TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإصلاحُ المُبتلى برئيسِ وزراءٍ "تكنوقراطيّ" ...!

الإصلاحُ المُبتلى برئيسِ وزراءٍ "تكنوقراطيّ" ...!

نشر في: 30 مايو, 2016: 06:47 م

لا نتوقّع أن يكون دعاة "حكومة التكنوقراط المستقلة" أولاً قد اقتنعوا بأنّ شعارهم هذا لا علاقة له، في ظِلّ نظام المحاصصة الطائفية، بالمطالبات الشعبية الداعية للإصلاح والتغيير على قاعدة تأمين الكهرباء والخدمات الضرورية للحياة وبسط الأمن بهزيمة داعش وحصر السلاح بيد الدولة ووقف التعدّيات على الموطنين ووضع حدّ لانتهاك الحريّات. وليس من المتوقع أنهم اقتنعوا أيضاً بأنَّ إنهاء المحاصصة الطائفية ضربٌ من الإعجاز عبر تشكيل حكومة تكنوقراط، مستقلة كانت أم مُشتبه باستقلاليتها. ولو أنهم تابعوا ما نتج عن تصعيد التظاهرات بالاقتحام " الثوري" للبرلمان و"تلويث قنفة الرئيس العذرية اللون"، وتصدّر مشعان ومَنْ هم على سويّته اعتصام النواب المعروفة سيرة أغلبيتهم لدى العراقيين، لربما أمعنوا التفكير بأنّ دعواتهم وما حرّضوا عليه من تصعيدٍ خاطئ، أدّت إلى تعطيل أيّ مسارٍ يفضي للإصلاح أو لتدابير حكومية وتشريعاتٍ برلمانية  من شأنها دفع عجلة الإصلاح.
وما ترتّب على التصعيد الخاطئ في واقع الحال، أكد بشكلِ قاطع على أنَّ الوهم بأنَّ "حكومة تكنوقراط" هي المَعْبَر لتحقيق الإصلاح وإنهاء المحاصصة، ليس سوى أضغاث أحلامٍ وهروب إلى الأمام. فها هو البرلمان قد عُطِّل، وبتعطيله شُلّتْ مفاصل الدولة وإرادة الرئاسات والمصالح العامة المرتبطة بالسلطة التشريعية، بل على العكس من ذلك، أكدت لكلِّ متلبسٍ بالوهم أنَّ البرلمان انما هو "أداة ومُحرّك" المحاصصة الطائفية والوليد الشرعي لنظامها وآلياتها، والمُعبِّر عن مصالح مكوّناتها الحزبية الطائفية. ومن دون الاحتكام لقواعد عملها، والارتهان لأصواتها المقررة، يظلُّ الحديث عن تغييرٍ في بنية النظام وآلياته وقراراته "مِثْلِ اليِلمّ بالماي يردّ چَفّهَ خالي"  كما تقول الأُغنية الشعبية الحكيمة !
ولا داعي لأنْ نذهب بعيداً، فهذا رئيس مجلس وزرائنا "مُهندس الدعوة" لحكومة تكنوقراط مستقلة، هو " تكنوقراطي" مصنَّف، خرّيج جامعات وليِّ نعمتنا "أبو ناجي"، وتأهّلَ في مؤسساته وشركاته العريقة، ومع ذلك ظلّ أسير إرادة حزبه "من الباطن" وكتلته الطائفية، وعجز في غياب البرلمان عن أن يُعالج عشرات الثغرات الدستورية في أجهزة الدولة ومعالجتها هي من صلاحيّاته لا تشترط عرضها على البرلمان والتصويت عليها.
لقد حان الوقت لنتنبّه من الشِباك التي يُراد لنا التدحرج فيه، والضياع في متاهة المطالب "التخديرية" التي لا طائل من ورائها، وإلّا لن نجد أنفسنا يوماً الا غرباء في ساحة التحرير وسوح الاحتجاج الأخرى، نتلفّت فلا نجد سوى مشعان وحنان وعالية والأشكال التي تصدَّرتِ اعتصام البرلمان وهم يطالبون بالتغيير الجذريّ للنظام وليس بالإصلاح المُجتزأ.
ويوم ذاك سنكون من زمرةِ "المُندسّين" ..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram