اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الوطنيّة ليست حكراً على مكتب رئيس الوزراء

الوطنيّة ليست حكراً على مكتب رئيس الوزراء

نشر في: 27 مايو, 2016: 06:00 م

 كم مِن السنين وكم من التجارب الفاشلة يحتاج مَنْ في أيديهم الحلّ والربط في دولتنا حتى يدركوا أنهم في الغالب لا يفكرون بطريقة صحيحة ولا يعملون بطريقة سليمة، وأن من الخير لهم وللبلاد والعباد أن يستمعوا إلى مَنْ يقول لهم كلاماً كهذا، وألّا يتعاملوا مع هذا الـ "مَنْ" بوصفه عدواً أو مُزاحماً لهم في امتيازاتهم وطامعاً في واحد من الكراسي التي يقعدون عليها؟!
قلنا لهم الأُسبوع الماضي إنّ توجيه الاتهامات جزافاً إلى المتظاهرين بوصفهم مندسّين وبعثيين أمر معيب ما دام ليس في وسعهم إقامة الدليل على ما يقولون على نحو واضح لا يحتمل اللّبس والتأويل.
 إنه في الواقع أمر مهين لنا نحن متلقّي هذه المعلومات، لأنهم بهذا يستخفّون بمقدّراتنا العقلية وينتقصون من وطنيتنا، فهم وحدهم يعرفون، وهم وحدهم بالتالي من لديهم القدرة على منح شهادات الوطنية لمن يريدون، أما نحن فلا نعرف كما يعرفون، ولا نميّز كما يميّزون بين ما هو وطني وما هو غير وطني..  
إنهم يبدون، على هذا الصعيد، كما لو كانوا نسخة طبق الأصل لصدام حسين، يقلّدونه في كلّ شيء ويتصرفون مثله تماماً، ومثله أيضاً يريدوننا أن نقبل بكل ما يصدر عنهم من قول وفعل.
هذا الأسبوع عادوا ليحدّثونا عن "تصعيد خطير" تنوي القيام به "جماعات معينة" يوم  الجمعة (أمس)، فيما البلاد منصرفة إلى حربها مع داعش لتحرير الفلوجة، مما يستوجب وقف التظاهرات ريثما تنتهي معركة الفلوجة.
أصحاب هذا الكلام، وهم رئيس الوزراء ومكتبه الإعلامي، اختاروا مرة أخرى أن يمارسوا لعبة الاستهانة بقدراتنا المعرفية وبوطنيتنا، فلم يشاؤوا إشراكنا "سرّهم" المقدّس لنعرف منهم شكل ولون ورائحة "الجهات المعينة" التي قالوا انها تحضّر لـ "تصعيد خطير".. هذا السرّ متخصّص بهم بوصفهم الآلهة، أما نحن فالرعية التي ليس لها أن تعرف.. كلّ ما لها وما عليها هو أن تصدّق ما يقوله لها كهنة المعبد الحكومي!
هذا الذي أتحدث عنه ليس من الإعلام في شيء.. إنه كلام "فهلوة" غير مقبول وغير مجدٍّ.. المقبول والمجدي أن يتحدث رئيس الوزراء ومكتبه الاعلامي بشفافية.. بكل الشفافية وليس بجزء منها. الشفافية، وليس الكتمان او التدليس، هي ما يصنع الاعلام الناجح. كان يتعين عليهم ان يقدموا لنا نماذج من المندسين والبعثيين من العشرات ممن اعتقلوهم الاسبوع الماضي، وأن ينشروا نتائج التحقيق معهم. وكان يتوجب عليهم أن يبثوا معلومات مفيدة عن "الجهات المعينة" وعن "التصعيد الخطير" الذي أزمعت عليه هذه الجهات.
  يهمّنا نحن أن نعرف مَنْ يندسّ إلى التظاهرات، وأين يوجد البعثيون وسواهم فيها.. ونحن ايضاً نرغب في أن نتعرف على مَنْ يسعى للتصعيد الخطير في الجبهة الخلفية    بينما الجيش والشرطة وسائر القوى المسلحة تخوض معركة "كسر الإرهاب" في الفلوجة، فنحن  وطنيون بالقدر الذي يرى فيه رئيس الوزاء ومكتبه الإعلامي أنهم وطنيون... الوطنية ليست حكراً عليهم، ولا علينا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. راصد

    هناك مقولة سياسية تقول :النظام بخلق معارضة تشبهه. فلا نستغرب أخي الأستاذ عدنان بعد ذلك بأن بعمل هذا النظام بنفس عقلية نظام صدام.

  2. راصد

    هناك مقولة سياسية تقول :النظام بخلق معارضة تشبهه. فلا نستغرب أخي الأستاذ عدنان بعد ذلك بأن بعمل هذا النظام بنفس عقلية نظام صدام.

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram