تزامنا مع انطلاق عملية تحرير الفلوجة من سيطرة تنظيم داعش ، أبدت دول عربية شقيقة قلقها على مصير آلاف المدنيين المحاصرين داخل القضاء الخاضعين لسيطرة تنظيم داعش منذ اكثر من عامين . الدول الشقيقة سخّرت وسائل إعلامها لإنقاذ الأبرياء من قصف الحشد الشعبي واعماله الانتقامية ، هناك من صدّق هذه المزاعم ، في ظل غياب الموقف العربي الموحد لمواجهة الارهاب . الحكومة العراقية لطالما اعلنت حصولها على الدعم الدولي والاقليمي لمساعدتها في حربها ضد العصابات الإرهابية ، على إثر ذلك تشكل التحالف الدولي بمشاركة دول عربية لضمان استقرار أمن المنطقة.
منذ تشكيل الحكومة الحالية وباتفاق اطرافها ، ابدت استعدادها للتعاون مع دول الجوار في المجالات كافة ، لتطوير العلاقات الثنائية بما يضمن المصالح المشتركة ، ونصت وثيقة الاصلاح السياسي على تبني سياسية خارجية واضحة لتصحيح اخطاء السنوات السابقة ، في اشارة الى ان الحكومة السابقة فشلت في استعادة حضور العراق في المحيط الاقليمي . الجهد الدبلوماسي توجه نحو الجهة الشرقية حتى وصلت العلاقة بين بغداد وطهران الى حد اثار استياء الأشقاء العرب ، لوجود خلل في عقلية الأنظمة العربية ، جعلها تنظر الى العراق بوصفه الحديقة الغربية لايران .
الاحزاب المشاركة في الحكومة الحالية شكلت طرفي معادلة مختلة ، منها من يرتبط بايران بعلاقات متينة ، والآخر اطلق صرخات استغاثة داعيا العرب الى انقاذ العراق من الاحتلال الايراني . على هذا الايقاع المضطرب ، فشلت محاولات البحث عن قواسم وطنية مشتركة ، تؤكد تماسك وحدة البيت العراقي ، الحكومات المتعاقبة لم تستطع ان تمسك العصا من الوسط ، على مدى اكثر من عشر سنوات ارتفعت وتيرة تبادل الاتهامات في الساحة السياسية العراقية لتعكس صورة اخرى من الصراع الدائر في المنطقة .
من الطبيعي جدا ، بوجود قوى سياسية مشاركة في الحكومة الحالية مرتبطة بدول خارجية صديقة وشقيقة ، لايمكن بلورة موقف موحد تجاه العديد من القضايا ، لا سيما ان الخلافات الشائكة ، ظلت مؤجلة تُرحّل من الدورة التشريعية السابقة الى الحالية ، وفي ضوء الخلاف المزمن يصبح الحديث عن معركة الفلوجة فرصة لتجديد تبادل الاتهامات ، لكنها هذه المرة امتدت الى المحيط الاقليمي ، فتخلى المشاركون العرب في التحالف الدولي عن محاربة الارهاب ، واختزلوا النظر الى القضية من زاوية ضيقة ، انطلاقا من دوافع طائفية ، وكان الاجدر بالدبلوماسية العراقية ان تتحرك للحصول على دعم رسمي لمعركة تحرير الفلوجة.
المواقف الرسمية العربية تجاه مجريات الاحداث في العراق تحركها البوصلة الطائفية وهي في كل الاحوال خاضعة للتغيير بعد جولة سريعة يقوم بها مسؤول اميركي في بعض عواصم المنطقة ، فيتحول القلق الى تأييد مع صدور توجيه الى الاذاعات ببث اغنية زعلان الاسمر ما يكلي مرحبا ، وبغداد يا قلعة الأسود.
زعلان الأسمر
[post-views]
نشر في: 29 مايو, 2016: 09:01 م