سلام العبوديفي بداية عقد 1970، نشرت جريدة (لوموند دبلوماتيك) الشهرية الفرنسية، وهي جريدة لها صيت تمتاز بدقة وصدق وغزارة معلومات مادة محتوياتها، نشرت تقريراً حول ثوار ظفار في جنوب الجزيرة العربية المحتل آنذاك من قبل بريطانيا، وهذا الموضوع قمت بترجمته في حينه. يذكر الصحفي في تقريره اسم الخليج العربي وليس "الخليج الفارسي".
الملحق الصحفي في السفارة الإيرانية لدى باريس اطلع على التقرير، فكتب رسالة إلى إدارة الجريدة يحتج فيها على تسمية الخليج العربي باسمه الصحيح ويصر على وجوب التصويب إلى "الخليج الفارسي". ولكون الجريدة شهرية، فقد أحالت رئاسة تحرير الجريدة الرسالة على الفور إلى معد التقرير الذي قام بدوره بإعداد رد وافٍ ضمنه قائمة بأسماء موسوعات وكتب جغرو سياسية موثوقة تؤكد بصورة قاطعة على أن الخليج هو خليج عربي وليس فارسياً. وقد تضمن العدد اللاحق من (لوموند دبلوماتيك)، وفي نفس الصفحة، نص رسالة الملحق الصحفي الإيراني وإلى جوارها الرد عليها الذي أعده الصحفي كاتب التقرير. كان هذا زمن الشاه المقبور علي رضا خان وطموحاته غير المشروعة في التفريس متجاهلاً أن الخليج في وثائق الخارجية البريطانية يسمى خليج البصرة كما إن الأتراك حتى الوقت الحاضر يسمونه خليج البصرةBasra Körfezi وكانت التسمية ذاتها في كتبنا الدراسية. وهو خليج عربي لأنه محاط بأراضي دول عربية مطلة عليه: السعودية، العراق، الإمارات، الكويت، عمان، قطر، البحرين، وعربستان التي هي وكوردستان إيران وأقاليم أخرى تشكل دولة إيران الحالية؛ ومعلوم أن عربستان المسماة فارسياً "خوزستان" قد ضمـت في عهد علي رضا شاه بهلوي إلى بلاد فارس عام 1925 إثر مؤامرة دبرتها بريطانيا وعلي رضا شاه بهلوي لغرض اعتقال شيخ العراقين الشيخ خزعل الكعبي وسجنه حتى وفاته وضم إمارة الحكم الذاتي في المحمرة لسلطة طهران. في العام الماضي، استضافت طهران دورة ألعاب التضامن الإسلامي الرياضية الثانية في تشرين الأول. وفي مرحلة الإعداد لهذه الدورة الدولية، أعدت طهران ميداليات ومطبوعات وضعت عليها كلمة "الخليج الفارسي"؛ فاعترضت المملكة العربية السعودية وعدة دول مطلة على الخليج العربي وطالبت بتغييرها أو حذفها كما ربطت مشاركتها في الدورة بتلبية هذا المطلب؛ غير أن إيران أصرت على ما فعلت وهددت بإلغاء استضافتها الدورة رغم مبلغ أكثر من 10 ملايين دولار الذي أنفقته وبعدم مشاركتها في ألعاب الدورة مستقبلاً، لكون غايتها كانت أصلاً تثبيت فارسية الخليج العربي. وإصراراً على هذا الموقف الذي لا يهدف إلا إلى افتعال الأزمات، انعقد في طهران، يوم الأربعاء 29 نيسان، "ملتقى الخليج الفارسي" الذي شارك فيه عدد من الشخصيات السياسية الإيرانية من شتى الأطياف. ونورد هنا بعضاً من التصريحات التي أدلى بها صناع القرار في طهران أثناء انعقاد الملتقى: - الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي: "إن جميع الوثائق التاريخية والقانونية لهذا الموضوع تثبت وبشكل عام أن اسم الخليج الفارسي لا يمكن تغييره مطلقا، وإن تحركات بعض الدول العربية في هذا الشأن هي تحركات سياسية تأتي في إطار دعم القوى المستكبرة." - وزير الخارجية الأسبق، علي اكبر ولايتي الذي نجح في تغيير اسم الخليج العربي إلي الفارسي في عدد من الدوريات العلمية والسياسية أثناء توليه منصبه والذي يشغل حالياً منصب مستشار قائد الثورة الإسلامية في الشؤون الدولية، قال : "إن الخليج الفارسي هو الهوية الوطنية للإيرانيين ويجب التصدي لكل من يسعى إلي تغيير اسم الخليج الفارسي ، وان مشروع تسمية الخليج الفارسي بالعربي هو مؤامرة بريطانية، حيث طرح البريطانيون من قبل هذا الأمر و زعموا بما أن السكان القاطنين على سواحله ناطقون بالعربية فيجب تسميته بالخليج العربي، في حين أن هذا التصور هو تصور فارغ ولا أساس له؛ وإن هذا الاسم سيستخدم في تطوير ونمو وازدهار إيران". إن استخدام الاسم "الخليج الفارسي" في ازدهار إيران لا تفسير له إلا كونه سيوفر لطهران "شرعية" احتلال جزر أخرى فيه كما فعلت مع جزر الإمارات الثلاث.. واستغلال نفطها لصالح الاقتصاد الإيراني؛ ولم يكف لعاب طهران عن السيلان باتجاه البحرين التي هي إحدى جزر الخليج العربي وهي الدافع لإصرارهم على هذا الاسم. ومن حين لآخر، نسمع أو نقرأ تصريحا لواحد من أقطاب الحكم في طهران يجتر فيه كلام من سبقوه والذي مفاده أن البحرين محافظة إيرانية! وبعد أن يثير زوبعة من الاحتجاجات والاستنكار، يخرج ناطق باسم الخارجية الإيرانية لتطويقها بالتقليل من شأن ذلك التصريح واعتباره لا يمثل الموقف الرسمي الإيراني!! ونجبر أنفسنا على التصديق لكونهم وفق المثل: "ناس تجر طول..وناس تجر عرض"، ولكن معمعة متطرفي طهران تزيدنا قناعة بأنهم يخفون تحت أبطهم أطماعاً لا حد لها. - رئيس مجلس الشورى الإسلامي، علي لاريجاني: "إن اسم الخليج الفارسي لا يتغير ببعض المؤتمرات واللقاءات والإجراءات التي لا قيمة لها، وان على دول المنطقة أن تصون المصالح الإقليمية بدراية ويقظة. إن مشاكل الدول العربية لا يمكن حلها بمثل هذه الأعمال. " - رئيس مجلس الش
من يخرّب علاقات إيران مع الآخرين ؟؟
نشر في: 25 يناير, 2010: 06:19 م