TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وزارة...للسعادة

وزارة...للسعادة

نشر في: 30 مايو, 2016: 09:01 م

يكاد يكون الإحساس برتابة الأيام وتشابهها شكوى عامة بين الناس، فالايام تمر وكأنها نسخ مكررة عن بعضها ولاشيء جديد إلا الاحداث المغرقة في المأساة والالم والفواجع..وتتسع دائرة الملل حتى لنظن ان اشكالنا هي ذاتها لاتتغير..ننظر صباحا الى المرآة..لاجديد..وجوهنا هي هي..معالمنا لم تتغير إلا من شعيرات بيضاء تمارس غزوا تدريجيا على شعرنا واحيانا اكتساحا كاملا!!
وعبر مرآة الزمن الماضي، نطل برؤوسنا لنرى ان كان قد توقف الزمن عند نقطة واحدة فنكتشف ان الزمن يتغير لكننا لانشعر به لشدة الملل والاحساس بالرتابة..
إذن، المشكلة في رتابة ايامنا، ورتابة عمرنا تكمن في تحولنا الى مايشبه الانسان الآلي فنحن مسجونون داخل انفسنا في قفص نعجز عن الخروج منه ونخشى ان نسعى الى التغيير والتحديات احيانا لئلا يعتبره الآخرون نوعا من البطر فان غيّرنا اشكالنا بطر واذا نسفنا اسلوب حياتنا اليومي وسلكنا سبيلا جديدا للتعامل مع الآخرين فهو خروج على المألوف وان بحثنا عن المغامرة فهو إلقاء بانفسنا الى التهلكة..
كيف يمكن ان نحدث تغييرا في حياتنا اذن اكثر من مجرد الشكوى من رتابتها..وهل يمكن غض الطرف عما يجري حولنا من احداث سياسية؟ هل نغلق التلفاز ونلغي مواقع التواصل الاجتماعي لنبتعد عن صور القتل والدمار وتصريحات رجال السياسة؟ هل نسير مطأطأي الرؤوس في الشوارع لكي لانرى تعاسة الآخرين ومتاعبهم وهل نسد آذاننا لكي لانسمع احاديث المسؤولين عن بناء البلد وتغييره واصلاح مواطن الفساد ومحاسبة المسيئين فيه، هل نكف عن تنشق الهواء لكي لانشم عفن الفساد الذي لوثه؟...هل نستغني عن حواسنا كلها لكي نعيش في مأمن من الغضب والألم والملل ولكي ننفض عن حياتنا غبار الرتابة؟... سنفقد حواسنا في هذه الحالة لنحظى بالسعادة فهل يتسق البحث عن السعادة مع فقدان الحواس والتحول الى اجساد خاوية لاترى ولاتسمع ولاتتكلم!
في دولة الإمارات العربية المتحدة تم استحداث وزارتين إحداهما للسعادة والأخرى للتسامح..في ما يخصنا، قد نعتبر ذلك بطرا فكثرة الوزارات ترهق كاهل الدولة وتعزز وجود البطالة المقنّعة لدينا، أما في الإمارات ومن يحذو حذوها فسعادة الشعب واشاعة روح التسامح بين ابنائه من اهم اولويات حكومته ويستحق ذلك استحداث وزارات كان اول قرار صدر عنها زيادة رواتب المواطنين..أي سعادة اكثر من أن يصحو المواطن على احساس جميل بأن الحكومة تشعر بمتاعبه وتسعى لمنحه السعادة، بينما نصحو يوميا على اخبار الموت والخوف من الآتي والقرارات الجائرة بتخفيض الرواتب واغلاق ابواب الرزق بوجوه العديدين لاسباب مختلفة..
لانريد وزارات للسعادة والتسامح فنحن لانريد ان يتهمنا أحد بـ(البطر)..لسنا نطمع في اكثر من تغيير لواقعنا نحو الأفضل..نريد ان نستعيد احساسنا بالأمان..بالثقة بالمستقبل..بالايمان بحكوماتنا وبسعيها الجاد لخدمتنا..ولأن هذه الرغبات البسيطة مازالت مستحيلة، سنظل إذن محبوسين في دوائر الرتابة واليأس او نتخلى عن حواسنا تماما فلا نرى ولانسمع ولانتكلم!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram