتصادا )) . وكان يستل من الحكمة : إعمل لدنياك كأنك تعيش آبدا ، وإعمل لآخرتك كأنك تموت غدا . شطرها الأول ويهمل شطرها الآخر …و….وكان يفزع من ذكر الموت في حضرته.
………..
قال الذي غسله ولفعه بقماش من خام عادي ، يتساوى فيه البالغ الثراء والمدقع الفقر : لمحت جرحا على شفته السفلى ،، لعله عض عليها حتى ادماها .. ندما على ما إقترف ، وندامة على ما لم يقترف !
لم إذن كان كل ذاك اللهاث والتسابق إذا كانت الخاتمة .. متران من الإرض . والكفن من خام رخيص ، والمضجع مهد من تراب ، واللقب ( المرحوم ) .
ها !؟
متران من الأرض.. تكفي!
[post-views]
نشر في: 25 مايو, 2016: 09:01 م